لم تحقق ورشة العمل التي أقامتها منظمة هود والشبكة اليمنية لحقوق الإنسان حول (مراجعة القوانين ومشاريع القوانين المتعلقة بالمجتمع المدني)، ما رسمت لها من أهداف تتعلق بمناقشة مستفيضة لبنود القوانين. الورشة التي أقيمت صباح اليوم الاثنين بصنعاء تحولت إلى مناكفات سياسية واتهامات متبادلة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممثلة بوكيل الوزارة علي صالح عبدالله، وبين ممثلي منظمات المجتمع المدني.
واتهم وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل علي صالح عبدالله المنظمات المدنية بالعمل ضمن أفكار وهواجس الأحزاب التي ينتمي لها العاملون فيها.
وقال صالح أثناء ورشة العمل التي زادت فيها وتيرة الاتهامات المضادة "الهاجس الأمني والحزبي للأسف يسيطر على عقول العاملين في المنظمات، ونقول لهم أن العمل الحزبي يفسد العمل المدني ويعطله تعطيلاً كاملاً، وكثير من المنظمات المتواجدة والمعروفة لا تعمل إلا من وراء عمل حزبي".
وأشار إلى أن الوزارة تقدم 350 مليون ريال سنوياً، بنسبة 80% للاتحادات والنقابات بشتى أنواعها، فيما يتم توزيع 20% للمنظمات، والتي قال أن عددها 200 منظمة فقط.
وأوضح أن عدد المنظمات العاملة في اليمن والمسجلة لدى الوزارة حتى يونيو من العام الحالي، بلغت 7400 منظمة، لافتاً إلى أن أكثر من 500 منظمة جديدة قدمت طلب للحصول على تصاريح للعمل، مستغرباً من ازدياد عدد المنظمات بشكل غير مسبوق، قائلاً " اليمنيين لديهم الحب الواسع في العمل المدني، ولكن لا يعلم أحد ما وراء الأكمة التي تقوم من أجلها تلك المنظمات".
وقال صالح إن "هناك تجاوزات من قبل الوزارة ومن المنظمات المدنية فيما يتعلق بانتقائية ممارساتها القانونية، بحيث أن كل طرف يقوم باختيار النصوص التي يرى أنه سيستفيد منها"، متهماً المنظمات بالتطاول الدائم على المسؤول الحكومي.
وأكد أن وزارته قامت بتعديل 12 بنداً في القانون الحالي، مشيراً إلى أن منظمة هود قدمت "قانون ملائكي لا تستطيع تنفيذه إلا الملائكة ولن يتنفذ إلا في النرويج أو سويسرا وليس في اليمن". في إشارة منه إلى مشروع قانون تقدمت به هود بشأن إنشاء وتنظيم عمل منظمات المجتمع المدني.
من جانبه اتهم المحامي محمد ناجي علاو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعجيز الدائم للمنظمات المسجلة في الوزارة والتي تريد التسجيل أيضاً، مؤكداً بأن أحكام التسجيل التي طرحتها الوزارة في قانونها الجديد تأخذ نفس أحكام التصريح، بحيث يواجه من يريد تسجيل منظمته عراقيل كثيرة تمنعه من التسجيل.
كما اتهم علاو الحكومة بالوقوف وراء إنشاء ال7400 منظمة الموجودة حالياً، والمسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، متهماً المنظمات التي تتلقى دعم حكومي بالعمل من أجل تعطيل حقوق المنظمات الأخرى التي تعمل بجدية ونزاهة.
وقال علاو " أكبر المؤسسات الخارجة عن القانون، هي المؤسسات الأمنية التي تتجاوز حدودها حتى أنها تتحكم بالوزارات والمؤسسات الحكومية"، مشيراً إلى أن العديد من المنظمات تحصل على أكثر من 15 مليون ريال، وهي غير موجودة بعملها في الواقع، قائلاً " إن ما تقدمه الوزارة لتلك المنظمات نوع من الفساد، مادامت تلك المنظمات لا تقدم بها مشاريع للمجتمع اليمني".
ورداً على ما قاله وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية حول "القانون الملائكي"، قال علاو " نحن لسنا قرود، إنما نحن بشر ويجب أن يكون لنا كمسلمين الحقوق والحريات كأقل القليل مثل اليهود والنصارى، ولكن الحكومة تقف موقف المعاند من أجل أن تثبت قانونها الشيطاني".
وقالت أمل الباشا رئيس منتدى الشقائق العربي في مداخلة لها "أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أصبحت وزارة إيراديه"، وأشارت إلى أن الوزارة تقوم بجمع مبلغ (250) مليون ريال سنوياً من المنظمات الموجودة، مقابل الترخيص السنوي الذي يقدر ب(2500) ريال..
وأضافت "مشكلة الحكومة مع المنظمات، هي أن الأخيرة تقوم بفضح الانتهاكات والممارسات اللا أخلاقية التي يقوم بها الأمن، فتشكل تلك المنظمات صداع للحكومة، لهذا فقد عطلت الحكومة الديمقراطية".
وأوضحت بأن حوالي 5 مؤسسات إعلامية خارجية قامت بزيارة اليمن في وقت سابق، إلا أن من أسمته ب"الرفيق" وهو الأمن القومي، ظل يرافقهم إلى كل مكان يذهبوا إليه، في صورة تنم عن خوف الحكومة مما قد تنقله تلك المؤسسات".
وبدوره، تحدى المحامي خالد الانسي المدير التنفيذي لمنظمة هود، الوكيل علي صالح عبدالله بالإعلان عن أسماء المنظمات التي تقوم الوزارة بدعمها، متهماً الوكيل بالخوف من الإعلام وقال "لو كنت تعرف أن هناك وسائل إعلام لما حضرت", الأمر الذي زاد من سخونة الاتهامات وخروج النقاش عن محوره الأساسي.
وقال الآنسي "إن الحكومة تحتقر المواطنين مع إنه كان عليها أن تتعاون وتؤيد ما قدمته المنظمات من قانون بديل لقانونها، لكنها تحارب قوانيننا بقوانين شيطانية".
وأضاف "المنظمات المتواجدة والمسجلة غير معروفة, وهدفها فقط التحايل على الدعم الخارجي لمنظمات المجتمع المدني المعروفة"، مؤكداً في سياق حديثه إلى تواجد شخصيات عسكرية ترأس تلك المنظمات التي لا تظهر على الساحة".
وواصل حديثه مخاطباً الوكيل صالح "من يبرر الفساد يصبح جزء من الفساد" في إشارة ضمنية منه لحديث الوكيل علي صالح، وحينها اضطر وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل علي صالح عبدالله لمغادرة ورشة العمل منسحباً. وتلاه انسحاب عدد من الحاضرين الذين قالوا "أن الورشة تحولت من مناقشة للقانون، إلى مناكفات سياسية".