رغم تعدد الطروحات والتناولات لمنافسات بطولة كأس الخليج في نسختها العشرين التي استضافتها بلادنا بعد مخاض عسر سبق إقامة هذه البطولة ، إلا أننا لن نبرز إطراء المادحين التي جعلت من استضافة هكذا حدث رياضي بالمعجزة الخارقة ، كما أننا لن نعرض في المقابل لقدّح الشأنئين المثبطين الرافضين لكل شيء ، وبين هولاء وأولئك وجدت تناولات موضوعية ورزينة تستحق التقدير . غير أن ما يهمنا في هذا الحدث الكروي أن نبين بعض الفوائد التي نرى أهميتها والتي تحققت من خلال نجاح هذه الفعّالية الرياضية بعيدا عن طغيان الحسابات السياسية والأمنية والاقتصادية.
ولعلّ ما يمكن إبرازه لأهم فوائد استضافة اليمن لهذه البطولة التي جمعت دول الخليج والعراق ، أنها أوجدت فرصة حقيقية لشعوب هذه الدول أن تثبت للجميع بمن فيهم صناع السياسة أن ما يجمعهم من الروابط أكثير بكثير مما يفرقهم من حسابات السياسة الضيقة وإملاءات المصالح المتغيرة , كما أن هذا الحدث الرياضي أظهر بصدق حقيقة وأهمية ما يربط أبناء المنطقة من أواصر الدين والقربى والجغرافيا كون هذه الروابط هي الأقوى والأبقى وهي ما يجب على الجميع الاعتناء به.
و أسهمت هذه الفعّالية الرياضية في نقل صورة باهيه الوضوح تنطلق بواقعية من أعماق قلوب أبناء اليمن تجاه إخوانهم الخليجيين والعراقيين كما هي أيضا لإخوانهم العرب الآخرين.
وقد لمس إخواننا الخليجيين والعراقيين تلك المشاعر الصادقة إزاءهم من كل فئات وأطياف الشعب اليمني , حيث وجدوا حبّا وتقديرا وكرما ًغير مصطنعا, تلقى به اليمنيون ضيوفهم الأِشقاء الذين زاروا اليمن ، كما لمسه الملايين ممن لم تسنح لهم الظروف بالسفر إلى بلاد السعيدة ممن تابعوا منافسات خليجي عشرين عبر شاشات التلفزيون ..
ويأمل الكاتب أن يكون لهذا الحدث الكروي ما بعده في تجاوز شعوب هذه المنطقة سلبيات المرحلة الماضية بكل تعقيداتها ، كون حسابات السياسة والمصالح الضيقة هي من فرضتها، وأثبتت الأيام خطأها بحق بعضنا البعض ..
وجاء خليجي عشرين ليثبت للجميع أن أبناء اليمن قد تجاوزوا تلك الأمور جميعها ، وفتحوا صفحة بيضاء تقوم على المحبة والاحترام والتقدير لكل الأِشقاء ,تجلت إحدى صورة في تدفق جمهور المشجعين اليمنيين كأمواج البحر العربي صوب ملعبي 22 مايو بعدن والوحدة بأبين, الذين شجعوا كل الفرق المشاركة في البطولة حملين أعلام تلك الدول بكل حبّ , فضلا عن متابعة ملايين المشاهدين اليمنيين ممن يعشقون الرياضة وممن لا يحبونها مآزره ودعما لتكتمل فرحة الجميع بنجاح هذا العرس الرياضي الرائع, الذي حمل أسم الشيخ فهد الأحمد الصباح وتوّج بتكريم منتخب الكويت الجدير بانتزاع كأس الذهب للمرة العاشرة في تاريخ البطولة ، ولعل القدر قد أسهم في جمع هذه الصدف الجميلة ليكتمل المشهد الأخوي ، ويرجع أشقاؤنا الكويتيون حاملين راية الفوز وراية محبة اليمنيين لهم كأقل ما يمكن أن يقدمه أبناء اليمن ردا لجميل أهل الكويت الطيبين .