تعرض المواطن عبدلله عيضة، وهو من أبناء محافظة صعدة، «لضرب شديد وتعذيب» على أيدي ثلاثة من أتباع جماعة الحوثيين، صباح الأحد الفائت. كان مُعلم التربية الإسلامية، عيضة، «في قبضة أناس لا يرحمون».. يقول عبدالله الذي يرقد في مستشفى جامعة العلوم بصنعاء، مضيفاً إن جماعة الحوثي «كادوا يقتلونني.. أخذني فجأة ثلاثة مسلحين بالقوة بعد أن أنزلوني من فوق سيارتي وربطوا يدي إلى الخلف، وقالوا أنت مطلوب للمحكمة يا عدو الله».
ويواصل المعلم في مدرسة «المجد» في مديرية «غمر» بصعدة سرد قصته ل«المصدر أونلاين»، وبالكاد يتحدث: «بعد أن كتفوني أعادوني إلى سيارتي وأخذوني عليها إلى منطقة لا أعرفها، منطقة نائية وفيها رعيان».
بعد أن أوصوله إلى هذا المكان البعيد تناوبوا على ضرب عبدالله البالغ من العمر 34 سنة، واحتاروا في أمره «هل نقتله؟». فأجاب آخر: «لا».. الرعيان شايسمعوا الرصاص، ف«اتفقوا على خنقي».
يضيف عيضة: «لحظتها حاولت أن أقاوم، فسقطت على الأرض من ارتفاع مترين، فأوسعوني ضرباً بأعقاب البنادق، وربطوا الشال على حلقي وخنقوني حتى أُغمي عليّ تماماً، ثم بعد ساعة ونصف تقريباً أفقت وأنا لا أدري شيئا، فقدت نظري، وكان يرجع على شوية شوية».
ويواصل، تذكّر تلك الساعة التي لا يمكن أن ينساها: «لم أجد أحداً منهم حولي، فحاولت رغم صعوبة النظر والدوخة وتحاملت على نفسي ورجعت إلى الخط (الطريق)، فوجدت سيارتي على جنب، وقد تم بنشرة (إفراغ هواء) اثنين من الإطارات».
يقول: «تركوا لي مفتاح السيارة والجنبية وأخذوا الجوال، فمشيت بالسيارة، رغم أن الإطارات معطوبة، وحاولت أمشي خلف الطريق، وأتجنب النقاط التابعة لهم حتى وصلت حرض، ومن هناك اتجهت إلى صنعاء».
يرقد عبدالله حالياً في مستشفى جامعة العلوم، تحت إشراف الأطباء، حيث يعاني من تورم في العينين وجروح في الحلق والوجه والرقبة. إضافة إلى «كدمات وآثار تعذيب في بقع مختلفة على جسده».
لم يكن هذا الشاب يتوقع أن يحصل له كل هذا العنف الوحشي من جماعة تطلق على نفسها «أنصار الله»، لكن يضيف عيضة: «تأكدت أنهم مجرمون ولا ينتمون إلى الإنسانية». حسب تعبيره.
اقتادوه مكتوفاً، مغمض العينين، ثم خنقوه، وبعد أن تأكدوا أنه مات تركوه في الخلاء وذهبوا.. لكن عبدالله لم يمت، لا يزال حياً، وعندما سألهم لحظة اقتياده: «أيش سويت، ما هي تهمتي؟». أجابوا: «أنت من أصحاب معاوية، وتعرف أن معاوية قتل الحسين وأبناء الحسين».
يقول عبدالله أثناء سيرنا في الطريق: «لمحت أحد أصدقائي وصحت لأعلمه أني معتقل، فضربوني ضرباً شديداً على الرأس والوجه، ومضت بنا السيارة في الطريق، ولحقنا سيارة تابعة للحوثيين، وعرفت أحد الأشخاص من الذين كانوا على متنها يدعى سعد قطشة، وأنا أعرف أنه ينتمي إليهم، حيث قال سائق السيارة للمسلحين الذين كانوا في سيارتي: أنا سوف أسبق وأنتم الحقوني. ومضوا بي الثلاثة إلى منطقة نائية، وهناك مارسوا بحقي كل صنوف العذاب والقهر».