سنة مضت .. سنة من أكثر السنين تغييرا بشكل مباشر أو غير مباشر في الخريطة العربية على وجه التحديد .... سنة من السيناريوهات الهوليودية لنهاية بعض الزعامات العربية .. زين العابدين هارب، حسني مبارك في السجن، القذافي جثّة .. علي عبد الله صالح سيتحسس بقية عمره آثار الطغيان على وجهه .. الجلي أن الثورات والانتفاضات العربية لم تعرفنا فقط على شعوبنا الخلاقة والحضارية. هذه الانتفاضات عرّفتنا على خارطة وجغرافية البلاد، على أسماء مدن و قرى و حارات وجدنا أنفسنا بلا شعور أو قيد ننتمي لها. بالمقابل حوار الرصاص وأنهار الدم العربي الذي يبدو انه محكوما عليه أن يتسع مجراه. ويبدو أيضا انه لن يكتب له الوصول إلى مصبه قبل أن ينضب هذا الجسد الكبير من كل قطرة دم. إذا كان القتل فعلا همجيا و فظاعة لا توصف .. أظن أن الأشد فظاعة هو النفاق المبرر له .. لا أعرف إذا كان يوجد تعبير أدق من ذلك في وصف ما يقوله هؤلاء الذين يدافعون باستماتة لتبرئة القاتل عبر سيناريوهات تنم عن خيال ضحل عديم الموهبة ... متى تشهد للحق إذا لم تشهد الآن ؟؟ أسألك أنت أيها المثقف الذي يبرر بحبر سخي فعل القتل في الساحات والقرى والمدن !! كيف تنظر إلى وجهك في المرآة بعد أن شاهدت القتلة يتناوبون بالعصي على حطام جسد بشري حتى الموت .. أو يطلقون الرصاص على من أعاد كتابة التاريخ بقدميه. نحن المراهنين على الأمل لا نعرف ماذا يجري في كواليس الدول وما هي لعبة الأمم التي غالباً لا تخضع لمعايير أخلاقية أو إنسانية. فحساباتها غير حساباتي أنا وأنت المدفوعين بالألم وبعدم الرضا عن هذا الخلل المعيب.. وإلا لما كانت تعاملت تلك الأمم مع هذا المستبد أو ذاك لخمسين سنة.. واقتضت مصالحها الآن تحديداً أن يصبح مستبداً ومارقاً وقاتلاً .. كل تلك النعوت وغيرها كانت متوافرة فيه ولكن المصلحة كانت تقتضي أن لا ترى. من المخيف معرفة أن تخطيط عالمنا الحالي جرى في نفسها تلك الكواليس .. اتفاقات ومخططات وتوصيات متجسدة فيما نعيشه اليوم..نستطيع بقليل من التحليل والتفكير والابتعاد قليلا عن رومانسية الثورات فك طلاسم الهبة الغربية لمؤازرة الثورة في ليبيا كمثال وركوب موجة الربيع العربي تحت حجة حقوق الإنسان ..فالغرب لا يريد ثورات بمعناها الصحيح بل يريدها فوضى لا تبقي ولا تذر والأسباب بسيطة .. أسواقهم منهارة وعملتهم متهالكة وإنتاجهم في كساد وهم أسياد التغيير.. أليس الغرب ولاّد فلسفات وأطروحات عند غروب كل مساء؟ هل هذه التدخلات ستترك نتائج التحركات العربية تصب في غير مصالحها !! هل أميركا جمعية خيرية تناصر الشعوب المستضعفة و حريصة على ديمقراطيتها !! كلمة حق تقال إن تاريخها يشفع لها بذلك من فلسطين إلى العراق إلى أفغانستان !!! هل دول المشيخات الخليجية تعاني من تخمة في الحريات والديمقراطيات لدرجة أنها تحاول استفراغها في الدول ((الغير ديموقراطية )) وهل القنوات الإخبارية أصبحت الناطق الإعلامي باسم حقوق الإنسان !! و تخلت عن دورها الوظيفي المهني الحيادي في نقل الحدث و ليس بصنعه!! لا أدري كيف يستطيع الإنسان أن يطرح هكذا أطروحات غير منطقية لمجرد الطرح و النقاش . برائي المتواضع الديمقراطية تطور حضاري مقترن بدرجة الوعي بحقيقة الدولة أي دولة .. ومالم تصبح الدولة حقيقة مفصولة عن الولاءات أي ولاءات فالديمقراطية شكل دون روح يلبسه المنتفعون او الوصوليون. ولو أسقطنا واقع اليوم وربطناها بالتغيير على قاعدة الديمقراطية المنشودة فالأحزاب الدينية مما أصبح يعرف بالإسلام السياسي لا تؤمن بالديمقراطية والدلائل على الواقع لا حصر لها .. فهي لم تعرفها في كل تاريخها كما لم تعهدها في انتخابات رموزها كمثال .. في حين كتب بعض رموزهم أن الديمقراطية صناعة غربية من الكفار المقصد منها هدم الإسلام .. ويمكن مراجعة إيديولوجياتهم لمعرفة استسخافهم لهذا النهج واستمرار قياداتهم دون انتخابات أو ممارسات ديموقراطية. .السؤال المهم الآن هو كيف استطاعت هذه الأحزاب الدينية مصادرة الثورة وقطف ثمارها وإلغاء الآخرين حتى من صانعيها سواء في اليمن أو مصر أو غيرها ؟ في الأخير تبقى نتيجة هذا السباق المحموم للكسب غير واضحة .. اترك لكم تحديد النتيجة .. 0/1 لصالح من؟ ارفض هنا نظرية النسبية وارفض أيضا التحلي بالروح الرياضية فيما يتعلق بالخسارة .. ويسقط كل شيء وتحيا الشعوب وحدها فهي ، و فقط هي من تكتب التاريخ وتستطيع قلب النتيجة !