بإغلاق السفارتين الامريكية والبريطانية في اليمن أصبح واضحا بداية التخطيط لحرب جديدة في المنطقة العربية لن تكون أقل دمارا وآلاما من "حروب أمريكا" السابقة. نرى طيف هذه الحرب الجديدة بدأت تتحقق وقد أصبحت حربا حقيقية بين دول الجوار قبل أن تصبح "دولية". فها هو أوباما قد فزّع الدنيا وبدأ بتكوين تحالف جديد من بقابا الحلفاء المشاركين في أفغانستان والعراق. ها هم وجدوا الوقت المناسب للمضي في تحقيق أحلام "الامبراطورية الامريكية" ، وهي مع الاسف التي تبحث عن مدن تاريخية مثل العراق واليمن وأفغانستان ، فيها الكثير مما يخيفها غير ما يسمى "الارهاب". يرى مساعد أوباما أن هناك مؤشرات لضرب أماكن في العاصمة اليمنية ولذلك فهم يستعدون للحرب بالاسلحة الجادة الامريكية بالطيارين ومن دونهم ، وفي كل مكان يرونه مناسبا لملاحقة "الهدف".
اليمن.. اليمن الذي كان سعيدا يوما كما عاشوه.. فيه الكثير مما يسعد وما يخيف في نفس الوقت.. فيه التراث الذي حمل سعادة الاجيال. في "شيبام" أول ناطحات سحاب في العالم بنيت من الطين منذ الاف السنين وهي صامدة حتى اليوم. وبنوا في مدينة "تريم" القريبة منها مئات المأذن القيشانية الزرقاء والتي تحتضن ثروة تاريخية من المخطوطات الاسلامية والعربية والتي نقلت عنها المكتبات العالمية ومنها "الجامعة العربية". وفي اليمن البلاد الشاسعة "المكلا" ميناء ومصنع السمك الذي تقوم بالعمل به بنات اليمن السمر الجميلات ، والتي غنى لهن الفنانون: "يا بنات المكلا يا دوى كل علّة.." ، وفيه حضرموت وطريق الحرير والقلاع القديمة والبخور ، وفيها قصر بلقيس التي ترى قوة وجمال المرأة مما تبقى من رائحتها. وأثار عمرها الاف السنين. وفي اليمن مزارع البن العدني المشهورة والتي سطت عليها نبتات القات التي أخذت مكان البن إقتصاديا عن جهل واضح. وفي اليمن صنعاء العاصمة والمدينة القديمة والتي تعتبر من التراث العالمي على لوائح اليونسكو. بيوتها المرسومة بيد البنائين والفنانين اليمنيين شدت العيون والاذهان الى شباييكها القمرية الملونة وأبوابها الخشبية العتيقة ، وغرفها المتلاصقة وبالطول والعرض وأنت تبيت فيها. بيوت دافئة بالعلاقات التراثية ونوع الطعام من "الحردة" الى اللحم المشوي الذي يقدم بنمط عربي خاص. وفي أسواق اليمن القديمة أسواق للفضة والحلى والقماش ، والجلابيات "السيوف" التي يتمنطق بها الرجال للدلالة على القوة والرجولة ، وفيها المساجد والمراكز التراثية التي يحرص السياح على زيارتها.
وفي اليمن "عدن" عاصمة الجنوب ، التي سكنها الانجليز والاستعمار لسرقة خيراتها والتحكم بالقوة من مينائها العالمي العريق الى أن طرد اليمنيون المستعمر وثاروا عليه واستقلوا. وفي اليمن مئات الالاف من السكان في الشمال والجنوب الذين لا يزالون يخوضون "معاركهم" التي لم تنته.
وأكثر من ذلك رأيته وعشته في سنين أربع وأكثر عدة مرات ، وأنا أعمل مع "برنامج الاممالمتحدة للتنمية" في اليمن. وبالعمل مع الناس تزداد المحبة للمكان وتتمتع بطعم التراث ، وتبحث عن الابداع وتحب الاطفال الذين ينتظرون المستقبل لبلد عريق في التاريخ ورائحة البخور والحناء. لن أتذكر أكثر من هذا الثراء ، وأتصور اليوم ماذا سيحل من دمار على الحياة الطبيعية والاثار التراثية وعلى الناس الفقراء والكثيرين من المرضى إذا ما صممت أمريكا إعلان الحرب على اليمن كما فعلت بالعراق باسم "الارهاب" ، فستجلب الدمار للمكان والانسان وكما فعلت بالتراث العراقي وقد هدمت كثيرا من معالمه الأثرية وسرقت محتويات المتحف الوطني الغني بالحضارة الانسانية والتي بيعت لتوضع الاموال في جيوب الحرامية.
مهلا مهلا.. الحرب لأمريكا أصبحت سياسة إستراتيجية تنتقي فيها المكان والزمان الذي تريد. على العرب احتواء هذه الحرب غير المبررة ، فهي حرب الامراطوريه الامريكية الجديدة التي أعلن عناه بوش ويكملها اليوم أوباما. حرب قذرة لا يريدها فقراء اليمن ولا أغنياء أمريكا. حرب ستزيد تعقيد القضايا العربية العالقة ومنها القضية الفلسطينية وكما تريد إسرائيل الشريك الاستراتيجيي لأمريكا يجب إيقافها قبل أن تتمدد في المنطقة وتأتي على الاخضر واليابس من أجل مصالح الغريب المستعمر الجديد. فحذار.. حذار،. عن الدستور الاردنية