لم تعد المطالبة بالكشف عن المخفيين قسرياً في اليمن، طي الكتمان، وفي همسات الناشطين والسياسيين، بل صارت قضية رأي عام، ملأت أرجاء الشوارع والأحياء بأصدائها. ومنحت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فرصة إبداء مختلف القضايا، وبعث آلام كانت مكتومة إبان إحكام السلطات الأمنية للنظام السابق على الوضع في البلد.
وملف المخفيين قسراً في اليمن، قصة لها أبعادها السياسية والإنسانية، بعد مرور البلد في مرحلة صراعات سياسية في الشمال والجنوب، وقامت الأنظمة التي حكمت شطري البلد، بتغييب رموز سياسية وقياديين في الدولة آنذاك عن الوجود، لم ترق آرائها ومواقفها لتلك الأنظمة.
ومنذ الإطاحة بنظام صالح، انبرت قضايا حقوقية ومطلبية في الظهور، وبدا مناصروها في الاحتشاد في الشوارع وتنظيم مظاهرات، والنشر في الصحافة، ومواقع الانترنت، دون خشية القمع أو الاعتداء.
وخرج المئات في العاصمة اليمنية صنعاء اليوم الاثنين مسيرة للمطالبة بالكشف عن مصير المخفيين قسرياً إحياءً للذكرى ال34 لقيام انقلاب 15 أكتوبر 1978.
وحاولت قيادات عسكرية محسوبة على الحركة الناصرية عام 1978 تدبير انقلاب على صالح الذي كان مر على حكمه عدة أشهر، لكن المخطط فشل، واعتقل معظم مدبري العملية قبل أن يختفي مصيرهم. وحملت المسيرة التي نظمها التنظيم الوحدوي الناصري وأسر الشهداء والمخفيين قسراً شعار «محاكمة القتلة والكشف عن جثامين الشهداء والمخفيين قسراً».
وانطلقت المسيرة من تقاطع النصر «كنتاكي سابقاً» إلى مقر وزارة حقوق الإنسان لتقديم مذكرات رسمية، إلى الوزارة والنائب العام، لتبني فتح التحقيق في اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله، وطلب آخر.
وطالب المشاركون في المسيرة التحقيق الجدي في قضايا الإخفاء القسري مع كافة الجهات والأفراد والمسئولين، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحديد مصير الضحايا وتحديد المسئولين عن تلك الجرائم وتقديمهم للمحاكمة العادلة.
وقال حمدان عيسى وهو نجل قائد انقلاب 15 أكتوبر عيسى محمد سيف ل«المصدر أونلاين» إنهم التقوا بوزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور، وتعهدت لهم بإحالة ملف القضية إلى وزارة الشؤون القانونية، وبعدها إلى النائب العام كمذكرة رسمية.
وأضاف: «إذا لم ينجح ذلك، سنرفع دعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وأشار إلى أن ملف قضية المخفيين، صار رأياً عاماً في اليمن، وتزايد مناصروها، والمشاركين في فعالياتها وبرامجها.
وذكر أن حملة «الجدران تتذكر وجوههم» التي دشنها الرسام مراد سبيع، أعطت معرفة وإدراكاً للقضية بشكل كبير.
وبدأ سبيع قبل أسابيع في وصم وجوه وملامح شخصيات معارضة على الجدران العامة في العاصمة صنعاء، أخفت وجودها الأنظمة التي حكمت اليمن في جنوبه وشماله آنذالك.
وبشأن قانون العدالة الانتقالية، قال حمدان إنه لم يعد هاماً بالنسبة لهم، بعد رفض أسر المخفيين التعامل معه، في وقت سابق، وقال: «سنصعّد فعالياتنا لتدشين محاكمة القتلة».
وأشار إلى لقاء جرى بين وزيرة حقوق الإنسان وممثلين عن المسيرة، بينهم أمين عام التنظيم الناصري سلطان العتواني ومحمد مسعد الرداعي الأمين العام المساعد، والمحامي عبدالله نعمان، وعدد من أسر الشهداء والمخفيين.
وقالت حورية مشهور إن مطالب أسر الشهداء والمخفيين حق إنساني لا يسقط بالتقادم، ووعدت بإحالة الملف المقدم الى الجهات المختصة في الوزارة.