قبل 2007م تفجرت رسميا الثورة الجنوبية، التي بدأت من حضرموت عبر مظاهرات 1996، وفي فبراير الماضي تفجرت الثورة الشمالية. ومع إن الجنوبيين بقوا في الساحات لوحدهم طيلة السنوات الماضية لثورتهم، لكنهم وقفوا مع الثورة في الشمال، من اليوم الأول، بل رفعوا أعلام الثورة، وتبنوا قضاياها. ثورة الشمال، حصلت على دعم شعبي جعلها أكثر قوة، لكنها فقدت عدلها أول ما اعتدي على الناشطات والناشطين الحقوقيين المستقلين او حتى الحزبيين من الاشتراكي والناصري وحتى الحوثيين، وأزيلت خيم الجنوبيين في صنعاء. وتصل الآن الأمور إلى أشدها، بكل هذا الهجوم الثوري المفلس على القضية الجنوبية والجنوبيين. لم أكن مؤملة، كجنوبية عاشت في صنعاء، لكن كثير من أبناء الجنوب كان أملهم أن تقدم الثورة دليلا واضحا على إدراك الأخوة الشماليين، أحزاب ومجتمع، لما عانى منه الجنوب طيلة فترة استحلال أرضه وإلغاء ثقافته وتاريخه والسخرية من عاداته وتقاليده. الذي حدث هو ان الثورة الشمالية، هي التي أعادت تذكيرنا كجنوبيين بالإقصاء والإلغاء والتهديد بحرب أخرى لحماية الوحدة مننا نحن صناع الوحدة، ويا ترى ما هي هذه الوحدة في نظرهم؟ وهم المجتمع الذي لا يعرف شيئا عن معاني الوحدة والأخوة، ويقتل الواحد منهم أخوه على متر واحد من أرض غير نافعة، قلت متر وليس متر مربع حتى. ولطالما كرهت تشبيه أشد القبائل الجنوبية، بقبائل يعرف سوءها الشمال قبل الجنوب، وهي التي استولت على الدولة الشمالية منذ عشرات السنين. عموما، هذا ليس موضوعي، الأهم هو أن ماحدث يفرق تفريقا كاملا وواضحا بين أهداف الثورة في الشمال والثورة في الجنوب. ان الثورة الجنوبية تعمل من أجل حقوق ومطالب يلمسها العامل والفلاح، من كل فئات الشعب، متعلمين ومثقفين او حتى أميين، ولها قيادات من أوساط هذه الفئات، يعانون جميعا نفس المعاناة. حتى القيادة التاريخية التي تعمل لدعم الثورة الجنوبية، فهي تدعم ولا تقود، ولطالما دعا شخص مثل الرئيس علي سالم البيض الجنوبيين في الداخل لاختيار قيادة لهم من بينهم، وهذا ما قاله دولة المهندس حيدر العطاس في لقائه الأخير مع قناة النيل. لهذا، يا أهل الجنوب، اتركوا الجدل العقيم مع الثورة في الشمال، فهي لن تسمعكم، بل تواصل نفس العمل من إرباك وتشتيت للعمل الثوري كما فعلت بثوارها. فالانتظار يفكك الوحدة الجنوبية، فلهذا يجب ان نعود لكيف بدأ الحراك وتمحور وكبر وصار عنوانا رسميا في العالم كله للجنوب، لا يذكر الجنوب الا ويذكر الحراك الجنوبي. فلهذا ان القيادة التي تمثل الجنوب يجب ان تنبع من الداخل، ويجب صنع إدارة موحدة للحراك، من الليبراليين والمستقلين وحتى الحزبيين. ليكن هناك تطور ملحوظ، يقوي القيادة من الداخل، ولا يختزل تمثيل القضية على من في الخارج، فالداخل هو من يجب ان يفرض مطالبه على من في الخارج. إن أغلبية المحافظات الجنوبية، جاهزة، وحان الوقت للاهتمام بالعاصمة "عدن"، فهي قلب الجنوب، ولابد أن تبذل جهود من أجل توحيد الصف في عدن، مع أنني متأكدة انهم موحدين بالهدف، ولكن هناك اختلاف رؤى، ولن يقربها الا بعمل مؤسسات أو مجالس أو لجان أهلية، ومهما يكن الاختلاف في البداية فان توحد الهدف واستمرار الحوار، سيوصل الى النجاح للهدف الواحد. لقد أصبح للحوثيين قيادة رسمية تعبر عنهم، أكثر منا، لأننا اختزلنا القضية بانتظار من في الخارج، مع أن حراك الداخل هو الذي رفع علم الجنوب وقضية شعبه في الداخل، وأستدعى قيادة الخارج لتسانده في مشروعه من أجل استعادة الدولة والكرامة والحرية. فلنصنع قيادة موحدة تمثلنا وتتحدث باسمنا.