مع كل يوم تقريباً منذ نحو عامين لا تكاد تفارق خاطري الحكمة القائلة «من المحن ما تحمل في طياتها المنح» ففي هذه الحكمة بما تحمله من دلالات وأبعاد .. أجد أبلغ تعبير وأوجز وصف للحالة اليمنية، رغم الأحداث والصعاب والمنعرجات العويصة التي كادت ان تعصف باليمن. إذ يعيش اليمن اليوم واحدة من اثمن وأندر الفرص التاريخية، التي قلما تتوافر لأي بلد عبر التاريخ .. وتتمثل هذه الفرصة التاريخية في حالة "شبه التطابق" -الاضطراري - بين المصالح الوطنية لليمن ، والمصالح الجيوسياسية - من بعديها الأمني والاقتصادي - لجل الأطراف والقوى الإقليمية والدولية الفاعلة ، وكان محور التطابق هنا هو " الحفاظ على وحدة وامن واستقرار اليمن .
وقد ترتب على ذلك بالضرورة حاجة هذه الأطراف الإقليمية والدولية إلى: - منع انفجار الأوضاع في اليمن وطرح المبادرة الخليجية، وتبنيها بالإجماع من مجلس الأمن الدولي . - دعم ورعاية التحول الجاري في اليمن وفق المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ، سياسياً وتقنياً ومعنوياً . - تقديم الدعم الاقتصادي لليمن لتمويل المشاريع الاقتصادية والتنموية التي اليمن في أمس الحاجة إليها في هذه المرحلة .
وأمام هذه الصورة الموجزة لمجريات الأمور في المشهد اليمني خلال عام 2012.. وعند هذه اللحظة تحديداً ، التي نقترب فيها من ساعة الصفر لبداية العام الجديد 2013، والتي يترقب فيها اليمنيون بدء مؤتمر الحوار الوطني الشامل خلال الأسابيع الأولى من العام الجديد 2013 الذي تتعلق به آمال الشعب اليمني في التغيير نحو الفضل وبناء يمن جديد عبر وصول ممثلي جميع مكونات الشعب اليمني في هذا المؤتمر إلى الاتفاق على معالم الدولة التي يتطلعون إليها لأنفسهم ولأبنائهم ، والتي تؤسس لحل تاريخي لمشكلة الصراع على السلطة مسترشدين في ذلك بما استقرت إليه التجربة الإنسانية في نموذج الآليات الديمقراطية، ودولة المواطنة المتساوية المجسدة لحكم القانون والعدالة الاجتماعية، التي تضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، والحياة الكريمة لكل اليمنيين.
يبقى الرهان الآن على اليمنيين أنفسهم لإثبات جدارتهم في الاستفادة المثلى من هذه الفرصة التاريخية الثمينة والنادرة التي توافرت لهم ، والتي يجب أن لا نركن أنها ستستمر إلى ما لا نهاية.. فهذا مناقض لطبيعة الأشياء، ومخالف لقانون التاريخ .