بدأ الدكتور صالح سميع ورقته التي قدمها في منتدى الأحمر بتوصيف المشهد الذي يعيشه الوطن العربي واليمن بشكل خاص. وتحدث سميع وزير شؤون المغتربين السابق وأستاذ القانون بجامعة صنعاءعن المجتمع السياسي العربي الذي قال أنه ما زال على رأس قائمة القلة القليلة من دول العالم المعاصر المتعثرة في الحل السلمي لمشكلة السلطة، إذ وبحسب سميع فما تزال السلطة ومفاصل القوة فيها بيد فرد واحد وهو مدارها، بغض النظر عن صفة الحاكم الفرد.
لكنه أشار إلى أن المجتمع السياسي العربي بكل نخبه السياسية لم يرتق بعد إلى المستوى الذي يمكنه من الانتزاع السلمي للسلطة السياسية من يد المستبد الفرد إلى يد الأمة في مجموعها، لافتاً إلى أن العرب الواقعين تحت أنظمة بشكلها الجمهوري هم في الدرك الأسفل من التخلف والانحطاط وظلمة الأوضاع وقتامتها.
وأوضح أن النظام ذا الشكل الجمهوري معقد جداً بعكس النظام الملكي الأقل تعقيداً، وهو ما يجعل إمكانية إصلاح النظام الملكي بتكلفة أقل كون الشرعية للحكم تواترت عليها الأسرة، فيما النظام الجمهوري يستمد قوته من جمهور المجتمع السياسي.
ويقول سميع "منذ توارت فترة انتقال السلطة في الشكل الجمهوري بالانقلابات العسكرية وبناء شرعيتها على أسس جديدة نظمتها الدساتير الجمهورية، فقد سلك رأس النظام مسلكاً شيطانياً متدرجاً انتهى به المطاف إلى اختطاف سلطة الشعب وحقه في السيادة وغصب سلطتها، فغدت عناصر القوة السياسية في الدول العربية الجمهورية في يد شخص واحد يقف على رأس إحدى السلطات الثلاث وهي السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية، وسيجد أن الشكل الجمهوري أشد مرارة ونكالاً وضنكاً منه في الأشكال الملكية".
استراتيجية المستبد الجمهوري في إفراغ المضمون وفي هذا الإطار وحتى يمتلك المستبد القدرة على تحقيق الهدف الاستراتيجي، فلا بد له من مؤسسة عسكرية وأمنية مأمونة الولاء تمكنه من غصب سلطة المال أولاً، وبحيث تغدو وظائف الدولة وسلطاتها الثلاث مجرد أدوات في يد المستبد الجمهوري. ويضيف "بمؤسستي الجيش والأمن امتلك قوة الترهيب ووظفها في إرهاب خصومه عند اللزوم وإخافة كل أفراد المجتمع السياسي داخل الدولة، وبقوة المال النقدية والعينية الممثلة في الأراضي الشاسعة امتلك قوة الترغيب ومكنه من شق النخبة السياسية وتكوين قاعدة عريضة تناصره وتؤازره".
المال الظلامي وتسخير الوظيفة العاملة واستطرد سميع متحدثا عن ما آلت اليه الأحزاب الحاكمة في ظل النظم المستبدة "استطاع امتلاك القدرة على تشكيل جهاز إداري كبير وسماه حزباً أو تنظيماً سياسياً، وصار أهم مخالب المستبد الجمهوري في خلق أغلبية مشتراة داخل السلطة التشريعية وحرصه على أن تكون كاسحة ورابحة".
ويرى أن مجلس الوزراء هو عبارة عن موظفين ذوي ولاءات مشتراة يكونون طوع بنانه وأحد أدواته الهامة في الهيمنة، كما أن سيطرته على وسائل الإعلام المملوكة للدولة إحدى النتائج لطغيانه، بحيث يوظفها توظيفاً مظللاً.
أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد التي اختلقت في اليمن قد أشار إلى أنها أحد لوازم الاستبداد، بحيث يقوم المستبد بتوظيفها لترهيب وابتزاز من يشاء من الرجال الذين ربما قد يقفون ضده، وهو ما يراه غياب الهدف الحقيقي من إنشاء هذه الإجراءات في كشف الفساد وملاحقة الفاسدين.
وصور شبكة الفساد كما ذكرها في ورقته تتلخص في طغيان ظاهرة الشخصنة وحضورها الطاغي في كل مناحي الحياة، وتواري مبدأ سيادة القانون وإخواء مضمونه وحضور مبدأ سرطاني في الفعل وتداعيات الفعل وهو مبدأ الولاء للنظام، واتسام النظام بالشمولية في كل مناحيه، وخلق وتكاثر البيئات الجاذبة للشر مثل (الارهاب والتطرف والبطالة والفساد التعليمي والاداري والسياسي و...الخ).
ودعا سميع العقلاء إلى الوقوف صفاً واحداً متسلحين "بثقافة السفينة" لينجوا وينجو المستبد، أو يغرق لوحده وتنجو السفينة". وطرح رأيه في الوضع الحالي بطريقين لا ثالث لهما وقال "طريق الندامة وهو طريق المستبد ومن أسرهم بامتيازاته، أو طريق السلامة (طريق الكتلة التاريخية)، وهي طريق من انبرى لركب الاستبداد ووقف في وجووههم.
وقال "اليمن تسير في طريق الندامة وإن المستبد لا يمكن أن يسمح للمستوى الثاني في السلطة التنفيذية على الصعيد اللامركزي أن يتمتع بسلطات حقيقية يمارسها باستقلالية تامة تحت إشراف سلطة المركز ويتحمل مسؤولية قراراته".