نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبده سالم: بدأت الحرب الثانية على القاعدة والثالثة ستتركز في اليمن والصومال وأعالي البحار
نشر في المصدر يوم 11 - 12 - 2010

يقدم المحلل السياسي والخبير في شؤون القرن الإفريقي والبحر الأحمر عبده محمد سالم في هذا الحوار مع "المصدر أونلاين"، قراءة عميقة ومتأنية لمستجدات الأحداث على الساحة اليمنية.. ناقشنا معه بعض الأحداث ابتداءً من نتائج نجاح النظام في ترتيب دورة كأس الخليج في نسختها العشرين وقدرته على السيطرة على الأوضاع في المحافظات الجنوبية مرورا بالعلاقة بدول الخليج وانتهاءا بمستجدات الحرب على الإرهاب، ومستقبل باب المندب والمنطقة المحيطة..

* لو بدأنا بموضوع خليجي عشرين الأهم فيه أنه أقيم في موعده المحدد رغم العوائق التي كانت تحول دون ذلك ورغم التخويفات؟
- أستطيع أن أقول لك إن العائق الوحيد الذي كان يحول دون قيام هذه الفعالية هو التحفظات الإجرائية والمخاوف الأمنية التي كانت تساور الأشقاء في دول مجلس التعاون، أما وقد تمكن الأشقاء من تجاوز تحفظاتهم ومخاوفهم وقرروا المشاركة فقد زالت كل العوائق، وبالتالي فإن الفضل في قيام هذه الفعالية في موعدها يعود إلى الأشقاء وحسمهم لقرار المشاركة بالحضور مثلما كان اللوم سيقع عليهم في حال عدم حضورهم... أما العوائق الأخرى فلا أعتقد بأنها كانت تمثل تهديداً حقيقياً لإقامة هذه الفعالية الرياضية.

* بما في ذلك تهديدات الحراك والقاعدة وتحفضات المعارضة؟
- بما في ذلك الحراك والقاعدة. لأن الحراك يدرك تماماً بأنه سيخسر الأشقاء الإقليميين الذين يراهن على دورهم بدعم مطالبه، أما القاعدة فأعتقد بأنها في اليمن مروضة في بعض مساراتها وخاصةً في شأن كهذا.. أما المعارضة فلم يصدر منها أي موقف سلبي تجاه هذه الاستضافة بل على العكس من ذلك فقد كان ترحيب التجمع اليمني للإصلاح واضحاً تمام الوضوح.

* لكن هناك تساؤل مهم في هذه النقطة لماذا انفرد الإصلاح عن بقية أحزاب المشترك من خلال الترحيب وإصدار بيان في ذلك في حين لم يصدر عن بقية أحزاب المشترك مواقف مشابهة؟
- الأمر لا يحتاج إلى تحديد مواقف إزاء شأن كهذا لأن الموضوع هو استضافة لفعالية إقليمية طبيعية شأنها شأن استضافة أي وفد من وفود المهام والأعمال المشتركة بشكلها الإجرائي وإلا كان مطلوباً من الأحزاب إصدار بيانات تحدد مواقفها إزاء كل ورشة عمل إقليمية يستضيفها اليمن. ثم إن ما صدر عن الإصلاح لم يكن تحديد موقف الحزب إزاء هذه الفعالية ولكنه كان ترحيب بضيوف هذه الفعالية كأي ترحيب يستحقه الضيف، والكثير من قواعد أحزاب المشترك كانت حاضرة في البطولة وقامت بدور إيجابي.

* إلى أي مدى سيستفيد النظام سياسياً وشعبياً من النجاحات التي حققها خليجي عشرين لتطبيع الأوضاع في المحافظات الجنوبية ومن ثم السير في الانتخابات ربما منفرداً وخاصة بعد هذا النجاح؟
- الرياضة لها حضورها الفاعل وهي فعالية جاذبة ولها بريقها الخاص، ولكن –أيضاً- لها مزاجها الخاص، ومن ثم لا يمكن أن يكون كتف الرياضة حمالاً لأي أجنده أخرى غير الأجندة الرياضية كما أن الجمهور الرياضي لا يمكن أن يكون هو الآخر رافعة لمشاريع سياسية لأن ميزان القوى في عالم الرياضة غير ميزان القوى في عالم السياسة، ولو كان هناك إمكانية في استخدام ميزان القوى الرياضي في عالم السياسة لكانت الأرجنتين أو اسبانيا دولاً عظمى تحكم العالم بدلاً من أمريكا في الوقت الحالي، ولهذا فإن السياسيين الذين يحاولون امتطاء صهوة الرياضة والسير بها لتحقيق أغراض سياسية هم واهمون.

* لا يمكن أن نستثني الإسهامات الكبيرة التي خرجوا بها لدعم الرياضة؟
- نعم هذا إذا كان السياسيون لهم إسهام حقيقي في خدمة المشاريع الرياضة ولهم دور مشهود في خدمة المنتخب الرياضي الوطني، أما إذا كان إسهامهم محدوداً أو كان دورهم سلبياً أو مساهماً في خذلان الفريق الرياضي فإن الجمهور الرياضي عادةً ما يكونون أشد حقداً على هؤلاء الساسة من غيرهم من أفراد المجتمع بحكم مزاجهم العاطفي الحاد والحساس تجاه كل ما هو رياضي.

* أفهم من كلامك أن النظام أو الحزب الحاكم على وجه التحديد لن يتمكن من استثمار نجاحات خليجي عشرين والاستفادة من ذلك سياسياً في المرحلة القادمة؟
- أنا قلت بشكل واضح أن الرياضة بحكم طبيعتها لا تقبل الاستثمار السياسي لها حتى في ظل دعم الساسة لها أما عندنا وفي خليجي عشرين على وجه التحديد فقد أخفقت السلطة في كل دور قامت به وفي كل مهمة من المهام التي من شأنها كسب الجمهور الرياضي وما تحقق من نجاحات وانسياب في خليجي عشرين فهو بفعل تضامن الشارع الرياضي مع هذه الفعالية، وحتى الآن فإن الجمهور الرياضي الذي تراهن السلطة عليه في اختراق الجنوب فإنه لم يعلق في ذهنه سوى هزيمة المنتخب الوطني وأخطاء السلطة ومسؤوليتها في هذه الهزيمة ولهذا سيتحول إلى صوت متذمر من السلطة وسيكسب الحراك في المحافظات الجنوبية رديفاً جديداً إلى صفوفه، وأعتقد بأنه لن تمضي سوى أسابيع حتى تعود الأوضاع في المحافظات الجنوبية إلى ما كانت عليه قبل خليجي عشرين وربما أشد من ذلك بعد أن تكون هذه الإخفاقات للسلطة وهذا الجمهور الرياضي المتذمر قد تحول إلى صوت معارض يستخدمه الحراكيون كما يشاؤون.

* أنت تصر على أن تغلق كل باب أمل ممكن أن يبنى عليه من خلال هذه الفعالية ولذلك فإن الكثير من المتابعين لهذا الأمر يلاحظون بأن السلطة تحرص كل الحرص على الاستفادة من الأجواء الإيجابية التي خلفها خليجي عشرين بهدف اختراق المزاج الجنوبي المؤيد للانفصال؟
- أجيب على سؤالك بسؤال محدد وهو هل سيستفيد الحزب الحاكم من الأخلاق الرياضية التي أنتجها خليجي عشرين بما في ذلك احترام القواعد التي تنظم حق التنافس واحترام الخصم وضمان حق جميع اللاعبين للتحرك في الملعب؟ وهل سيتمكن هذا الحزب من استخدام هذه الأخلاقيات في اتجاه تهذيب طغيان ميزانه السياسي وفي ضبط سلوكه مع منافسيه وفي ترشيد قواعد التنافس بين السلطة والمعارضة؟ وإلى أي مدى ستسهم هذه الأخلاقيات في تهذيب تعامل الحاكم مع جمهوره ومواطنيه؟ الأهم من ذلك إلى أي مدى سيتمكن الحاكم من استخدام هذه الأخلاق الرياضية في اتجاه ترويض خصومه والخارجين على خياراته؟ وغير ذلك من الأسئلة المحددة في هذا الاتجاه الرياضي على اعتبار أن هذا الاتجاه هو وحده الذي يمكن للنظام الحاكم وغيره من السياسيين الاستفادة من ميزان القوى الرياضي الذي أنتجه خليجي عشرين ومن ثم استخدام هذا الميزان بأبعاده الأخلاقية في عالم السياسة.

وعلى أية حال أعتقد بأنه إذا لم يستفد الحاكم في هذا الاتجاه فإن كل ما تحقق من إيجابيات في هذه الفعالية سيحرقها الحاكم بنفسه ولن تبقى سوى إخفاقاته ليستخدمها خصومه كما يريدون وقابل الأيام ستصدق هذا القول أو تكذبه.

* أعتقد أن اليمن استطاعت أن تقدم نفسها للخليجيين من خلال خليجي عشرين باعتبارها دولة منضبطة وآمنة ومستقرة، وتقوم بدورها وليس كما تروجه الصحف وخاصة صحف المعارضة؟
- أقصد أن مشكلتنا نحن اليمنيين صغاراً وكباراً أننا نعاني من عقدة "بطل"، وعادة ما نحرص كثيراً على استدعاء بطولاتنا الوهمية التي لا تستند إلى ميزان مادي حقيقي. حتى عندما نقدم أنفسنا لبعضنا البعض لقضاء حوائجنا يظهر ذلك على مستوى حياتنا العادية... أما في ميدان السياسة فربما تحولت أوهام البطولة إلى عبء على أصحابها، وخاصة في المواقف السياسية التي تحتاج إلى قدر من الانسياب، ثم إن هذا الأسلوب في تقديم الذات غير مجدٍ أصلاً ولا يلتفت إليه إلا من قبيل السخرية لأن دول الأشقاء أو غيرها من الدول لها منهجيتها الخاصة بها في تقييمنا وذلك عبر مراقبة بعض المؤشرات الدالة على تقدمنا أو تأخرنا في أي شأن من الشؤون وذلك استناداً إلى مؤشر كل من التفوق والاختلال في ميزاننا الاستراتيجي، وليس عن طريق الاستعراضات في المهرجانات الفنية والألعاب الرياضية.

* بعض المتابعين يرون أن استضافة الرئيسين الجيبوتي والإريتري في حفل افتتاح البطولة لا يخلو من رسالة أو هو بمثابة تلويح لدول الخليج بإحياء تجمع صنعاء، وذلك رداً على عدم حضورهم في افتتاحية البطولة، ما تعليقك؟
- بصرف النظر عن أي رسائل أرادت السلطة أن توجهها إلى هنا أو هناك فإن استضافة الرئيسين الجيبوتي والاريتري بحسب ظني نابع من حرص الدولة على تعزيز العلاقة مع الإخوة في القرن الأفريقي، وخاصة في هذه المرحلة بالذات لمواجهة أي سيناريوهات محتملة قد تشهدها المنطقة، والأخ الرئيس كان موفقاً جداً في استضافته للرئيسين «أفورقي» و«جيلة»، وحبذا لو استكملت هذه الاستضافة صورتها الثلاثية بحضور الرئيس «زيناوي».

* يقال إن أي فرحة لا تخلو من منغصات ألا تعد تصريحات «تركي الفيصل» التي أطلقها بالتزامن مع انطلاق خليجي عشرين هي من هذا القبيل؟
- لم أقرأ ما قاله الأمير إلا من خلال رسالة خبريه قصيرة للموبايل قال فيها الأمير إن القاعدة في اليمن تستفيد من الخلافات الداخلية لتمرير هجماتها، واعتقد أن مثل هذا القول لا غبار عليه ولا أحد عاقل يقول بغير ذلك.

* لكن هناك من رأى بأن الأمير تركي أراد أن يستعرض قدرات بلده الاستخباراتية على حساب الآخرين ويثبت لليمنيين مدى حضور المخابرات السعودية في اليمن؟
- لا يحتاج السعوديون لمثل هذا الإثبات لأنه لا يوجد أحد في اليمن يتجاهل القدرات الاستخباراتية للسعودية وحتى الأمريكان يعلمون بهذه الحقيقة حتى داخل أمريكا نفسها حيث يعتبر الحضور الاستخباراتي السعودي داخل أمريكا ثاني اللوبيات بعد لوبي المخابرات الإسرائيلية مباشرةً، أما في اليمن فالمعلوم أن حضور المخابرات السعودية هو حضور سابق عن المخابرات اليمنية نفسها وإلى فترة قريبة جداً كان الأمن الوطني في اليمن شعبة من شعب الاستخبارات السعودية.

* هذا يدعونا للعودة إلى الوراء قليلاً حول قضية الطرود المفخخة، هل يعني هذا أن الاستخبارات السعودية كانت حاضرة في تلك الطرود؟ وهل صحيح ما قيل حينها إن تلك العملية ليست من فعل القاعدة، وإنما هي بفعل ترتيبات استخباراتية دولية وإقليمية، بل هناك من يؤكد بأن تلك العملية مفتعلة من الأساس؟
- أستطيع القول بأن القاعدة قد أعدت لهذه العملية وشكلتها ثم نفذتها، وأن المخابرات الدولية والإقليمية -لدواع استخباراتية وأخرى سياسية- قد استوعبت هذه العملية في بادئ الأمر وأثناء التشكل وتحكمت بها أثناء التنفيذ والتصرف النهائي، كما استثمرت آثارها لاحقاً بشكل مدروس وممنهج.

* توقيت عمليات الطرود لا يخلو من علامات استفهام هل توافق على مثل هذا التحليل؟
- يبدو أن التوقيت فعلاً صمم لقضاء عدد من الأهداف -الدولية والإقليمية- بعضها ذات صلة بالانتخابات الأمريكية، وبعضها ذات صلة بالحوار بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية الذي يهدف إلى إقناع طالبان بضرورة التخلي عن تنظيم القاعدة، وطرد قيادته وعناصره من أفغانستان مقابل انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان في منتصف العام القادم. وعلى افتراض أن طالبان ربما تكون قد وافقت على ذلك إلا أنه يصعب عليها من الناحية الأدبية والأخلاقية طرد من تراهم ضيوفها من القاعدة تنفيذاً للطلب الأمريكي، وبالتالي لا يستبعد أن تكون طالبان قد اشترطت على الأمريكان ضمان خروج آمن لعناصر القاعدة من أفغانستان مقابل ضمان طالبان بخروج آمن ومشرف للقوات الأمريكية من أفغانستان، وفي هذا الاتجاه لا أستبعد أن تكون عملية الطرود المفخخة بمثابة استدعاء غير مباشر لعناصر القاعدة في أفغانستان للانضمام إلى إخوانهم في اليمن كون الحاجة لهم في اليمن ماسة، وهذه الطريقة هي بقصد تجنيب طالبان من الوقوع في حرج مع ضيوفها عندما تطلب منهم المغادرة من أفغانستان، إضافةً إلى انتهاء تحديد البلد الذي سيغادر إليه القاعديون بعد خروجهم.

* وهل سيقبل الأمريكان خروج القاعدة من أفغانستان على هذا النحو؟
- المعلوم في هذا الوضع أن الرئيس أوباما سبق له وأن تعهد في برنامجه الانتخابي أن يحقق انتصاراً عسكرياً ضد القاعدة في أفغانستان... ويبدو أن هذا الانتصار قد بات متعذراً الآن بعد الهزائم التي ألحقتها طالبان بالجيش الأمريكي، وفي الوقت نفسه يصعب على الرئيس أوباما سحب قواته من أفغانستان بصورة انهزامية، ولتجنب هذا الوضع كان لابد أن يحصل الأمريكان على شكل من أشكال الانتصار الدعائي لقواتهم ولا يمنع هذا أن يجروا حواراً مع طالبان يضمن لهم خروج القاعدة من أفغانستان، ومن ثم إبراز هذا الخروج باعتباره انتصاراً للجيش الأمريكي، وسيعمل الرئيس أوباما على استثمار هذا النصر الدعائي في حملته الانتخابية القادمة، وبالتالي فإن الرئيس أوباما هو المستفيد من خروج القاعدة من أفغانستان على أي صورة، ولا توجد مشكلة لدى الأمريكان إزاء هذا الوضع، بل إن المشكلة -كما أعتقد- ليست في قبول الأمريكان وإنما تكمن في رفض طالبان لعرض كهذا إذ لا يمكن لطالبان أن تقبل بخروج عناصر القاعدة من أراضيها على أن تتصيدهم القوات الأمريكية أثناء خروجهم، فأقل ما يمكن أن تطلبه طالبان هو ضمان أمريكا بخروج القاعدة من أفغانستان بصورة آمنة إلى بلد محدد مقابل ضمان خروج الجيش الأمريكي إلى بلده بصورة آمنة.

* هل تقصد أن خروج القاعدة من أفغانستان سيكون إلى اليمن؟
- في اعتقادي أن هذا الخروج -في حال نجح الحوار بين أمريكا وطالبان وهذا أمر لا يزال مستبعداً إلى حد الآن سيكون عبر منفذين، المنفذ الأول هو عبر إيران ومن ثم إلى سواحل عمان وصولاً إلى صحراء حضرموت، والثاني عبر الهند مروراً بالمحيط الهندي حتى سقطرى ومن ثم العبور إلى الصومال على أن تكون المواجهة الأمريكية مع عناصر القاعدة في كل من اليمن والصومال في هذين البلدين، أو في منطقة التماس البحري بينهما ضمن معركة شاملة مع تنظيم القاعدة في اليمن والشباب المجاهدين في الصومال وشبكة القراصنة في أعالي البحار.

* ولماذا في هذه المنطقة بالتحديد؟
- لأن هذه المنطقة منطقة تماس أفرو-آسيوي، وتشرف على مناطق استراتيجية هامة فضلاً عن أن المنطقة الأفريقية -هي الأخرى- يُراد لها من قبل الحزب الديمقراطي الأمريكي أن تكون مصدر تهديد للأمريكان بإرهابها، كما هي مصدر إغراء للأمريكان بثرواتها بحيث تنصرف السياسة الأمريكية كلياً لهذه المنطقة رغبة ورهبة، وهو ما سيؤدي على الصعيد الانتخابي إلى شد الناخب الأمريكي ودفعه للتمسك بالرجل الأسود سواء لدفع التهديد الأفريقي أو جلب مغرياته.

* بالنسبة لإيران هل ستقبل بكل سهولة استخدام أراضيها كمنطقة عبور للقاعدة؟
- نعم ستقبل. لأن لها مصلحة من خروج عناصر القاعدة وكذا انسحاب الجيش الأمريكي من الأراضي الأفغانية المجاورة لها، ثم إن هذه العملية إذا تمت سوف تكون ضمن تسوية أمريكية -إيرانية شاملة في المنطقة، وقد بدأت ملامح هذه التسوية من خلال القرار الأمريكي بإدراج منظمة «جند الله» البلوشية السنية ضمن المنظمات الإرهابية عقب تصفية إيران للقائد عبدالملك تيجي المسؤول الأول عن هذه المنظمة.

* طيب أنت شخصياً كيف تقيم أداء الأمن اليمني مع حادثة الطرود؟
- لم يكن في المستوى المطلوب.

* وبالنسبة لأداء الأمن السعودي؟
- كان حاضراً بكل قوة واستثمر نتائج الحدث بشكل ممنهج.

* وما هي أهداف السعودية من هذا الحضور وما الذي يعود عليها مسقبلاً؟
- الحضور الأمني السعودي في هذه الحادثة يهدف إلى إثبات واقعة محددة بالذات وهي أن هذه الحادثة يقف وراءها مواطن سعودي خبير بالمتفجرات واسمه (العسيري) حيث سبق وأن قام بمحاولة لاغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي والمسؤول الأول عن برنامج مكافحة الإرهاب في السعودية وذلك انطلاقاً من الأراضي اليمنية كما تريد السعودية أن تثبت أن المواد المتفجرة التي استخدمت في الطرود لتنفجر في الأمريكان هي نفسها المواد التي استخدمت في اغتيال الأمير محمد بن نايف، كما تريد المخابرات السعودية أن تبلغ الأمريكان بأن هذا الإرهابي السعودي الذي ينطلق من الأراضي اليمنية ليس كغيره من الإرهابيين فهو إلى جانب كونه إرهابي في تنظيم القاعدة فهو أيضاً يهدد النظام السعودي بشكل مباشر كون إرهابه قد وصل إلى القصور السعودية لاغتيال المسؤول الأول في مكافحة الإرهاب في المملكة، وبالتالي فإن السعودية هي المعنية بالقبض على هذا الإرهابي في الأراضي اليمنية وأن دورها في هذه القضية أساسي وليس تنسيقي مع اليمن الذي تشك السعودية في جديته في ملاحقة هذا الإرهابي، وما دام أن أمريكا هي الأخرى أصبحت مهددة كما تبين لها من عملية الطرود فقد حان الوقت للأمريكان أن يطلقوا إشارة الإذن للسعودية لتحريك مسارات الحرب الإقليمية على الإرهاب داخل الأراضي اليمنية وبإرادة إقليمية وأدوات وإمكانات إقليمية، بمعزل عن الدور اليمني والإرادة اليمنية والأدوات اليمنية التي استنفذت كامل أغراضها في حربها الفاشلة مع القاعدة في اليمن.

* من خلال كلامك يفهم أن السعودية تريد أن تشكك الأمريكان في جدية اليمن في الحرب على القاعدة؟
- السعودية تريد أن تنتقل إلى المرحلة الثانية من الحرب على القاعدة في اليمن.

* أي مرحلة تقصد؟
- ما هو معلوم في هذا الوضع أن الحرب على القاعدة في اليمن تسير من خلال ثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي الحرب على القاعدة باعتبار القاعدة تنظيماً يمنياً وهذه الحرب تكون بالتنسيق الأمريكي مع السلطات في اليمن ومن خلال الجيش والأمن اليمني والمخابرات اليمنية وبنفقة أمريكية خاصة واعتقد أن هذه المعركة قد قطعت مسافة كبيرة وقدمت أمريكا كثيراً من التسهيلات لليمن في هذه الاتجاه، ويبدو أن هذه الحرب لم تحقق أهدافها كما يرغب الأمريكان، فضلاً عن أنها ألحقت الضرر بالسعودية وهو ما يدفع شركاء الحرب على الإرهاب في كل من أمريكا والسعودية نقل مسارات هذه الحرب إلى المرحلة الثانية بطابعها الإقليمي، ويبدو أن التعامل مع قضية الطرود الأخيرة وخصوصية التنسيق الاستخباراتي الأمريكي السعودي وتحييد الدور الاستخباراتي اليمني في هذه القضية هو بداية لتحييد اليمن من المشاركة في المرحلة الثانية بعد أن استنفدت اليمن كل وسائلها في المرحلة الأولى كما أن التركيز على شخصية رجل سعودي مثل (العسيري) الذي خطط لاغتيال الأمير "محمد بن نايف" هو عبارة عن قص الشريط للانتقال إلى هذه المرحلة بصفتها الإقليمية وتحت عنوان ملاحقة من خططوا لمحاولة اغتيال الأمير السعودي "محمد بن نايف" انطلاقًا من الأراضي اليمنية باعتبار هذه المهمة شأناً سعودياً خاصاً ويخص الأسرة المالكة على وجه التحديد ولا علاقة لليمن بهذا الوضع كونها في موضع الشك، أما المرحلة الثالثة وهي الانتقال إلى الحرب على القاعدة إلى المستوى الدولي مع الحرب ضد الشباب المجاهدين في الصومال وشبكة القرصنة الصومالية في أعالي البحار وسوف تشترك في هذه الحرب قوات النيتو الدولية الرابضة في المياه اليمنية ومنطقة أعالي البحار الدولية وسوف تشترك في هذه الحرب إسرائيل بحكم عضويتها في قوات النيتو وصاحبة حق الامتياز في حراسة الممر الدولي في منطقة باب المندب وخليج عدن، إضافة إلى مشاركة رمزية لبعض الدول وتحديداً مصر وتركيا مع تقليص كامل للمشاركة الإقليمية لصالح القوات الدولية.

* أنت تصور القاعدة في اليمن بهذه الخطورة المبالغ فيها لدرجة أن أمريكا ستخوض معها حرباً دولية تشترك فيها قوات النيتو؟
هذه الحروب التي ستجري على هذا النحو المشار إليه وخاصة في محورها الدولي لا زالت الأطراف المستهدفة بها غامضة وأهدافها لازالت عائمة وهو ما يعني أنها ليست سوى شكل من أشكال الاحتلال الدولي للمنطقة البحرية والسيطرة على الموقع الاستراتيجي في باب المندب ضمن عملية تنافس دولي وإقليمي تتداخل فيها أمريكا والهند مع الصين في إطار التنافس الدولي للسيطرة على الثروة في شرق أفريقيا وتأمين ممرات الملاحة الدولية في المنطقة، إضافة إلى التداخل الإقليمي بين إسرائيل وإيران والعرب في إطار لعبة محتملة لتسوية القضية الفلسطينية وبحيث تؤدي هذه اللعبة إلى تمكين إسرائيل من الممرات المائية كحدود أمنية لدولتها وضامنة لسيادتها الإقليمية.

* اليوم هناك من يؤكد على تواجد أمريكي في اليمن أو أن ذلك وشيك على الأقل وخاصة بعد الأحداث الأخيرة؟
- كثير من وسائل الإعلام تقول إن هناك اجتياحاً وشيكاً لليمن من قبل القوات الأمريكية وأن الدولة هي التي ترفض أي تواجد عسكري لأمريكا حتى الآن، وأنا أستغرب من هذه الأطروحات الإعلامية لأن القوات الأمريكية متواجدة بشكل حقيقي في خليج عدن وهي على مسافة مرمى مدفعية من الشواطئ اليمنية فأمريكا موجودة، وأنا أريد أن أفهم ماذا تقصد من التدخل هل الدخول إلى الشوارع ونصب النقاط الأمريكية لتفتيش المواطنين لأن هذا لا يسمى تدخلاً وإنما يسمى انتشاراً عسكرياً الهدف منه حماية التدخل أصلاً وتأمين القوات الرابضة التي دخلت.

* التواجد الأمريكي كما يرى البعض للحد من التواجد للقاعدة وحماية المصالح الأمريكية والأجنبية في اليمن وما تتحدث عنه أنت من تواجد عسكري لأمريكا في البحار لن يحد من القاعدة ولم يحم المصالح فالانتشار على حد وصفك يكون خياراً وارداً؟
- التواجد العسكري الأمريكي جاء يستهدف منطقة وليس بالضرورة يستهدف القاعدة كعناصر مبثوثة في الشوارع والقرى اليمنية، ولكن هو وجد في منطقة استراتيجية وهي خليج عدن والبحر الأحمر وأصبح يهيمن على مضيق باب المندب بشكلٍ أو بآخر وهذا هدف التواجد العسكري، ولا يهم الأمريكان من اليمن سوى الموقع ووجود عناصر للقاعدة مبثوثة في هذا الشارع أو في تلك القرية أمر لا يعنيهم وإنما يتخذونه مبرراً لإشعال الحرب على الإرهاب لتأمين هذا التدخل، وقضية أن ينجحوا في حرب القاعدة أو لا هذه قضية أخرى.

* هل هناك مخاطر على اليمن جراء هذه الحروب بمراحلها المختلفة على ما يسمى القاعدة؟
- المشكلة أن اليمن بدأت واستخدمت ورقة الحرب على الإرهاب ضمن تكتيكات استخباراتية غير مباشرة بهدف تعزيز القناعات لدى الدول الداعمة بخطورة الوضع في اليمن ودفعهم لتقديم العون والمساعدة للحكومة اليمنية تحت مسمى الحرب على الإرهاب، وربما كانت هذه المغامرات الاستخباراتية ناجحة مؤقتاً ولكن من زاوية واحدة وهي إقناع العالم بتقديم المساعدات للسلطة باسم حرب القاعدة، لكن خطورة هذه المغامرة الاستخباراتية أن النتائج كانت سلبية وكارثية من الزوايا الأخرى التي لم توضع في الحسبان، إذ أن القدرات الأمنية اليمنية وأجهزتها الاستخباراتية لا زالت محدودة وليس بمقدورها الإطلالة لمشاهدة كل الزوايا الأخرى وهي الزوايا التي بنت عليها الاستخبارات الإقليمية والدولية خططها ومشاريعها لمواجهة هذا الخطر الذي قدمته الاستخبارات اليمنية من زاوية واحدة، وكانت هذه النتائج وهذه المراحل، وفي حال انتقال الحرب على الإرهاب إلى المرحلة الثانية لن تصبح منظومة الأمن اليمنية أداة أساسية في هذه الحرب، بل ربما تخرج من حلبة الصراع ومنظومة الأمن الإقليمي بشكلٍ كامل وهذا هو نتيجة الدخول في مغامرات استخباراتية غير واضحة المعالم، لأن حروباً استخباراتية تحتاج إلى مؤسسات أمنية راسخة وبنى تحتية متكاملة إضافةً إلى مؤسسات أمنية مصاحبة تقوم بمهمة الحروب الاستخباراتية باستقلالية تامة وبمعزل عن المؤسسات الأمنية الثابتة.

* ما هي الخيارات المتاحة أمام اليمن لتجاوز هذه الأوضاع؟
- ليس لليمن من خيار سوى الاستسلام للمنظومة الإقليمية التي سوف تتحكم بمسارات الحرب على الإرهاب في مرحلته الثانية وفي نفس الوقت تمسك بملف الإصلاحات السياسية في اليمن بقيادة الرياض بحسب الترتيبات الدولية والتوافق الإقليمي والدولي والذي يهدف إلى إعادة صوغ اليمن أمنياً وسياسياً بشكل كامل على النحو الذي يحول دون وصول اليمن إلى مرحلة الانهيار الشامل، ومع ذلك تبقى الخيارات مفتوحة لأي واقع قد تفرضه بعض المتغيرات الدولية والإقليمية التي لم تكن في الحسبان وأعتقد أن منطقة البحر الأحمر بضفتيه الآسيوية والأفريقية تحمل في أحشائها المزيد من المفاجئات والأيام دول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.