(1) من حيث لا يدرون.. منح النظام وأجهزته الإعلامية ثورة التغيير الشعبية مشروعية إضافية؛ بعد أن احتفوا – إن لم نقل نظموا– ما أسموها (مسيرات غاضبة) سارت في أبرز شوارع العاصمة تنديداً باعتصام شباب الثورة الشعبية في ساحة الجامعة الذي أوقع بهم أضراراً فادحة، وأتعبهم.. أو كما قالوا للصحف والقنوات الرسمية! المشروعية الجديدة التي منحتها (مسيرة) أتباع النظام للثورة الشعبية يمكن ملاحظتها في تبريرهم الخروج في (مسيرة) لمسافة (150) كيلومتراً (على ذمة صحيفة 26 سبتمبر الحزبية)، وتعطيل المرور، وإشغال الأجهزة الأمنية عن ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة.. ثم نشر الغسيل اليمني الداخلي – على الأقل فضح عجز النظام والشلل الذي أصابه مما جعل أنصاره يلجأون لطلب تدخل دولي لإنقاذهم- أمام مكتب الأممالمتحدة.. وكل ذلك للاحتجاج على ما أصابهم من أضرار منذ ستة أشهر فقط! ستة شهور فقط من (المعاناة) جعلت الأجهزة الأمنية تسمح بتنظيم مسيرة (حاشدة).. فهل على المعتصمين في ساحة الجامعة حرج أو خطأ في أنهم معتصمون احتجاجاً على الأضرار الهائلة: سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ووطنياً التي أنزلها نظام الرئيس علي صالح بالوطن اليمني والشعب اليماني سنوات طويلة تتراوح ما بين 14 سنة إلى 33 سنة: 1- اليمن ضمن أفقر عشرين دولة في العالم! 2- اليمن تملك أسوأ نظام انتخابي مزور. 3- اليمن إحدى أشهر بلدان العالم في الفساد. 4- اليمن على وشك التفكك إلى دويلات بسبب فساد النظام وسوء إدارته للأمور. 5- فساد وتدهور الخدمات العامة من التعليم والصحة إلى الكهرباء والمياه والطرقات! 6- ديمقراطية شكلية حولت فكرة (الجمهورية) إلى ممارسة (ملكية).. يتوارث فيها الأبناء والأقارب الوطن والشعب كالمتاع! 7- بطالة كبيرة، وفقر مدقع منتشر، وجهل وأمية.. هذه بعض الأضرار التي لحقت باليمن واليمنيين بسبب سياسات النظام الحاكم ؛ ومع ذلك يستكثر أتباع النظام إقامة اعتصام سلمي لمدة ستة شهور.. وليس ثورة شعبية تقتلع مصدر الأضرار من جذوره!
(2) من جديد يثبت (النظام) غباءه وخروجه عن الصلاحية؛ فهو ينظم مسيرة حاشدة ضد اعتصام الجامعة، وتحميها الأجهزة الأمنية، وتحتفي بها مختلف وسائل إعلامه.. لكنه ينسى أن ينظم ولو حتى (تفرطة) ضد الاعتصام الرسمي القائم في ميدان التحرير، قلب العاصمة، المتوسط لأبرز مؤسسات الدولة السيادية والاقتصادية.. فضلاً عن (استعمار) مدينة الثورة الرياضية وملئها بالمسلحين والبلاطجة! لا أدري كيف فات على الجهات الرسمية التي نظمت (المسيرة) أن مسؤولي مكتب الأممالمتحدة قد يواجهون المشاركين بأسئلة مثل: - أنتم منزعجون ومتضررون من اعتصام التحرير أم اعتصام الجامعة؟ - (الجامعة.. يا فندم الجامعة!) - طيب.. وأين المتضررون من اعتصام التحرير؟ * ما بوش ضرر هناك.. إحنا بنروح يومياً.. ونعتصم ونصلي الجمعة.. ولا في شيء! - طيب.. ألم يتعرض لكم الأمن المركزي.. ويطلقوا عليكم الرصاص أو مياه المجاري كما يحدث على المسيرات الأخرى! * الشهادة لله.. إنهم محترمين.. وكانوا يحرسونا.. ونص المسيرة منهم يا فندم!
(3) ماذا كان سيحدث للنظام لو أنه كان سمح منذ البداية للمعارضة بتنظيم المسيرات والاعتصامات والمهرجانات بدون عراقيل وتخبط مثلما سمح لمسيرة شارع الزراعة ولاعتصام التحرير واستعمار المدينة الرياضية؟ للتذكير فقط، فقبل يوم واحد من مسيرة الشرعية الدستورية، وارد شارع الزراعة، تصدى رجال أمن وبلاطجة لمسيرة شبابية خرجت من ساحة الاعتصام وحاولت السير في شارع الزبيري.. وسقط شهداء وجرحى واختطف آخرون.. فلماذا لم يسمحوا لهم بالسير في الشارع مثلما سمحوا – بل وخططوا ونظموا- لمسيرة الزراعة؟ ستة شهور مرت منذ الأول من فبراير والنظام يمثل دور الأم الحنون للاعتصامات والمسيرات المؤيدة له ويمنحها شرعية حتى لقتل المعارضين لمن استطاع لذلك سبيلاً.. ولا أحد يعترضها.. بل وتنقلها القنوات التلفازية باهتمام، وتخصص لها الصحف الرسمية تغطيات وافية، وكأنها إجازات ومشاريع الخطة التنموية السنوية.. وأما الاعتصامات والمسيرات المعارضة فيواجهها الأمن بالرصاص الحي والمصفحات والبلاطجة، ومياه المجاري، وتندد بها كل أجهزة الدولة ومسؤولوها ويبيحون دماء المشاركين فيها باعتبارهم خونة وعملاء وخارجين عن طاعة ولي الأمر!
(4) التغطية الإعلامية الرسمية للمسيرة المؤيدة للنظام كانت غبية كغباء المنظمين والمنفذين والصحفيين الذين رافقوها وغطوا سيرها.. وهاكم بعض الملاحظات السريعة: - رغم أنها كانت مسيرة واحدة إلا أن صحيفة (26 سبتمبر) وصفتها في العنوان بأنها (مسيرات غاضبة) بجمع المؤنث السالم.. على عكس صحيفة (الثورة) التي قالت إنها (مسيرة) بالمفرد! هذا الاختلاف جعل فأر سد مأرب يلعب في ذهني.. هل كانت فاتورة التكاليف المقدمة لولي الأمر هائلة كالعادة وتبريرا لذلك وصفوا المسيرة بأنها: مسيرات وحاشدة كمان؟ - (صحيفة 26 سبتمبر) تفردت بأكبر قدر ممكن من الغباء الإعلامي الرسمي في تغطية المسيرة؛ فهي أقرت بأن المسيرة هي أول رد فعل للأهالي (بعد صمت طويل لما يقارب 6 أشهر بالتمام والكمال هي عمر الاعتصامات).. متناسيين أن رئيس الجمهورية ووزير داخليته أعلنا للعالم مساء يوم مذبحة الكرامة (18 مارس) أن عمليات القتل التي حدثت قام بها أهالي حي الجامعة الذين لم يستطيعوا تحمل الاعتصامات واعتداء المعتصمين عليهم وعلى بيوتهم.. وكذلك سبق أن نشروا في الصحف أن الأهالي تقدموا بشكاوى ورفعوا قضايا ضد الاعتصامات.. فكيف يقولون اليوم إن المسيرة جاءت بعد صمت طويل؟ وأيهم نصدق: الرئيس والوزير.. أم عكفة 26 سبتمبر؟ - تغطية (26 سبتمبر) كانت مليئة بالمضحكات التي هي كالبكاء على رأي المتنبي وخاصة الشكاوى التي نسبتها لمن قالت إنهم سكان حي الجامعة المتضررون من الاعتصام في حيهم؛ فأحد المشاركين؛ قيل إنه دكتور؛ شكا للصحيفة من الاعتصامات لأسباب ذكرها؛ كان بينها أن الاعتصامات حرمتهم من قيمة الإيجارات بسبب هروب المستأجرين.. وبعد سطرين نسي كلامه وشكا من معاناته بسبب عدم قدرته على تسديد الإيجارات.. فلم نفهم: هل هو من المستأجرين أم المؤجرين؟ - وبعض المشاركين شكوا من ارتفاع قيمة وايتات الماء بسبب إغلاق الطرق.. وهذه الشكوى يمكن تقبلها من سكان الأحياء التي لا تصلها مياه المشاريع الحكومية.. أما حي الجامعة والزراعة فالمعروف أنها داخلة ضمن منجزات مشاريع المياه من زمان بعيد.. وإذا حدث انقطاع للمياه فالعتب على حكومة الرئيس! وعلى أية حال.. فالمشاركون لا يعلمون أن سعر المياه ارتفع في كل مكان في صنعاء أضعافاً مضاعفة ودون تفريق بين مؤيدي النظام ومعارضيه ببركة سياسة العقاب الجماعي ضد الشعب! والحل للمشكلة بسيط.. فالنظام الذي قطع المشتقات النفطية والكهرباء عن اليمن قادر على أن يضخ المياه إلى حي الجامعة يوميا ويكفي أتباعه عناء شراء الماء! - بعضهم شكا من إغلاق المطاعم والبوفيات في حي الجامعة مما تسبب بزيادة مصروفاته.. لماذا.. ألا تطبخ نساؤكم في البيت لكم الطعام والشاهي أم أنتم عزاب؟.. إذا كنتم عزاباً لماذا لا تطالبون النظام بتنظيم زفاف جماعي لكم؟ وإذا كانت المشكلة من الداخلية في بيوتكم.. فما ذنب المعتصمين؟ - لا ندري كيف قاست (26 سبتمبر) المسافة من شارع الزراعة إلى مكتب الأممالمتحدة بأنه يبلغ (150 كيلومتر تقريباً).. أكيد الميزانية التي رصدت للمسيرة تم تقديرها على ذلك لرفع أو تبرير ضخامتها (أين لجنة مكافحة الفساد للتحري حول هذا الفساد.. وأين لجنة المناقصات لترى هل تم عمل مناقصة لمقاولة المسيرة أم أنها تمت بأوامر مباشرة)؟ - المشاركون الذين طالبوا المعتصمين بالرحيل إلى أماكن أخرى كان عليهم أن يوجهوا هذه النصيحة أو المطالبة إلى الذين دفعوهم للخروج إلى الشارع.. فأصل المصيبة هو النظام الذي حاصر الشعب في كل مكان فجاءه أمر الله من كل جهة وفي كل محافظة.. ثم إذا كان شخص واحد يرفض أن يرحل فكيف تستسهلون رحيل الملايين! (5) يكاد المريب يقول: خذوني! فبعد ساعات من محاولة اغتيال الأستاذ محمد اليدومي؛ سارع النظام للإعلان عن أن التحقيقات تشير إلى تورط أحد أطراف الأزمة السياسية في حادثة تفجير مسجد الرئاسة الذي يقع في قلب دار الرئاسة وتحميه قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والحرس الخاص.. ويخلق مالا تعلمون! الهدف واضح.. عبده الجندي وأسياده يمشوا الاعتداء على اليدومي.. بالنحنحة! حتى المؤتمر الشعبي العام جدد إيماننا بأن الله تعالى يحيي من في القبور؛ فصدر بيان مؤتمري يدين الحادثة ويطالب بتشكيل لجنة مشتركة منه ومن اللقاء المشترك للتحقيق في الحادثة! النظام حتى الآن لا يعرف من حاولوا قتل الرئيس وكبار مساعديه داخل قصر الرئيس نفسه.. ويريدون أن يوهمونا بأنهم قادرون على كشف ملابسات الاعتداء على اليدومي في شارع عام؟ تخيلوا عندما يكون ممثلو المؤتمر في اللجنة المشتركة: البركاني والصوفي وغانم وعبده الجندي... سنقول ساعتها: يا هارب من الموت إلى.. فرقة حسب الله!