أجرى المصدر أونلاين حواراً قصيراً مع السفير الألماني الجديد في اليمن هولقِر قرين حول مستجدات الوضع في اليمن، ورؤية ألمانيا وجهودها لإيجاد حل سياسي سلمي، وكذا التحركات الجارية في مجلس الأمن لإصدار قرار حول اليمن، والتعاون الاقتصادي اليمن وألمانيا... فيما يلي نص المقابلة: • في البدء نرجو من سعادتكم وضعنا أمام آخر ما لديكم فيما يتعلق بمستجدات الحالة اليمنية الراهنة في ظل الثورة الشعبية الشبابية المتصاعدة منذ قرابة 9 أشهر؟ - بداية اسمح لي أن أشير إلى أنني وصلت اليمن منذ حوالي 6 أسابيع، بعد تعييني سفير مفوض فوق العادة لجمهورية ألمانيا الاتحادية لدى الجمهورية اليمنية، وعليه فمعرفتي ببلدكم لازالت متواضعة.
وخلال هذه الفترة عايشت تطورات إيجابية تمثلت في المباحثات بين الحكومة والمعارضة حول نقل السلطة، وكانت المواقف متقاربة على الرغم من عدم الوصول إلى حل نهائي. ومن ناحية أخرى فقد عايشت تطورات سلبية تمثلت في الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين من قبل قوات اليمن، نتج عنه العديد من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى تصاعد المواجهات بين المجموعات المسلحة والقوات الحكومية والمعارضة.
• ما هي جهود جمهورية ألمانيا الاتحادية وتحركاتها الدبلوماسية لإيجاد حل سياسي، في إطار التحرك الدولي بشكل عام، وتحركاتها وجهودها بشكل خاص في هذا الجانب؟ - ألمانيا، كبلد تربطه علاقة شراكة طويلة الأمد باليمن، تبذل جهودها من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية الراهنة، وهي في ذلك تتشارك مع الإتحاد الأوروبي، الولاياتالمتحدةالأمريكية، دول مجلس التعاون الخليجي وأيضا روسيا والصين. وفي إطار مجلس الأمن، وألمانيا عضو غير دائم في المجلس في الوقت الحالي، فمن المتوقع أن يتم مناقشة قرار حول الوضع في اليمن. وهنا ستكون مشاركة ألمانيا إيجابية.
• كيف تنظرون إلى المبادرة الخليجية في الوقت الراهن من حيث أهميتها وضرورة توقيعها في ظل تعقد الحوار بين المعارضة والسلطة بشأن آلية تنفيذها..؟ ومن هو الطرف الذي أعاق التوصل إلى إتفاق بهذا الشأن؟ - أنا شخصيا لا أرى بديل واقعي للمبادرة الخليجية. ومن حيث المبدأ فقد وافقت كل الأطراف السياسية في اليمن على هذه الخطة، ما عدا توقيع الرئيس. ويتوجب على الرئيس أن يفي بوعده بخصوص التوقيع على المبادرة وبالتالي العمل على الخروج من حالة الجمود السياسي في البلد وما يتبعه من نتائج سلبية على المواطنين. إذ أن كل المؤشرات الاقتصادية ساءت بسبب هذه الأزمة السياسية، وإن تحسن الوضع متوقع بعد إيجاد بداية سياسية جديدة.
• ما المعلومات المتوفرة لديكم فيما يتعلق بالحوارات التي جرت بين طرفي السلطة والمعارضة حول آلية التنفيذ، والتوقيع على المبادرة الخليجية، ونقاط الاتفاق والخلاف حولها؟ - يتابع المجتمع الدولي بحرص كبير الحوارات التي تتم بين السلطة والمعارضة، وحسب معلوماتي المتواضعة فإن نقاط الخلاف بين الطرفين ضئيلة ويمكن حلها إذا ما توفرت الإرادة السياسية. وهنا أود التأكيد على ضرورة توفر الإرادة السياسية لدى كافة الأطراف.
• إذن ما هي نظرة ألمانيا للنتائج المحتملة التي يمكن أن تتسبب فيها حالة الجمود الراهنة على ضوء التعقيدات الأخيرة للحل السياسي؟ - آمل أن لا يتسبب الجمود السياسي السائد منذ أشهر في دخول البلد في حرب أهلية مفتوحة. ومثل هذا الأمر لا يخدم أحد، وخاصة مواطني بلدكم. وإني على ثقة بأن أغلبية اليمنيين مع إيجاد حل سلمي للأزمة وليسوا مع العنف بمختلف أشكاله. ونحن نعمل في هذا السياق.
• هل يعني أن السفارة مازال لديها أمل بأن ثمة حل داخلي حتى مع بروز تلك التعقيدات فيما يتعلق بالتوصل إلى حل سياسي؟ وفي حالة ذلك..ما هي المؤشرات التي تبنون عليها تفاؤلكم، وتمنع إنزلاق البلد في أتون حرب أهلية؟ - اسمح لي هنا أولا أن أؤكد على حقيقة أننا لم نفقد الأمل بعد حول إمكانية إيجاد حل على قاعدة مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي. وما أراه إيجابيا هو أن جميع القوى السياسية متفقة من حيث المبدأ، على أن يتولى نائب رئيس الجمهورية الفريق عبد ربه منصور هادي إدارة المرحلة الانتقالية، بمعنى أنه علينا أن لا نتوقع صراع على السلطة يهدد أمن واستقرار بلدكم بعد استقالة الرئيس صالح.
• ما هو شكل قرار مجلس الأمن الذي تعتقد ألمانيا أنه يمثل حلا مناسبا؟ وما هي الحلول الأخرى المتاحة للمجتمع الدولي للحالة اليمنية، فيما لو فشل مجلس الأمن في إصدار قرار ملزم للحل، خصوصا مع وجود مؤشرات غير مطمئنة من الجانب الروسي، وفي ظل تصاعد المخاوف من الانزلاق إلى حرب أهلية؟ - إن جميع القوى الإقليمية والدولية الشريكة لليمن ترى أن على الرئيس صالح نقل السلطة إلى نائبه هادي، من أجل تجاوز الجمود السياسي القائم في اليمن. وهذا الأمر يحظى بقبول كل الفرقاء السياسيين في اليمن. ومما سيتناوله قرار مجلس الأمن هو التأكيد على أهمية سرعة إنجاز ذلك. وإني لا أرى خطر من صدور قرار من مجلس الأمن حول اليمن، يمكن أن يجر البلد إلى حرب أهلية.
• على ضوء الوضع الراهن وربما تعقيداته الأخيرة..من وجهة نظر ألمانيا، ما هي السيناريوهات المحتملة في اليمن، وذلك في حالة فشل المجتمع الدولي في التدخل وفقا لأي طريقة كانت، سواء عبر مجلس الأمن، أم بشكل منفرد؟ وهل من الممكن أن تقدم ألمانيا – في حال فشل إصدار قرار مجلس الأمن - على اتخاذ قرارات منفردة على شاكلة ما حدث مع سوريا؟ - لا أود تخمين ما يمكن أن يحدث. ولا يجوز السماح بفشل الجهود الدولية حول إيجاد حل للأزمة السياسية، وعليه فلن نستسلم مهما كانت الصعوبات، وسنحاول إيجاد حل.
• من خلال مراقبتكم للوضع ..ما هي الرسالة التي تودون توجيهها إلى الأطراف اليمنية التالية: السلطة، المعارضة، شباب الثورة، الجيش – بشقيه الموالي لصالح والمؤيد للثورة - النفوذ العشائري..؟ - أنا أرى أنه من المهم جدا أن يساهم كل طرف بواجباته حيال إيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية الحالية. إذ أن الاعتداءات العنيفة والاستفزازات وكذا الاختطافات، والتي مارسها جميع الإطراف، وربما ستمارس – وبشكل رئيسي من معارضي الحكومة - بالإضافة إلى الاعتداءات على البنية التحتية، كل ذلك يدمر البنية التحتية لبلدكم. فكل ذلك لا يساهم في تجاوز المشاكل التي تواجهها بلدكم ويجب التوقف عن مثل هكذا ممارسات. فالمسئولية تقع على عاتق الجميع، وبشكل خاص الحكومة، من أجل تحقيق بداية سياسية جديدة.
• ما هي التوجهات الرئيسية للسياسة الألمانية في اليمن..سواء في الوقت الراهن، وفي المستقبل يشكل عام؟ - في الوقت الراهن يتم التركيز على إيجاد حل للأزمة السياسية في اليمن. بيد أني آمل أن نتمكن في أسرع وقت من تفعيل مختلف أوجه العلاقة بين اليمن وألمانيا. فمنذ ما يربو عن 40 عاماً ظلت ألمانيا شريك موثوق به لبلدكم، وكان ذلك على مختلف الأصعدة مثل مجال التعاون التنموي، تأهيل الكوادر المتخصصة وكذا المجال الثقافي. وكم أتمنى أن أتمكن من إعادة التركيز على هذه المجالات وفي أقرب وقت ممكن.
• ثمة قلق دولي واضح من أن المزيد من الاضطرابات في اليمن قد يساعد على منح الإرهابيين مناخا مناسبا للتحرك بحرية..هل لدى الجانب الألماني مثل هذا التوجس؟ وهل لدى الجانب الألماني دور معين في المشاركة مع المجتمع الدولي في مسألة مكافحة الإرهاب في اليمن؟ - نلحظ أن الإرهابيين المتواجدين في أماكن كثيرة في اليمن يستغلون الفراغ السياسي الحاصل في اليمن في سبيل تحقيق أهدافهم المتمثلة في الاستيلاء على مساحات/مناطق كبيرة في البلد. ومعلوم أن مثل ذلك غير مرحب به من قبل المواطنين. وإنه وبسبب فرار الكثيرين من مناطقهم، فإن الأزمة السياسية ستتفاقم، ولن يتم تحجيم الإرهابيين إلا في حال تم التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. وفي هذا السياق فإننا نبذل جهودنا.
• ما حجم وطبيعة المساعدات الألمانية للحكومة اليمنية؟ وهل ما زالت مستمرة، أم أنها توقفت؟ وإذا توقفت، فما هي الأسباب؟ - بسبب الجمود السياسي وكذا الوضع الأمني المتدهور اضطررنا إلى تقليص التعاون التنموي بشكل كبير جدا. فالمشاريع التي يتم تنفيذها بالشراكة مع الحكومة مجمدة في الوقت الراهن، وبالنسبة للمشاريع التي تعود بالخدمة على المواطنين فإنه يتم متابعة تنفيذها من خلال الموظفين المحليين، بعد اضطرار الخبراء الألمان لمغادرة البلد بسبب الوضع الأمني. بيد أن ما يجب أن يشار إليه أن تنفيذ المشاريع يتم ببطئ شديد جدا. وفي ظل الوضع الراهن لا يمكننا ولا ننوي الاتفاق بخصوص مشاريع جديدة، فحل الأزمة السياسية يمثل أهم الشروط لذلك. وفي حال تم التوصل إلى حل للأزمة السياسية اليمنية فسنعاود تعاوننا التنموي بشكل مكثف خدمة لمواطني الجمهورية اليمنية. وإنه وبهدف مساعدة الفئات الفقيرة في اليمن التي تأثرت بالأزمة السياسية والاقتصادية فإننا نقدم مساعدات مالية بواقع 20 مليون يورو لبرنامج الغذاء العالمي خلال هذا العام والعام القادم. * الترجمة إلى العربية عبد الملك المرهبي (مترجم السفارة الألمانية بصنعاء).
- السيرة الذاتية للسفير الألماني بصنعاء هولقِر قرين: مواليد 22 سبتمبر 1951 في مدينة بيرنبورق، متزوج، وله من الأولاد ولد واحد 1970 الثانوية العامة في ثانوية آيِنهارد في مدينة آخن 1970-1975 دراسة الرياضيات والجغرافيا في جامعة آخِن وجامعة يوهانِس قوتِنبيرق في ماينتز 1976-1977 دورة تحضيرية لتولي المناصب القيادية 1977 الالتحاق بالعمل في الوزارة الاتحادية للشئون الخارجية الألمانية، مهام تحضيرية 1979-1982 عمل في الملحقية الثقافية في السفارة الألمانية في بكين 1982-1985عمل في الوزارة الاتحادية للشئون الخارجية الألمانية، القطاع الثقافي 1985-1988 عمل ممثل دائم في السفارة الألمانية في كاتماندو، النيبال 1988-1991 عمل نائب رئيس القسم الاقتصادي في السفارة الألمانية في طوكيو، اليابان 1991-1994 عمل نائب رئيس القسم الاقتصادي في السفارة الألمانية في باريس، فرنسا 1994-1997 عمل نائب مدير عام الإدارة العامة لمنطقة شرق أسيا 1997-2000 عمل رئيس القسم الثقافي في السفارة الألمانية في بكين، الصين 2000-2004 عمل رئيس القسم الاقتصادي في السفارة الألمانية في بكين، الصين 2004-2005 عمل مدير عام في قطاع القضايا الدولية في الخارجية الألمانية 2005-2007 عمل مدير عام في قطاع الإعلام والعلاقات في الخارجية الألمانية يوليو إلى سبتمبر 2007 عمل قائم بالأعمال في السفارة الألمانية في باماكو 2007-2008 التحق بدورة تعلم اللغة الروسية 2008-2011 سفير مفوض فوق العادة لجمهورية ألمانيا الاتحادية في جمهورية غرغيزيا منذ سبتمبر 2011 سفير لجمهورية ألمانيا الاتحادية في الجمهورية اليمنية