أحال مجلس النواب تقرير الأداء الحكومي للعام 2009م للجان المختصة لدراسته وتقديم تقرير بشأنه للمجلس خلال الجلسات المقبلة، وسط انتقادات من نواب المعارضة لرئيس الحكومة علي مجور. النائب زيد الشامي نائب رئيس كتلة الإصلاح اعتبر التقرير المقدم "سياسيا وليس تقريرا عن الأداء"، معبرا عن أسفه لما جاء في كلمة رئيس الوزراء من مهاجمة للأحزاب السياسية الذي قال "إنها تعمل تحت مظلة الدستور والقانون".
وأضاف مخاطبا رئيس الوزراء "أن تلك الأحزاب ليست متسولة، ونحن نعرف الذين يتكسبون من الحروب وأنتم تعرفونهم كذلك".
وكان مجوّر قد عبر في كلمته أمام مجلس النواب اليوم السبت عن أسفه لتحول التحديات التي تعترض مسيرة التنمية إلى مجال "للتكسب السياسي من بعض الأحزاب السياسية".
لكن النائب الشامي عبّر عن رفضه لحديث مجور قائلاً: "لا نقبل أن يقال عنا هذا الكلام الذي يشكك في النوايا والأفعال"، مطالباً رئيس الوزراء بالكف عن هذا الخطاب وترك هذا الأسلوب في إدارة الخلاف الذي أدخل البلاد في هذه الأزمات والمشاكل المتعددة.
كما أثارت كلمة مجور غضب رئيس كتلة الحزب الاشتراكي النائب عيدروس النقيب الذي وصف الكلمة "بالمقالة السياسية التي كان بالإمكان رؤيتها في افتتاحية الصحف الرسمية أو صحف الحزب الحاكم كون المساحة فيها كافية لسب الأحزاب والتهجم عليها". حسب قوله.
وقال النقيب: "كنت أتمنى على رئيس الوزراء أن يأتي بتقرير يساعد على التوفيق لا التفريق، وتشخيص المشكلات وتقديم مقترحات للحلول الكفيلة بخروج البلاد من كافة التحديات والأزمات التي تعيشها"، معتبرا أن هذا النوع من الأداء لا يحل مشاكل البلد "وإنما يدفعها لمزيد من التمزق".
وحضر في جلسة اليوم رئيس الوزراء ونواب وأعضاء في الحكومة، لمناقشة تقرير الأداء الحكومي لعام 2009.
وقال رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور في كلمته أمام البرلمان إن حكومته أنجزت 11% من البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح خلال السنة الماضية، لتصل النسبة خلال الفترة 2006-2009م إلى 43 % من إجمالي فترة تنفيذ البرنامج الممتدة للانتخابات الرئاسية في 2013م.
وتحدث مجور عن التحديات التي واجهت حكومته العام الماضي ومن بينها انخفاض أسعار النفط وتناقص إنتاجه، وتأثير ذلك على موارد الدولة قال إن الحكومة أنجزت 62% من خطتها في ذات العام.
ولفتت رسالة مجور إلى تمكن الحكومة من تضيق الخناق على تنظيم القاعدة وموارده المالية والحد من عملياته الإرهابية إلى جانب إغاثة نازحي صعدة جراء التمرد الحوثي بتأمين 13 مخيماً استوعبت 80 ألف نازح من أجمالي 350 ألفاً، وإعادة أعمار 9 ألاف منشأة في النصف الأول من عام 2009م قبل اندلاع الحرب السادسة.
وتحدث الدكتور مجور عن تحديات تواجه حكومته، تتمثل في بطء نمو معدلات الالتحاق بالتعليم العام والنقص في المبنى المدرسي والاحتياجات المتزايدة للطاقة الكهربائية وأزمة الموارد المائية، وكذا ارتفاع نسبة الأمية وتزايد معدلات البطالة وغيرها من التحديات والصعوبات التي شهدها عام 2009م في ظل محدودية الموارد والإمكانيات. لكنه قال إن هذه المؤشرات ليست إعلاناً عن حالة الإحباط والتشاؤم، ولكنها نظرة إصرار وعزيمة للتغلب على هذه التحديات بالاعتراف بها كمشاكل عامة تشغل الرأي العام.
وشهدت السنة الماضية اهتماما متزايدا بتنفيذ منشات خليجي 20 المزمع تنظيمها في اليمن الشهر القادم، إضافة لاستكمال إنشاء محطة مأرب الغازية الأولي بقدرة 341 جيجا وات، للحد من انقطاعات التيار الكهربائي وتشغيل مشروع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، وتنفيذ طرق داخلية ودولية بطول 1235 كيلومتر ليصل إجمالي أطول الطرق في إلى 15 ألف كيلومتر. حسب مجوّر.
وقال إنه تم تسجيل 272 مشروعا استثماريا كلفتها 315 مليار ريال وتشغيل 116 مشروعا ب45 ملياراً، إلى جانب زيادة في تخصيص قروض ومساعدات خارجية بنسبة 83% بارتفاع 13% مقارنة ب2008م.
كما قال إن انخفاض النفط الخام المنتج من الحقول اليمنية تراجع إلى 4% بالمقارنة ب8% متوسط انخفاضة للأعوام 200-2008 وكذا تمكن الحكومة من ترشيد النفقات العامة بحوالي 376 مليار ريال مقارنةب2008م.
وخلال كلمته، أشار رئيس الوزراء إلى أن حكومته تتعامل مع كافة أشكال التحديات التي تواجهها وفقا للدستور والقانون، ومنها تصديها لممارسات من أسماها ب"العناصر الخارجة عن القانون" في المحافظات الجنوبية، إلا أن النائب عيدروس النقيب رفض تسمية مجور، وقال "تلك حركات احتجاجية سلمية، والخارجون عن القانون هم أولئك الذين يقتلون المواطنين الأبرياء في الجنوب، وناهبو الأراضي والعابثون بالمال العام"، داعيا مجور للاعتذار للمواطنين في الجنوب الذين قتل أبناؤهم من قبل أفراد الأمن.
أما النائب المستقل ناصر عرمان فقال من ناحيته "إن تقرير الحكومة ليس تقرير أداء وإنما تقرير عداء للشعب من قبل الحكومة"، مضيفاً: "لا أدري عن أي أداء تتحدث الحكومة والأوضاع الاقتصادية والأمنية لا تبشر بالخير".
ودعا عرمان البرلمان إلى "عدم الكذب على النفس وإقناعها بمناقشة أوضاع البلاد من خلال كتاب لا يتضمن أدنى حل لمعالجة ما يعانيه المواطن من أزمات طاحنة".
من ناحيته أبدى النائب المستقل علي عبدربه القاضي استغرابه من حديث الحكومة عن جهودها في مواجهة التحديات الأمنية في الوقت الذي تتعرض فيه الطرق للتقطعات وتبني المتاريس وتسفك الدماء في كثير من المحافظات. حد قوله.
وفما يتعلق بحديث مجور عن التحديات الاقتصادية، علق القاضي بالقول إن "مقدرات البلاد يستحوذ عليها المتنفذون في الحزب الحاكم دون عامة الشعب"، معتبرا أن الحوار الوطني الصادق هو "سبيل النجاة من غرق البلاد وليس الحوار التكتيكي الكاذب".
وفيما وصف النائب عبدالله المقطري تقرير الأداء الحكومي ب"الشفاف"، قال إن المؤشرات الاقتصادية الواردة في التقرير مؤشرات سيئة لأبعد الحدود، ولا تبعث على الاطمئنان، منتقدا تزايد عجز الموازنة العامة للدولة سنة بعد أخرى، حيث ازداد العجز خلال العام 2009م بنسبة 8.3% من إجمالي الناتج المحلي للعام 2008م، مرجعاً ذلك العجز إلى الاختلالات الكبيرة والتي في مقدمتها عدم الاهتمام بتنمية الموارد.
واقترح المقطري في إطار حديثه عن تراجع نسبة استخدام القروض والمنح والذي بلغ في بعض الوزارات نسبة صفر في المائة، تشكيل وحدات تنفيذية لهذه القروض "بعيدا عن التعامل بالمنظور الحزبي والمحسوبية"، مضيفاً إن انخفاض نسبة استخدام القروض مشكلة غاية في الأهمية باعتبار أن ذلك سيقلل من ثقة المانحين في تقديم أية قروض أخرى.
وخلافا لما ذهب إليه كثير من الأعضاء، أشاد النائب أحمد صوفان "بشجاعة الحكومة وصدقها" في تقديم التقارير الدورية عن مستوى أدائها للبرلمان، باعتبار أن مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية ليست بالمهام السهلة التي تجعل أداء الحكومة كافيا ومتميزاً ويحظى بإشادة المجلس.
وقال صوفان إن التحديات الكبيرة التي تقف أمام الحكومة تستوجب التعامل الجاد معها من خلال الإسراع في انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بما يسهم في مجابهة تلك التحديات التي لم تعد الحكومة قادرة على مواجهتها بمفردها.