حين نتحدث عن أن امرأة عظيمة هي بلقيس حكمت اليمن بالضرورة نتحدث عن شعب عظيم مدني بطبعه احتكم لهذه المرأة التي لم تكن تقطع أمرا حتى تستشيره. ثم يثبت التاريخ ثانية عظمة الشعب في فترة أخرى منه حيث حكمت الملكة أروى بنت أحمد الصليحي. أدهشت "ثورة التغيير" في اليمن كل العالم في كل نواحيها، فالبلد الذي يسكن تصورات العالم كقبائل وسلاح وإرهاب وتزمت غيَّر نظرة العالم له لتخرج حفيدات بلقيس بالآلاف من أجل إسقاط النظام في صنعاء وإب وتعز وعدن والحديدة والبيضاء... ليس هذا فحسب بل تختار مجلة التايم الأمريكية المجلة الأشهر في العالم المناضلة "توكل كرمان" ضمن استفتائها حول أكثر 10 شخصيات مؤثرة بين مئات الشخصيات المعروفة في العالم.
كان كثيرون مثل الإعلامي اللبناني الشهير زاهي وهبي صاحب برنامج "خليك بالبيت" يعتقد أن النقاب التي ترتديه المرأة اليمنية يمكن أن يحجبها عن المشاركة الفعالية في اليمن لكن الثورة حسب ما كتب في مقال عنونه ب"نون اليمن" أثبتت له العكس يكتب " لافت للانتباه حجم المشاركة النسائية في الثورة اليمنية، حيث لم يحجب الزي التقليدي ولا الحجاب الديني الحضور الواسع والمؤثر لنساء اليمن في الحراك اليومي الذي تشهده الميادين والشوارع والجامعات وكل الأمكنة المتسعة لهدير الشعب الذي لطالما اتهمه مثقفون عرب بسطحية أو سذاجة أنه يعيش نوعاً من السبات أو اللامبالاة، وأن جلسات القات تلتهم جلَّ الوقت والاهتمام لدى اليمنيين. فهبّ الشعب ليثبت أنه حيٌّ لكنه لا يُرزق أسوة بمعظم الشعوب العربية التي لا ينقصها الوعي ولا الكفاءة ولا النخوة ولا الشجاعة، بل ينقصها الحرية والتنمية والعدالة وكل أشكال الرزق «الحلال» بفعل الأنظمة المستبدة الفاسدة التي لم تترك متنفساً إلاّ وسدته، ولا لقمةً إلاّ وسرقتها من أفواه الفقراء والجوعى فيما هي تُشبعهم إنشاءً وشعارات جوفاء، ولا رزقاً وطنياً إلاّ وصادرته وحولته الى الأرصدة البعيدة" انتهى كلامه.
والمرأة اليمنية كانت ضمن هذا الإدهاش الذي تقدمه الثورة اليمنية رغم الواقع الصعب. كان النظام الذي نريد إسقاطه يقوم باستغلال الحديث عن المرأة وعن أهمية دورها في المجتمع لجلب المساعدات من الخارج لم يكن يخلو خطاب من أن القيادة السياسية حريصة على مشاركة المرأة باعتبارها نصف المجتمع. وكان يحتاج لها في الانتخابات لتعمل وتصوت إلى جانب الرجل. وكانت المرأة بجهود ذاتية فاعلة في كل مناحي الحياة السياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية تعمل جنبا إلى جنب مع الرجل متجاوزة كل ما يمكن أن يلحق بها أحيانا من نظرة قاصرة كرسها النظام حرصا منه على تهميش جزء من المجتمع.
لم تكن المرأة في "ثورة التغيير" بأقل من الرجل ، خرجت في مسيرات تقدمت الصفوف بل قادتهم وتعرضت للاعتداء وللاعتقال والتهديد لكنها لم تتراجع.. تعمل ضمن لجان أمنية خاصة بالنساء تقف في مداخل الساحات، وفي الطاقم الطبي للساحات.. في توعية النساء ، حتى في دعم الساحات بالطعام. الأسبوع الماضي بصنعاء انطلقن في مسيرة من ساحة التغيير بصنعاء الى مكتب الأممالمتحدةبصنعاء , وقمن بتسليم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبر ممثله بصنعاء , عن المجازر التي يرتكبها النظام في اليمن وبالأخص محافظة تعز. ولم يسلمن من الاعتداء عليهن من قبل بلاطجة النظام.
لذا أزعجن النظام للأسف وعلى رأسهم الرئيس الذي تقمص الجمعة الماضية دور الواعظ أمام أنصار له في ميدان السبعين ليتحدث عن حرمة الاختلاط شرعا. دعوني أقتطف جزء من خطاب الرئيس في 2010 في كلية الشرطة وهو يتحدث عن المرأة ليرد على نفسه ( ينبغي علينا أن نحترم و نرحب بالمرأة في مرافق العمل بمختلف مؤسسات الدولة ومعاملتها كما نعامل أخيها" من يقول إنه لا يجوز أن تكون هناك امرأة شرطية في المطار أوفي الجمارك وفي أي مرفق، أنا أقول على هؤلاء رجعيين من خلال منطقهم هذا كل واحد منا لديه أم و أخت و زوجة وبنت وحريص على عرضها وشرفها إذا لابد من توفر التعليم العام والجامعي للقضاء على الأمية والتخلف والتعصب المناطقي والقبلي) للأسف ليس غريبا ماقاله الجمعة الماضية عن الاختلاط في ساحات التغيير فقد اعتاد على إهانة شعبه وهو على استعداد لقول أي شيء للبقاء في الكرسي. صحيح كلامه إنه لا بد من التعليم للقضاء على الأمية والتخلف والتعصب والمناطقية، وربما كان قليل من التعليم كفيل بتخليصه من كل تلك الأوصاف التي أكثر ما تنطبق عليه. المصدر أونلاين