مروان الغفوري الكاتب السياسي المعروف والأكاديمي في جامعة تعز٫ وطبيب القلب غربي ألمانيا يكتب رواية إبداعية فريدة. أسرد شيئا عن انطباعي بلمحة سريعة هنا. في خضم المعركة السياسية ذات الطابع الثوري يقف المرء بعيدا على الحدود الشمالية لأوروبا ليشاهد غبار المعركة اليمنية دون القدرة على تمييز الأشياء في تلك الأرض النائية جداً عن العالم المتقدم. لكن هذا اليوم كان استثنائياً٬ هذا اليوم٬ يوم الأحد يوم قراءة الرواية في جدولي الخاص, استطعت وبمتعة رياضية التنقل المستمر مع الغفوري٬ بين محطة قطار في اوروبا وقرية على جبل في اليمن حيث يعيش صاحب حقيبة الأسرار «الخزرجي»٬ وحيث كانت طفولة الكاتب الذي حاول كسر كل تلك الأسرار وحافظ عليها دهرا ليبوح بها اليوم وفاء بوعد قطعه يوما أمام ذلك الضريح الآثر.
في الحقيقة كانت اليوم ثمينة جدا بالنسبة لي٬ كنت برفقة رواية من نوع آخر ترقى لمتسويات غير مسبوقة في تاريخ الرواية العربية.
أن تكون قارئا لكتاب كبار في عالم الرواية ك همنغواي٫ تولستوي٫ هيرمان هسه٬ سيدني شيلد٬ زوسكند٬ ريتشارد دوكينز ٬ غوستاين غاردر وهوغو وماركيز وغيرهم من الكبار٬ ثم تقرآ رواية لكاتب يمني وتندهش٬ فهذا يعني أنك أمام عمل إبداعي راق جدا ويستحق التوقف عنده كثيرا.
استمتعت مع رواية الخزرجي من أول جملة حتى آخر سطر.
قليل جدا من كتاب الرواية من يجعلك تحب شخصيات روايته٬ وقليل جدا منهم من يجعلك تعيش فضاء من الاستفهامات مع كل خطوة على خط زمن الرواية. الى هاتين القلتين ينتمي الغفوري في روايته السحرية «الخزرجي».
النقد التقني للرواية يمكن أن يقوم به متخصصون في هذ المجال. لكن لا يمكن أن يقولوا أشياء ذات أثر لأن الرواية ذات العيب التقني لن تكون مقبولة وبهذه القوة لدى المتلقي أو القارئ المتنوع بقرائته. وقد شوقني للرواية كثيرا الدكتور صادق القاضي صاحب الامتياز في قرأته النقدية للنص العربي الحديث شعرا ورواية٬ حيث منح الرواية درجة الامتياز في الجانب التقني والفني.
هناك مفاتيح مذهلة لاكتشاف ملكة الكاتب الفنية والثقافية والفلسفية تتجلى أسرارها لمن يعشق الكتابة المتنوعة المصادر والمحاور والمعالجة.
رواية «الخزرجي» أخذتني بين عوالم متعددة٬ من الاجتماعي إلى الفلسفي إلى التاريخي٬ إلى العالمي٬ إلى الثقافي والى النفسي أيضا وهناك جوانب مهمَة في الرواية تحتاج لتركيز بأبعاد متعددة للتعرف عليها.
كل هذه العوالم كانت تمر متوازية بسرد بديع وتقنيه عالية الدقة ومعقدة التركيب.
أحببت الرواية٬ وأحببت البطل الصغير جدا ركزوا عليه وعلى استفساراته وشغفه في الوصول إلى أسرار الخزرجي٬ كان ممتعا يشبه الأمير الصغير لأنطون اكزوبري عندما زار قرية الجبل هذه المرة.