وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع "اليونبس"    دوامة الأزمات التي تخنق العاصمة عدن إلى متى؟    وقفات بجامعة الحديدة تندد بالعدوان الصهيوني الأمريكي على غزة وإيران    بعد المونديال.. بيلينجهام يغيب عن ريال مدريد 3 أشهر    الرئيس المشاط يعزي في وفاة عبد الله عبد الوهاب قاسم    الخدمة المدنية تناقش استكمال تصحيح الاختلالات في كشف الراتب    سقوط الشرعية وإنحدارها وصل إلى جناح آخر طائرة تملكها اليمنية (صور)    مظاهرة غاضبة أمام قصر معاشيق تندد بانهيار الخدمات والعملة    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    الارصاد يتوقع هطول امطار على أجزاء واسعة من المرتفعات ويحذر من الحرارة الشديدة في الصحاري والسواحل    اجتماع موسع لمناقشة الاستعدادات الجارية لبدء العام الدراسي الجديد في مدينة البيضاء    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    نادي الصقر يُعيد تدشين موقعه الإلكتروني بعد 10 سنوات من التوقف    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    في الذكرى ال 56 لانقلاب 22 يونيو.. فتح باب الاغتيالات لكبار المسئولين    الجنوب العربي.. دولة تتشكل من رماد الحرب وإرادة النصر    الغيثي: علي ناصر محمد عدو الجنوب الأول وجاسوس علي عفاش المخلص    ماذا اعد العرب بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    قدرات إيران فاجأت العالم    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    مرض الفشل الكلوي (9)    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    بنك الكريمي يوضح حول قرار مركزي صنعاء بايقاف التعامل معه    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة هيكلة العقل اليمني
نشر في المصدر يوم 06 - 03 - 2012

لا شك أن إعادة هيكلة الجيش ليصبح قوات نظامية تأتمر بقيادة واحدة هدفها الأول حماية البلاد وليس عائلة أو فرد لا شك أن هذا يمثل الركيزة الأولى لبناء الدولة وصمام الأمان من الانزلاق نحو الحروب والصراعات. لكن إعادة هيكلة عقل الإنسان اليمني ومن ضمنهم بالطبع العسكر سيكون أكثر ضماناً على المدى الطويل، بل وسيكون البداية الحقيقية والخطوة الأولى نحو بناء دولة حقيقية وتشييد نهضة وطنية توفر للإنسان اليمني الحياة الكريمة وتعيد لليمن سعادته المفقودة.
إعادة هيكلة العقل اليمني تعني إعادة صياغة الوعي التقليدي لدى الإنسان اليمني بما يساعده علي تجاوز الموروث الثقافي المغلوط والقيم الخاطئة التي طالما كانت السبب في انتكاس محاولات التغيير مرات عديدة. فلا يمكن حدوث تغيير حقيقي وواقعي وملموس دون تغيير عقليات الناس وطريقة تفكيرهم و نظرتهم لأمور حياتهم ابتداءً من التفاصيل البسيطة كالسلوك اليومي والنظافة الشخصية وانتهاءً بأهمية المشاركة في صناعة التطور البشري لهذا الإنسان على كوكب الأرض. والحاجة لإعادة هيكلة العقل اليمني ليست ضرباً من الرفاهية بل إنها الركن الأول والأساسي لبناء التنمية الحقيقية وتطوير الإقتصاد وتوفير الموارد والحفاظ على الوطن ولو وضعت دراسة حقيقية للعبث الحاصل في الأموال والأرواح والأوقات والموارد في اليمن كنتيجة لسوء التصرف والتخلف والبدائية الفجة في مختلف الجوانب الحياتية لوجد أن الهدر مهول وأوله الهدر في الأرواح والعبث بالأوقات.
حين يعاد صياغة الوعي لدى اليمني ستتبدل المفاهيم الخاطئة و سيكون مجرد تجاوز طابور الانتظار في أي مكان تصرفاً همجياً يحتقره الجميع و حين تنتهي ثقافة الفوضى لن تكون بحاجة أن تضع جندي مرور عند كل إشارة لمراقبة التزام المارة لأن ذلك يصبح لدى العقل السوي بديهية لا تقل أهمية عن المحافظة على نظافة الجسم وحسن الهندام. حين يتم إعادة تشكيل العقل اليمني سيصبح مجال التنافس بين القبائل هو عدد أبنائها الأطباء والمهندسين والمثقفين وبدلاً من أن يفكر القبيلي بشراء السلاح لإبنه سيفكر في شراء جهاز كمبيوتر ليتعلم بدلا من إعداده للثأر والدم و ستعيش الثيران بأمان لأنها لن تدفع ثمن حماقة ارتكبها قبيلي و ثقافة لا تعرف قانون العقاب والثواب وإنما الهجر والتحكيم. حين يعاد صياغة العقل اليمني لن نجد المجتمع مقسم إلى طبقات تتعالى بعضها علي بعض وتتفاخر وهي في مجملها تمثل عبء على الجنس البشري. حينها لن نخشى الدخول في صراعات حتى نطالب بتغيير النظام ليس لأن الحاكم نفسه ستكون عقليته نفسه قد تغيرت وأصبح يعي معنى الالتزام بالدستور بل لأن الشعب من البداية سيكون مراقباً له وبوعيه السليم لن يسمح له أن يستمر سنوات طويلة يعزز بقائه في السلطة ويبني جيشاً خاصاً له ولأسرته بل إنه لن يجد من يدافع عنه من العسكر حين يخالف النظام والدستور لأن عقليتهم قد تم هيكلتها حتى وإن لم تهيكل وحداتهم.
تبدو هيكلة الجيش عملية ليست بالسهلة إلا أن إعادة هيكلة وتشكيل الوعي اليمني بالتأكيد أصعب وأشق لكن المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد تمثل فرصة مناسبة لهذا التغيير لما لدى المجتمع من استعداد نفسي لتقبله والتأقلم معه بسهولة وهم يحدوهم الأمل بتحسين حياتهم وأسلوب معاشهم وأن تصبح اليمن دولة لا تقل شأناً عن غيرها وأن يحظى الإنسان اليمني بالاحترام في الخارج مثل سواه. و يبقى الدور الأهم لصناعة هذا التغيير في الوعي والمفاهيم على عاتق الإعلام والنخبة المثقفة، بالإضافة للخطاب الديني والذي يستطيع أن يلعب دوراً بارزاً في إحداث هذا النقلة.
خلال العام المنصرم أدى الإعلام دوراً بارزاً سواء كان مع النظام أو مع الثورة في الحشد والتجميع وحالياً يبدو الإعلام الرسمي يمر بمرحلة انتقالية فاقداً لبوصلة التوجيه ويبدو الأعلام المعارض غير قادر علي تجاوز الخطاب الثوري وكل الأطراف الإعلامية بحاجة الأن لإعادة رسم أجندتها لتحقيق هذا الهدف. فالقيم والمفاهيم السوية ليست مثار اختلاف في أي مجتمع ولذلك فان التجييش لها وترسيخها لن يكون مثار صراع واختلاف كما هو الحال مع القضايا السياسية بل ستكون مدعاة للتلاحم والتعاضد من غالبية الناس ويبدو أننا في هذه المرحلة بحاجة للتخفف من الخطاب السياسي والتركيز بشكل أكبر علي صياغة الوعي والقيم السليمة حتى يشعر الناس بالتغيير في كل جوانب الحياة. وهو ما يقتضي الحاجة لاستراتيجية واضحة في الخطاب تتجاوز الإقتصار علي المحور السياسي لتعالج الجوانب الإجتماعية والثقافية وغيرها لترفع من القيم الحضارية لدى الناس وتحط من الموروثات الخاطئة في السلوكيات والمفاهيم.
ويظل الخطاب الديني عاملاً رئيسيا فاعلاً في تشكيل عقلية اليمني لما عرف عن اليمنيين من تدين ولذلك فان الحاجة ضرورية وماسة لتجديد هذا الخطاب ليتجاوز الطرح التقليدي ويعالج الكثير من المفاهيم والأفكار والسلوكيات الخاطئة الموجودة في المجتمع والتي في الأصل تشذ عن تعاليم الدين السوي. فمن غير المقبول أن تجد مجموعة من القبائل يقطعون الطريق وبعضاً منهم يؤدون الصلاة جماعة جانبا وكأن سلوكهم هذا لا يتنافى مع الصلاة. أو تجد أحدهم يصلي ويصوم ويتصدق ولكنه ينهب أموال الشعب وكأنها حلالاً زلالا. وتستغرب حين تجد الخطاب الديني يركز علي قضايا بسيطة ويهمل مشاكل اجتماعية متفاقمة مثل ثقافة الثأر التي تحصد الآلاف من الأرواح في حين أن الإسلام جعل هدم الكعبة أهون من إراقة دم مسلم.
هل آن الوقت لاستغلال الفرصة لإعادة هيكلة العقل اليمني حتى لا تضيع كما ضاعت السابقات لعل اليمن يعود سعيداً!!

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.