الخمس الماضي خرج مئات الآلاف من اليمنيين في مسيرات حاشدة بمختلف المدن اليمنية أحياء لذكرى اغتبال رئيس اليمن السابق الشهيد إبراهيم الحمدى.. رغم مرور 35 عاماً على جريمة الاغتيال القذرة التي نفذتها القوى الآثمة بحق هذا الرجل إلا ان ذكراه لا تزال محفورة في وجدان اليمنيين... فكبار السن لا يزالون يتذكرون أيامه ويترحمون عليه يدعون الله ان يرزق اليمن رئيسا مثله. منذ كنت طفلاً صغيراً وجدي يرحمه الله يحدثني عن الحمدي وعن أيام الرخاء الاستقرار التي كانت في عهده.. أن الأغلبية العظمة من اليمنيين الذين لازالوا يهيمون حباً بالحمدي لا يعرفون إن كان يرحمه الله قومياً أم إسلامياً أم يسارياً. كل ما يعرفونه أنه كان رجلاً مخلصاً يريد بناء دولة قوية يتساوى فيها الشيخ مع الرعوى، والقبيلى مع السيد والغنى ومع الفقير, السيادة فيها للنظام والقانون، لهذا السبب أحبوه وتعلقوا به، من يزعم ان الناس أحب الحمدى لانتمائه الحزبي أو المناطقى فهو واهم, فالحمدي كان مشروع بناء وطن وأحيى أمه، ومن يريد حصره في تنظيم معين فهو يقزّم الحمدي ويقلل من شأنه ويحصر مشروعه الوطني في نطاق حزبي ضيق.. لا توجد شخصية يمينه كل القوى السياسية مجتمعة عليها كالشهيد إبراهيم الحمدي.. فالإسلاميين يقولون إن فكره كان قريباً منهم. والقومون يقولون انه كان واحد منهم واليساريون يقولون ان مشاريعه التي سعى إلى إيجادها هي نفس تطلعاتهم, وهذا يدل على أنه كان شخصية جامعة قربية من كل الناس تأخذ الإيجابي من هنا وهناك، لذلك سعى إلى إنشاء المؤتمر الشعبي العام كتحالف وطني تنضوي تحته كل القوى الوطنية تكون شريكة في بناء الوطن. اليمنيون بمختلف شرائحهم يريدون أن يعرفوا من الذي قتل الحمدي وأرتكب هذه الجريمة القذرة التي قضت على أمالهم تطلعاتهم التي كانوا يشدونهم تحت قيادة هذا الرجل. وهذا يتطلب تشكيل لجنة تحقيق محايدة تعمل بحيادية ومهنية عالية بعيداً عن كل التأثيرات الحزبية والمناطقية يكون هدفها الوصول إلى القاتل الحقيقي, أما إطلاق الاتهامات جزافاً على الناس بدون دليل فهذا لا يخدم الحمدي ويتناقض مع مشروعه الذي كان يسعى تحقيقه التي أهم ركيزة من ركائزه هي العادل. فالعدالة تقتضى التحقيق وإيجاد الأدلة المادية التي تدين الجاني الحقيقي، أما الاتهامات الجزافية التي نسمعها اليوم تقال هنا أو هناك لا تعد وفاء للحمدي فهي تسئ إليه وتحول قضيته من عادلة تهم كل اليمنيين إلى قضية سياسية تخدم مشاريع صغيرة.. أن الوفاء للشهيد ابراهيم الحمدي يتطلب منا دراسته حياته كتجربة إنسانية بشريه يعتريها الصواب والخطأ فيها الإيجابي وسالبي وهذا طبيعة كل البشر إلا من عصمهم الله تعال وهم الرسل والأنبياء. فلابد ان تدرس حياته بحيادية وموضوعية وتوثق حتى يستفيد منها الأجيال القادمة بعيداً عن الكلام المتطرف الذي يردده البعض عن الشهيد الحمدي وكأنه ملك نزل من السماء فهذا ليس وفاءً إنما هو خذلان له واستغلال سيء يؤدى إلى حرمان الأجيال القادمة من هذا التجربة الرائدة لأنها تنقل إليهم بعاطفة لا بعمل عملي مهني قائم على الموضوعية وهذه مسؤولية الأكاديميين والباحثين فرغم مرور 35 على عام اغتياله لم اسمع أن هناك باحث حضر رسالة دكتوراه أو ماجستير عن إبراهيم الحمدي، في الوقت الذي هناك عشرات الرسائل التي حضرت في شخصيات لا تساوى شيء إذا ما قورنت بالشهيد ابراهيم الحمدي..