الإهداء: أحبابي شباب ثورة (ساحة الحرية) بتعز.. رجولتكم المبكرة بعثت فينا رجولة كدنا ننساها.. لكم المحبة.. لكم النصر.. وربنا معكم
دموع التماسيح.. التباكي على الوضع الاقتصادي.. على النزيف المالي وعلى المآلات التي شهدتها الثورة المصرية مشهد مسرحي غير محبوك.. يعني مكشوف!! يتكلمون عن مزيد من التدهور الاقتصادي.. عن الخزينة المالية الفارغة.. عن الخبز الذي يختفي من السوق.. عن خسارة الشعب المصري وبوتيرة يومية لمليارات الدولارات في الصناعة والبورصة والسياحة والاستثمار.. لكأن الشعب المصري كان هو المتلقف لكل ما تجود به الحالة الاقتصادية.. لكأن الشعب هو الشركة القابضة.. وليس الحكام!! أستغرب من طرح كهذا.. ما الذي تخسره مصر والشعب المصري, وقد كانت مصر (بقرة حلوب) موصولة بأنبوب (غير سري) -خذ بالك- لجيوب وبطون حيتان الطغيان وحتى لإسرائيل (صفقة الغاز نموذجاً).. وليس لمصر والشعب المصري منه سوى (الفتات) الذي يستنزف من الشعب المصري جهده وعرقه، كرامته والحرية.
عن "السيادة".. مرةً أخرى لا أدري على من كان يضحك هذا الرجل الثمانيني غير المبارك وهو يقول لشعبه وفي بث مباشر يشاهده العالم -كل العالم- إنه لن يخضع لإملاءات وشروط تأتي من الخارج.. لكأن هذه الملايين في عموم ميادين مصر كلها جماهير أجنبية، خارجية "خواجات".. يا حبة عيني!! وليست جماهير مصرية!! وفي رواية "لمسلم" أنه قال: "هؤلاء الناس مدفوعين لأداء أدوار لحساب جهات لديها أجندة خارجية".. يا عاقل بطل زنقلة.. يا شيبة خلي الأذية.. خيرة الله عليك!! نعرف –ونعترف- أن مبارك حاله حال أقرانه ضحك علينا.. ضحك علينا طويلاً.. طويلاً بطول أعمارنا (ثلاثين عاماً.. تصوروا)!! هو مارس علينا دوراً تهريجياً، تمثيلياً طوال عمره، وبملامح جافة، قاسية أشبه بجفاء وقساوة أهرامات مصر وتماثيلها الجامدة.. نحن نعرف ذلك، ونعترف –كمان- أننا عشنا بطول الثلاثين السنة الماضية في ذات المشهد التهريجي التمثيلي الذي أداه مبارك.. وسلطة الطغيان، غير أن الجماهير قالت وبالصوت العالي مللنا ذات المشهد المعاد.. مللنا ذات الشخوص.. مللنا ذات الخشبة التي تؤدى فيها ذات الأدوار.. أصبحت الجماهير من طول فترة التمثيل وتكرار ذات الشخوص تحفظ وعن ظهر قلب كل ما ينطق به الطاغية.. النص ذات النص ما عاد فيه جديد.. إذاً لماذا يصر (سيادة الوالد الرئيس) على تمثيل ذات الدور.. لماذا يحاول بعد انتهاء المسرحية أن يضحك علينا؟ الرجل الذي جعل من العظيمة مصر حديقة خلفية أو حقل تجارب لكل تدخلات الأطراف العالمية "الموساد" في مصر (سيد قراره) المخابرات المركزية الأمريكية.. الألمانية، الروسية، كل "لغات العالم" تشتغل "حريقة" بس.. وحسك عينك كل ذلك بنظر "السيادة المصرية".. يا حلاوتك يا سيادة الرئيس!! يا كبير العيلة بلاش حركات (نص كوم) كل حمير مصر، كل جاموساتها يوقنون أنك (الابن المدلل) لقوى الاستكبار العالمي وأن شروط وإملاءات الخارج هي (الدستور الرسمي) الذي سرت عليه خلال سنوات حكمك المشؤومة.. بطِّل زنقلة يا سيادة الرئيس.. عفواً.. أقصد يا رئيس السيادة.
الخريطة.. المخربطة بسقوط رجل السلام -بالتوصيف الإسرا أمريكي- يتلقى معسكر السلام في المنطقة ضربة قاتلة.. على ضوئها يتوقع أن تعاد رسم خريطة المنطقة وفق معادلات جديدة.. بالتأكيد لن تكون إسرائيل -كما كانت- الدولة المدللة في المنطقة كلمتها قرارات وأشواقها إملاءات, يدها تطول الوطن العربي طولاً والعرض.. إذا قالت إسرائيل فقولها (قرآن منزل) غير قابل للنقض.. أمرها قضاء مبرم غير قابل للاستئناف.. العد التنازلي للهيمنة الإسرائيلية ولقوى الاستكبار العالمي بدأ.. انكشف الغطاء الذي عمل من خلاله هؤلاء.. صار اللعب على المكشوف والشعب العربي سيد قراره هؤلاء الطواغيت الصغار سيختفون واحداً إثر آخر من منصة المسرح، ويبقى الشعب واقفاً.
حياة الإرادة.. وإرادة الحياة في خضم هذا الزلزال الذي ضرب مصر وأزاح من طريقه هبل العصر (حسني مبارك) عشت في غيبوبة لذيذة.. أأنا في حلم أم في علم!؟ أصدقكم القول إن ما حدث في الشارع المصري كان آخر (سيناريو) يمكن أن أتوقعه شخصياً.. مصر -إن كنتم لا تعلمون¬- دولة محورية في المنطقة, لاعب أساسي على مستوى العالم, لا يمضي أي قرار في أية مساحة من دول المنطقة دون أن يمر على مصر.. الوكيل المعتمد والحصري لقوى الغطرسة والاستكبار العالمي!! صحيح مصر ليست تونس ولا الأردن ولا العراق أو دول المغرب أو دول الخليج وبالتأكيد - بكل تأكيد- مصر ليست اليمن، مصر هي مصر وكفى!! التغيير فيها من رابع المستحيلات ومتطلباته فوق قدرة وحسابات الثائرين.. ومع ذلك -مع كل ذلك- بغمضة عين سقط فرعون مصر، سقط (بحساب الجولات) ، كان عنيداً بما يكفي أو ربما كنا حالمين بما يفيض. المهم: سقط هذا الفرعون وكنت أحدث من أعرف بصعوبة عملية التغيير بما يصل حد الاستحالة. إرادة الله.. قالت كلمتها وقال الشعب المصري بإرادة التغيير.. التقت إرادة الله الماضية بإرادة الجماهير، فمضى الرجل مشمولاً باللعنات، ملاحقاً بالإثم وعار الدهر.. تحية حب وإجلال لشعب مصر البطل، ولا نامت أعين الجبناء!!
لعنة غزة.. لعنة السقوط لست أدري.. أأكون محقاً وأنا أقول وأُعزي هذا السقوط المخزي, هذا الإذلال المضاعف لمبارك وطغمته الحاكمة في أرض الكنانة (مصر) يعود لما يمكن أن أسميه (لعنة غزة، غزة الجريحة، المحاصرة، الجائعة التي لعب (مبارك) بشكل (شخصي) مباشر والطغمة الحاكمة في مصر تبعاً له دوراً قذراً، الإسرائيليون من ذات أنفسهم نأوا بأنفسهم عن الولوج فيه. عودوا إلى إرشيف (حرب غزة) ستجدون كمّ الغضب، حجم البغض والكراهية التي تنفسها الغزاويون من تحت ركام الدمار والموت الأحمر ضد (مبارك) بالاسم.. وضد حكم مصر ثم ضد السلطة الفلسطينية وبقية الدول العربية والعالم.. لا أظنكم نسيتم الموقف الجبان والساقط الذي لعبه الرجل، لعبه ع المكشوف أمام سمع العالم وبصره. اليوم.. يوم الحساب، يوم دفع فاتورة النذالة والسقوط, اليوم هو يوم انتصار غزة مع الشعب المصري العظيم، مع ثوار العالم أجمع. انتبهوا: الجرائم لا تسقط بالتقادم، والشعوب التي تصمت حيناً لحيثيات ومبررات ذاتية وموضوعية ليست شعوباً خرساء لكن صوتها حينما يسمع فإن الهلاك يلحق بالظالمين المستبدين، يزلزل الأرض من تحتهم، ينفث براكين غضب لا تهدأ. صدقوني.. التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تغفر. وربي ليس ينسى.
عقلٌ يهدي.. عقلٌ يضلُّ!! عندما رحل (بن علي) من على عرش تونس الخضراء قلت لمن حولي: الرجل كان عاقلاً، كان حكيماً بما قلل من حجم الخسائر وأمد المعاناة!! ما بقي من عقل لدى الرجل هداه لاتخاذ قرار الرحيل من غير عناد أو مكابرة.. الرجل كان صادقاً وهو يكرر مقولته (فهمتكم، الآن فهمتكم) وعلى نحو ما قيل (أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي)، و(الاعتراف بالخطأ فضيلة)، صحيح أن الوقت كان متأخراً، متأخراً لاثنين وعشرين عاماً) لكننا سنحمد للرجل قراره الحكيم.. أما العناد والكبر الذي مارسه (هبل مصر) أو (أهبل مصر) فقد دفعت الثورة قيمة له عشرات ومئات الشهداء ومليارات الدولارات, ودفع أهبل مصر آخر ورقة من أوراقه الرابحة وفي معركة خاسرة يستحيل أن ينتصر فيها رحل (مبارك) وقد خسر آخر أوراقه.. حتى مؤيدوه وجدوا في حماقته الأخيرة فرصة للتبرؤ منه والانسحاب من ساحته.. الفرعنة.. صفة لاصقة بالرجل (مثل الشَلَك).. يضاف لها هذا العمر الثمانيني النكد.. سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم عوضاً عن (حماقة) لا متناهية.. وقديماً قال الشاعر: لكل داءٍ دواءٌ يستطبُ به.. إلا الحماقة أعيت من يداويها الإملاء.. لو كانوا يعقلون!! وأنا أتنقل بسرعة النحلة بين الفضائيات لعلي أجد شيئاً جديداً، مغايراً في دنيا الأخبار والتحليلات للمشهد المصري قبيل لحظات السقوط.. أثناء التنقل ذاك شدهتني الآية الكريمة رقم (178) من سورة آل عمران (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم, إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين). صدق الله العظيم استوقفتُ أهلي وأولادي الصغار للإصغاء لتلك الآية التي جاءت على قدر لتجيب عن تساؤل طالما ألحَّ علينا ولم نجد له إجابة ترضي رغباتنا وأشواقنا الثائرة والحانقة.. القصة ليست قصة صراع آني وقتي.. هو الصراع الأزلي الذي قامت السماوات والأرض على أساسه، صراع الحق والباطل، صراع الخير والشر ، صراع الإرادات المتقابلة.. والإملاء من الله والإمداد يتواصل ليميز الله الخبيث من الطيب, ويجعل الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه جميعاً, فيجعله في جهنم.. الآية الكريمة التي نظرتها من قبل (قناة) لم أتبينها فجأتني وشدهتني لأنها جاءت من غير تقدير مسبق، ونزلت على قلبي برداً وسلاماً، ثباتاً واطمئناناً لتصاريف الأقدار.. هكذا "نملي لهم ليزدادوا إثماً".. ألا ليت قومي يعلمون، وليت (حكامنا) وطواغيتنا يفقهون
"الجزيرة" بيتنا.. الجزيرة صوتنا في ظل الصراع الفضائي الذي اقتحم علينا جميع الأستار, وما عاد ثمة ما يستحق الإخفاء.. في ظل هذا المصنع الجديد الذي يعيد صياغة (عقولنا) و(مشاعرنا) نجدنا نحن أبناء هذا الزمن الفضائي ندين (للجزيرة) بكل أسباب الامتنان ومشاعر الحب والعرفان أن كانت ومثلت المصد الأقوى وخط الدفاع الأول بعد أن سقطت -أو كادت- كل خطوط الدفاع المتقدمة منها والمتأخرة، وتهاوت كل المصدات أمام الضربات المتلاحقة الموجهة لهذا الجيل أرضاً وسماءاً.. (الجزيرة) ما عادت "قناة" فضائية تنافس في سوق الفضائيات التي تتوالد -بسم الله ما شاء الله- كتوالد الأرانب والفئران. (الجزيرة) هي الضمير العربي المسلم، هي التعبير الحقيقي عن (نبض) الشارع، عن أحلامه وأشواقه، عن آماله وآلامه (الجزيرة) أضحت الجزيرة الأكبر لعالم الأفكار الكبيرة والرؤى الواسعة. (الجزيرة) هي البيت العربي الأكثر صدقاً وأماناً، ولاءاً وحباً. عظيمة يا جزيرة، منصورة يا جزيرة، إن الله مع الصادقين.
عن الدواخل.. عن الخوارج هذا الاحتشاد الهائل للمتاريس البشرية التي وصلت للملايين في ثورة تونس ومصر واليمن والجزائر والبحرين وليبيا.. و.. الخ.. كشفت بما لا يدع مجالاً للشك مدى الاحتقان الذي يتشبع به الشارع العربي من المحيط إلى الخليج. تصوروا: أطفال صغار وعجزة في أرذل العمر ينفثون من صدورهم حمم الكراهية والبغض ضد حكامهم ويعتبرونهم أشد عداء لهم من أعدائهم.. لا تكاد تلتفت يمنة أو شملة حتى تجد الكراهية طافحة -تماماً كما تطفح المجاري في شوارعنا العربية- ودوناً نحن عن سائر أمم الدنيا وشعوب الأرض العلاقة بين الحكام والشعوب علاقة عدائية، علاقة تربصية، هم يكرهوننا حد الموت والفناء ونحن في المقابل نلعنهم صباح مساء، صيفاً والشتاء. والأصل في العلاقة بين الحكام والشعوب وفق التصور الإسلامي علاقة حب وود وتكامل، وفي الحديث "خير أئمتكم من تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم, وشر أئمتكم من تلعنونهم ويلعنونكم وتدعون عليهم ويدعون عليكم".. أو كما جاء في الحديث. العلاقة بين الحاكم والمواطن علاقة خدمة متبادلة، تعاون مثمر.. الحاكم هو الخادم لشعبه, الحارس على مصالح أمته, ولا ولن يكون حاكماً إلا برضى المحكومين ورغبتهم. بالتأكيد النصوص النبوية لا تقصد هؤلاء الحكام الذين يأتون إلى الحكم بالإكراه والاغتصاب والقسر، يحسون بهذه (العقدة) المستحكمة فيمارسون القمع والإكراه ضداً على مواطنيهم، ويخرج علينا (علماء السلطان) ليمارسوا (قمعاً فكرياً) آخر لا يقل عن قمع الحكام.. هم يعلموننا الانحناء والركوع بمقابل أنهم يرتلون آيات الطاعة العمياء في محاريب السلطة ولا يقولون للحاكم "ثلث الثلاثة كام"!؟ بمعنى أن الحاكم يعمل ما يشاء وقت ما يشاء كما يشاء، ولا مشيئة للشعب، لا صوت له ولا رأي، ولا "يرتفع نخس".. ومن "قال" فقد شق "عصا الطاعة".. وأصبح من "الخوارج". لو كان لدينا "علماء صادقون"، لو كان لدينا "رجال غير خائرين" لتعادلت كفة الميزان، ولمضى الطرفان حكاماً ومحكومين نحو غاية واحدة هدفها بناء الأوطان والرفع من شأن الإنسان، ولما حصل هذا الصراع النكد والخصام المتواصل الذي تدفع الأمة فيه ضريبة مضاعفة من آمالها وأحلامها، من دمائها وأعصابها من مالها وأبنائها ولن يتوقف نزيف الصراع إلا بتوافق وطني عبر نصوص دستورية محكمة تنظم العلاقة بصورة إيجابية كما هو الحال في كل شعوب وبلاد الدنيا (الكافرة) التي قننت العلاقة, وجعلت الجميع محكومين لدستور نافذ وقوانين صارمة.. حسبنا الله ونعم الوكيل.