(1) عاب البعض على أبناء الشيخ عبدالله حسين الأحمر - رحمه الله- سيطرتهم على مبان حكومية لصد الهجوم الذي شنه صالح على منزل والدهم، وهذا رأيهم، فقط كنا نتمنى منهم لو قالوا لنا ماهية الطريقة المثلى التي كان ينبغي أن يسلكها أولاد الأحمر للدفاع عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم أمام رئيس لم يرع في مواطن إلاً ولا ذمة منذ أن صعد إلى السلطة..
هل كان مطلوباً منهم أن يهتفوا "سلمية - سلمية" والإنتظار حتى يتحول منزلهم إلى قاع صفصف، ثم يصدرون بياناً يندد ويشجب ويدين العملية، أم كان مطلوباً منهم اللجوء إلى قضاء فاسد وغير مستقل ولا نزيه لإنصافهم ونيل حقوقهم؟!
قد يكون للبعض موقف من أولاد الأحمر بشكل خاص ومن القبائل عموماً لكن يفترض أن لا تطغى هذه المواقف على قول كلمة الحق، والعجيب أن تجد من هؤلاء المعيبين من دافعوا كثيراً عن سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة في معظم مديريات محافظة صعدة، وعن سيطرة الحراك الجنوبي على مقرات رسمية في عدد من مديريات المحافظات الجنوبية، وممن يدعون اليوم شباب الثورة السلمية إلى اقتحام الوزارات والمصالح الحكومية وتعطيلها، وهم يدركون تماماً أن خطوة تصعيدية كهذه لن تخلو من عمليات تدمير وحرق ونهب وسلب لمحتوياتها كما حدث في مصر على سبيل المثال..
لم يكن الحوثي مخطئاً وكذلك الحراك، ومن حق شباب الثورة إغلاق المؤسسات الرسمية ووضع أيديهم عليها بعد ان احتلتها أسرة حاكمة، ومن الجرم لوم أي شخص أو جهة لجأت إلى اقتحام مصلحة حكومية للدفاع عن النفس أو إستعادة حق طالما أننا نعيش في دولة اللا نظام واللا قانون، وأجزم أن هؤلاء الناقدين لو تعرضوا لنصف ما تعرض له أولاد الأحمر وبمقدورهم الرد لأحرقوا الأخضر واليابس!!
(2) لا يوجد إنسان أو حتى حيوان على وجه الأرض سيتعرض لعدوان آثم ولن يقاوم (بإستثناء السلطة الفلسطينية كشاذ لا حكم له)، وليس من الشرع أو العرف أو الأخلاق أن ندير خدودنا للطمها، ويجب أن يدرك الظالمون أن دماء وأعراض وأموال المواطنين ليست لعبة يتسلون بها متى أرادوا، وأن البلد عصية على تحويلها إلى إقطاعية لعوائلهم..
حرق مقرات الدولة أهون من هدم البيوت فوق ساكنيها وقتل النساء والأطفال، وأهون من إراقة الدماء واستخدام السلطة في تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، وفي اليمن لم يعد للدولة وجود أصلاً ونحن أمام عصابة حاكمة ليس إلا.. هل من سلوكيات الدولة إقحام الشركات الإستثمارية في الصراعات، وحرمان ثلاثة ملايين مواطن من خدمة الإتصال الدولي والثابت كما حدث مع شركة "سبأفون"؟!
أبناء الأحمر يتعرضون لعدوان غاشم، ونكون آثمين إذا لم نقف بجانبهم وتركناهم فريسة لدكتاتور عاث في البلاد الفساد وأهلك الحرث والنسل، وعلى الأحزاب السياسية وشباب الثورة والقبائل الأحرار الإنضمام إلى صفوفهم لإسقاط النظام لأن انكسار شوكتهم لا تصب في مصلحة البلد إطلاقاً، ولا ينكر دعم ووقوف أبناء الأحمر مع الثورة الشعبية إلا جاحد..
الجنرال صالح حاقد على أبناء الأحمر لأنهم أحدثوا نوعاً من التوازن في الوطن، وشكلوا دعامة قوية للمعارضة، ويكفي أنهم حرّروا شركاتهم من عيون وآذان الأمن القومي، وكسروا إحتكاره للبث الفضائي، ولكم أن تتصوروا كيف سيكون حال الثورة بغياب قناة "سهيل" فقط في ظل التضليل والتزوير الذي تقوم بها وسائل الإعلام الرسمية؟!
(3) ارتكب علي عبدالله صالح جريمة حرب وإبادة جماعية في محافظة تعز الأسبوع الماضي ولا يزال، ولو أنه يعلم أن شباب الثورة بساحة الحرية سيردون بالمثل لما تجرأ على ارتكاب هذه المجزرة بدعوى احتجاز جنديين.. هل يجرؤ على حرق خيام المعتصمين بمحافظة مأرب مثلاً بحجة الانتقام للمحافظ الذي تلقى جسده عدة طعنات وأربعة جنود مرافقين له إثر خلاف مع شباب قبل أشهر؟!
صالح لم يراع أي حرمة في تعز، وهذا هو الوفاء الصالحي الذي يردده مراراً، ومن يدعمونه اليوم عليهم أن يستعدوا للوقوف أمام الله والدفاع عن أنفسهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، أما لماذا لم نشهد أي استقالات سواء من الحكومة أو من الحزب الحاكم احتجاجاً على مجزرة تعز قياساً بجمعة الكرامة في صنعاء رغم أنها لا تقل عنها بشاعة فالجواب بسيط جداً وهو أنه لم يعد ثمة مسؤول شريف أو قيادي مؤتمري محترم حتى يقدموا إستقالاتهم!!
(4) في مهمة لم يمارسها قطاع الطرق واللصوص في اليمن يعمل حالياً العميد أحمد علي عبدالله صالح جاهداً لتحويل الصحفيين إلى شحاتين في الشوارع بعد أن كبد صحفهم ومصدر قوتهم خسائر بملايين الريالات جراء القرصنة التي يقوم بها الحرس الجمهوري الذي يقوده على مداخل المدن الرئيسية من مصادرة للصحف.. كنا نظن أن العميد سيكون متقبلاً للرأي والرأي الآخر بحكم دراسته في الخارج خلافاً لوالده الذي لم يتعلم لكن كما يقول المثل "الحية لا تلد إلا عقرباً".