«بعد الجولة»! هي العبارة التي يتشبث بها أصحاب الباصات للحفاظ على ما بقي من أشلاء قوانين في اليمن! طلبت من صاحب أحد الباصات أن ينزلني على قارعة أحد الطرق!! وتعجبت جداً عندما طلب مني أن أدفع مائة ريال أجرة له.. لا خمسين كما اعتدت أن أدفع.. فكان رده أنني ركبت قبل جولة الرويشان وليس بعدها! علمت حينها أن «بعد الجولة» ليس فقط قانون سير ومرور.. بل نظرية اقتصادية توفر للمواطن اليمني على الأقل نصف تكاليف الحياة! أثار انتباهي أحد الشباب في الطائرة البارحة وهو يصرخ ويتحدث عن منجزات ولي أمره الذي صنع الأعاجيب في هذا الزمن... ولي أمره الذي جاء بما لم تأتِ به الأوائل! الرجل الذي وحّد الشطرين.. بنى اليمنيين.. أدهش الثقلين.. أفاد بعلمه العالمين! الرجل الذي كان له وبه الفضل في حصول كرمان على جائزة نوبل للسلام.. فهو من رسخ مفاهيم الديمقراطية في عقلها وعقول كثير من اليمنيين! الرجل الذي حيّر العالم بحكمته وعدله وصبره على سفاهة وتطاول شعبه عليه! طبعاً لم أتعجب.. فقد استفدت من جرعات الجندي كثيراً.. وأصبح لدي مناعة من غباء أذيال النظام. عدت بذاكرتي إلى الوراء قليلاً.. لأتذكر تلك اللحظات التي كنت أقف فيها فاغراً فمي متعجباً من أولئك الذين كذبوا بالرسالات السماوية وهم يرون الآيات تتنزل أمام أعينهم.. ويرون المعجزات وهي تلقى بين أيديهم.. ثم يكفرون بها ويتولون عنها معرضين! كنت أستغرب من غباء أولئك الذين يعيشون معية الأنبياء، ويرون دحض أباطيل المجرمين بأعينهم ثم يكفرون.
كنت أتمنى لو أني جئت في ذاك الزمان لأصاحب نبياً.. لكنهم كانوا يخوفونني من عدم ضمانة إسلامي أو تكذيبي بالرسل في ذاك الزمان! لكنني عرفت الآن.. أين كنت سأضع قدمي.. عرفت أنني ممن يرون الآيات فيؤمنون بها.. بينا يكفر البعض بالشمس في وضح النهار. علمت أنني ممن يؤمن بغيبيات الوحي.. بينما يكفر البعض بجثث أبرياء قتلوا أمام شاشة التلفاز ويلبسون عليها الأباطيل. علمت أنني ممن يؤمنون بقدسية الحرية بينما يعشق غيري ذل العبودية. علمت أنني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه... بينما ينقب البعض عن أكاذيب اليماني والبركاني والجندي ليجعلوا منها نصوصاً مقدسة! كل من ينبذ الظلم ويعشق الحرية هو على الفطرة. كل من يرفض الظالم وينصر المظلوم فهو على الفطرة. كل من يقف في صف الثورة هو على الفطرة! وإن لم يرق للبعض ما أكتب هنا.. فأنا لن أتوقف عن هذه الكتابات إلا بعد الجولة!