يعطي الرئيس صالح نفسه الحقّ في كل شيء، بما في ذلك حقّه في التعبير عن السأم، فيظهر في الفضائيات ليقول أنّه سئم السلطة، وأن على الشعب اليمني أن يصدق أنها (مغرم) لا (مغنم). هكذا تنقل عنه، بالصوت والصورة، قناة الجزيرة. لكنّه حين يجد أن هذه الفضائيات، القناة نفسها، قد نقلت أن اليمنيين، أيضاً، بدورهم سئموا سلطته، سئموا وجوده لأكثر من 32 سنة، يعمل كل ما في وسعه على أن يمنع هذا التعبير (السلمي) عن السأم، فيرسل محبّين له ليدفعوا ل (بلاطجة)، يقومون بضرب هؤلاء الذين سأموه بالهراوات والرصاص، ويرسل مبعوثين، في خلال أسبوعين، إلى قطر، ليطلب من أمير الجزيرة أن يمنع بث السأم اليمني الهائج لشخصه، وأن تكتفي القناة ببث سأمه وحده، إلينا، نحن الذين علينا أن نحتمل طلعته المُملّة طوال هذه السنوات من (صندوق اقتراع) لا يظهر لنا سواه، وعلينا أن نصدق، بدون ملل، أنّه صندوق شفّاف وديمقراطي ونزيه، ولا نسأمه، حتى وإن سأمه صاحبه. لقد مللنا تحويل الكثيرين إلى مسوخ تهتف بحياة الرئيس وحده، وتمجد ملله. هكذا تحوّل أصدقاء لنا، ليس آخرهم أحمد الصوفي وطارق الشامي وعبدالحفيظ النهاري. لقد بتنا نخجل أن نذكر أننا عرفناهم (في صف مناهض للرئيس صالح)، أو أننا عرفناهم أصلا. ليس بسبب هذا (النضال السفري السريع) فمن حقّهم، كما يبدو لي، أن يعبروه، ولكن لسبب بسيط، هو أنّهم ما خجلوا يوما من أن يكفّوا من الظهور في الفضائيات ليعبروا، وحدهم، عن سأم رئيسهم للشعب الذي حكمه، حتى ظننا، في كلّ مرّة، أن (فخامته) على وشك أن يعلن تنحيه هو وأسرته من السلطة، وإعادة ثرواتهم التي غنموها طوال (غرمهم) في السلطة إلى خزينة الدولة. ليذهب، بعدها، إلى مستوصف طبيبه النفسي الدكتور عبدالمجيد الخليدي ليعالج نفسه، من هذا السأم. * عن (الأولى ).