في ثالث أيام عيد الفطر المبارك كان يوم زواجي، لم يكن الفرح قد تمكن من إسعادي طيلة ذلك اليوم التاريخي في حياة الإنسان فثمة بلد أسمة اليمن، أنا أحد أبناءة، يتمزق كيف سأنعم بليلة سعيدة. لا أخفيكم أنني ذرفت الدموع لأكثر من مرة في ليلة الزفاف وعلى مدى ست سنوات قضيتها في الغربة ومتعمقا في جذور السياسة أدركت أنني أحتاج إلى قسط من الراحة، وحينها قررت أن تكون أجازتي القصيرة لقضاء أجازة ممتعة مع أفراد أسرتي وأقاربي وأصدقائي. لم تكن الأجازة كافية بكوني أعمل في شركة، والشركة لم تمنحني سوى شهرين، لقد مر الوقت كلمحة بصر ووجدت نفسي أبدأ بالعد التنازلي لانتهاء الأجازة، وعندما قرب موعد السفر بدأت تتكشف لي كثيرا من معاناة ملايين المغتربين اليمنيين وأنا هنا لن أتحرج عن ذكر ما حدث لي كواجب من نقل معانات المغتربين.
منذ أسبوع قبل السفر كنت كلما نظرت في زوجتي وجدتها تبكي ظلت تبكي لثلاث أيام متواليات وأبكي أنا معها فما معنى أن يتزوج الشاب وفي ظرف شهرين أو أقل أو أكثر يجد نفسه مرغما على ترك شريكة حياته التي لم يتعرف أليها بعد، وأن العلاقة بدأت شيء فشيء تتعمق مودة ورحمة، تلك هي قسوة الغربة التي لا ترحم أحد. وفي يوم الوداع لم أستطع أن أخرج إلى أمي وأخوتي من شدة البكاء لقد كانوا ينتظرونني لسلام علي وتوديعي بدأت بالسلام على أخوتي وكلما سلمت على أحدهم وقبلته في رأسه فر هاربا يبكي بعيدا عن الآخرين، وجاء دور أمي الغالية لأسلم عليها بدأت بالسلام علي بالدعاء لي بهدوء ثم أجهشت بالبكاء بصوت عالي لقد كان هذا الموقف كصاعقة ضربت أجزاء جسمي وأحسست أني سأسقط. خرجت إلى السيارة وكان أصدقائي في الانتظار ربما أنهم لم يلحظوني أنني كنت أبكي أو أنهم كانوا يريدون أن أرى كذلك دخلنا إلى تعز وهناك على شرف وداعي أقام أخي مائدة غداء كبيرة عزم فيها الكثير أبي وأخواني أولاد عمي أصدقاء العمر شباب أنا لا أعرفهم كان الكثير حاضرون جاء موعد انطلاق الرحلة استأذنت الحاضرين بدأت بالسلام عليهم أصدقاء عزيزون علي أجبروني على البكاء والضيق يملئ جوفي أحس أنني سأنفجر.
اليوم وأنا أكتب هذا المقال في يوم عيد الأضحى أيضا أبكي كيف يكون لي أن أكون عريسا قبل شهرين وأجد نفسي بعد شهرين وفي يوم عيد الأضحى وحيدا بين جدران غرفة مغلقة ومع ذلك لم يكفي القدر كل هذا، فلقد أحرمني ضغط الشبكة أن أسمع صوت أبي وأمي وزوجتي في يوم العيد أكان ينقصني ذلك!
هذه لمحة بسيطة من معاناة المغتربين لا يدركها صانع القرار اليمني ولا تدركها الهيئة الوطنية للتوعية، فنحن نحب اليمن كثيرا لنسأل اليمن هل فعلا أنتي تحبيننا يا بلدنا العظيم؟