انتابني بعض التفاؤل مؤخراً حين ترامى إلى مسمعي وأنا هنا بجسدي المسافر الذي لم تظل خُطاه يوماً عن درب الحنين إلى تفاحة الحرية أراقب تحولات أولئك المتسكعين في مستنقعات السّياسّية هذا الخبر: (بناءً على ما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها المُزّمنة وبنسبة بلغت ال 99.9% من عدد المصوتين نجحت الانتخابات الرئاسية المبكرة تجاوز من خلالها اليمن الفوضى وخرج بها من عنق الزجاجة ). حينها تساءلت هل فعلاً بالمبادرة الخليجية سيتجاوز اليمن موته الزؤام؟.. أم أن أهداف الثورة قد تدحرجت بين أقدام أصحاب السمو والسيادة؟ لست أدري لماذا انتابني هكذا توجس؟ الآن ذاتي الثورية المحزونة, الملاصقة لتخوم الحدود المنسية والحالمة بزهو الآفاق المرتقبة قد أصيبت بالتشظي؟ أم أنني مهووس بذلك الحلم الطوباوي الذي لا زالت تعاندهُ انكسارات الزمن الردئ؟ أم أن الثورة قد علمتني كيف أسترد وعيي وكيف أستكمل نضوجي... هو كذلك... غير ما يصفعني هو ذلك الفقد المتكرر الناجم عن المكابرة الزائفة التي لا زلت ألقاها وأسمعها كل يوم وبفيضٍ من الرعب من قبل أولئك ممن لم يدركوا بعد أن الإنسان عدو ما جهل وأن الطغاة والمستبدين هم أعداء الشعب والوطن مصيرهم إلى مزبلة التاريخ لتتسع يوم بعد أخر إشراقة شمس الآمل وتضيق دائرة اللصوص والمجرمين تجار الدم الذين ستغرقهم ذات الدماء والذين لطالما صرخنا في وجه شهواتهم الموروثة.. ذهب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، نعم.. جاء الرئيس التوافقي المنتخب عبدربه منصور هادي، نعم.. ولكن لا زال هناك ألف بوم وبوم ينعقون ويحّلقون على النوارس يتمنون أن تسايرهم الزهور للبقاء والعيش في الكهوف المظلمة. عجيب أمرهم أولئك العُصبة من الأعداء الحميميين الذين شاخت أدمغتهم ولم تعرف الاعتزال حين يتخذون من أنفسهم قُضاة الوطن وحُماته وهم الأقرب إلى التشكيك والظن عدا عبثهم في حصد أوسمة الخلاف نقول لهم: تمترسوا خلف زعيمكم المخلوع كما تشاؤون.. انسربوا في جحافل عسسكم السوداء كما تشاؤون.. تسربلوا بكلماتكم الأسيرة التي لا تعشعش إلا مع البوم والغربان كما تشاؤون.. تمسكوا بالنصال الحادة أكثر من إمساككم بالغربال والقلم كما تشاؤون.. ولكن إياكم وحلمنا الجميل بوطن ينهض كنهوض العنقاء من العدم.. عزيز.. شامخ.. كريم.. من أجله سنبقى نحلم ونحلم وسأبقى من هنا أهدد وأتوعد وأكشر عن أنيابي فيا دعاة الظلام والجهل والبؤس إياكم واللهو والعبث بأحلامنا فهى أخر ما نملك في دنيا أخذت مننا الكثير. فامنحوا لأنفسكم فرصه لطرد الضجر والكدر وحماقة ما ترمون في طريقنا فلن تستطيعوا أن تصنعون من القبح جمالاً أو أن تجعلوا من المجرم القاتل خليفة راشداً فكفوا عن اصطياد الخبر الذي ينبت أشواكاً ولا تسخروا أو تشتموا في بهاء شمس الثورة لأنكم تكرهون الضوء تخلوا عن النهش والثلب وكفاكم نرجسية فلستم سوى البقية القليلة البالية المملوءة بزوابع البغض والكراهية, فقيرة الأخلاق كثيرة الفتنة.. أما أنتم أيها الأصدقاء الحميميون.. فندعوكم بأن تقوموا باجتهادات تخرج عن المألوف تحسنون الظن من خلالها بشباب ابتكروا وارتقوا في ثقافة الإبداع الثوري السّلمي حين عانق الموت شبابيك بيوتهم فصنعوا ثورة شعبية عصرية أنصهر فيها العقل مع الحماسة والوعي بالإرادة؟ تلك الإرادة التي كشفت الفروق بين من يقدم مساعدات الموت الرحيم تجنباً لأتساع ميدان الثورة ومن يحجبها عنهم حتى يعجزوا عن الانتصار.. حان الوقت لتعتقوا أرواحكم الجريحة ولتخرجوا لنا كتباً جديدة يفهمها الصغار ويحفظها الكبار.. دمتم أشداء على الوجع منصتين لما تحت الكلمة من ضجيج.