قال السفير الأمريكي في صنعاء إن مؤتمر الحوار الوطني هو أكثر الحوارات السياسية انفتاحاً على الرغم من مشاركة القوى التقليدية فيه. وأكد السفير في حوار أجراه معه الزميل محمد القاضي لقناة «سكاي نيوز عربية» أن بيان مجلس الأمن الذي ذكر اسم صالح والبيض يعني أن المجتمع الدولي يراقب كل تحركاتهما.
وتحدث عن أن مؤتمر الحوار الوطني يشكّل فرصة حقيقية لحل القضية الجنوبية والشروع في بناء اليمن الجديد، مشيرا إلى أن المبادرة الخليجية حققت مُعظم المطالب التي رفعها الشباب خلال الأزمة التي شهدتها اليمن وأن تنفيذ كل نقاط هيكلة الجيش يحتاج إلى وقت، بما فيها مصير القائدين العسكريين أحمد علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر اللذين قال إن الخُطوات القادمة ستحدد مصيرهما.
وينشر المصدر أونلاين تالياً نص المقابلة التي بثتها قناة سكاي نيوز عربية، إضافة إلى فيديو لها.
حاوره: محمد القاضي
• سعادة السفير، دعنا نبدأ من مؤتمر الحوار الوطني الذي يعوّل عليه كثيراً في إخراج اليمن من محنته. انطلق مؤتمر الحوار والجميع يتساءل عن الضمانات في تنفيذ مخرجات هذا الحوار! - بالطبع، فإن الأهم هو أن يكون هناك توافق كبير بين اليمنيين أنفسهم حيال شرعية ومصداقية القرارات التي ستتخذ، وهذا سيكون أفضل ضمانة للتنفيذ. أما بالنسبة للمجتمع الدولي بما في ذلك الولاياتالمتحدة ومجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية فهم سيستمرون في بذل قصارى جُهدهم لتسهيل ومتابعة وكذا ضمان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بشكل أمثل.
المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة ومجموعة الدول العشر سيستمرون في بذل قصارى جهدهم لضمان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار بشكل أمثل • الشباب الذين ضحوا كثيراً في هذه الثورة الشعبية يتهمونكم بقتل طموح اليمنيين في إيجاد تغيير حقيقي، ويخشون أن القوى التقليدية التي ساهمت في صنع أزمات اليمن خلال العقود الماضية لا زالت حاضرة بقوّة في هذا المؤتمر، ويخشون أيضا من أنها سوف تتحكم بمخرجاته! - من وجهة نظرنا، فإن الاتفاقية التي دعمناها والمفاوضات التي أجرتها القوى السياسية اليمنية في عام 2011 وقادت إلى المبادرة الخليجية أفضت إلى تحقيق كل مطالب الشباب التي رفعت خلال الأزمة السياسية في 2011. فقد طالب الشباب بتغيير القيادة السياسية، وتم لهم ذلك، وأرادوا حكومة جديدة، فحدث ذلك. كما أرادوا عقد مؤتمر الحوار هذا لحل الخلافات بين جميع القوى في البلد، وتم لهم ذلك. كما أرادوا أن يحظوا بفرصة لبناء يمن جديد قوي وديمقراطي، ونحن نرى أنه ومن خلال مؤتمر الحوار هذا وتطبيق المبادرة الخليجية فإننا نفتح الباب أمام اليمنيين لبناء المجتمع الذي يتطلعون إليه في المستقبل. وفيما يخص المشاركة في الحوار، من الواضح مشاركة بعض القوى التقليدية في المؤتمر، إلا أننا نرى أن هذا هو أكثر الحوارات السياسية تنوعاً وانفتاحاً تشهده اليمن. ليس هذا ما نراه نحن فحسب، بل سمعنا ذلك من كثير من اليمنيين. ونرى أن مشاركة الشباب والمرأة والقوى التي لم تحظ بفرصة التحدث بمثل هذا الانفتاح من قبل، أصبحت الأبواب مفتوحة أمامها للمساهمة في صنع بعض القرارات التي نأمل أن يتمخض عنها الحوار خلال الستة الأشهر القادمة.
المجتمع الدولي يرصد تحركات وأفعال علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض بدقة كبيرة • كان البيان الأخير لمجلس الأمن قد ذكر بالاسم الرئيس السابق علي عبد الله صالح و(نائب الرئيس الأسبق) علي سالم البيض باعتبارهما المعرقلين الرئيسيين للعملية الانتقالية. هل لا زال الوضع كما هو ؟ وما هي الرسالة التي توجهونها في هذه اللحظة التاريخية الهامة لهؤلاء الأشخاص الذين لا زالوا يعرقلون العملية الانتقالية؟ - إن البيان الرئاسي الصادر عن الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الدولي هو مؤشر واضح إلى أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب التطوّرات في اليمن، وأنه ملتزم كلياً بنجاح العملية الانتقالية، وتنفيذ المبادرة الخليجية والحوار الوطني الذي يعد جوهر العملية الانتقالية. نتمنّى أن يدرك الجميع من خلال اللغة المركّزة لبيان مجلس الأمن أن المجتمع الدولي لن يتردد في اتخاذ الإجراءات ضد أي عناصر تسعى لعرقلة المبادرة الخليجية والحوار الوطني. وبخصوص الشخصين اللذين ذكرتهما (علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض)، فإن البيان يعنى أننا نرصد تحركاتهما وأفعالهما بدقة كبيرة.
• كيف تنظرون إلى عملية هيكلة الجيش؟ هناك قرارات اتخذت في ديسمبر الماضي ولم تنفذ إلى الآن؟ - نرى أن الرئيس هادي قد أصدر قراراً في ديسمبر على اعتبار أن تنفيذ هذه القرارات سيستغرق عدّة أشهر، لأن كثيراً من فقرات هذا القرار معقدة، وتتطلب وقتا للتنفيذ. وفي الحقيقة فإن بعض فقرات القرار قد تم تنفيذها مثل إنشاء قيادة العمليات الخاصة، والتي زار قائدها الجديد الولاياتالمتحدة قبل بضعة أسابيع للالتقاء بنظرائه هناك. وبالطبع هنالك أمور أخرى تتطلب مزيداً من القرارات الرئاسية التي نأمل إصدارها قريباً.
كلما مضينا في تنفيذ قرارات الهيكلة فإنه سيتم إما توضيح الأدوار والمهام المنوطة بأحمد علي أو علي محسن أو اتخاذ قرارات بشأن مستقبليهما وبخصوص أدوار أشخاص مثل أحمد علي وعلي محسن، أو غيرهما، فنحن نتوقع أنه كلما مضينا في تنفيذ هذه القرارات، والقرار الرئاسي الذي صدر في ديسمبر، فإنه سيتم إما توضيح الأدوار والمهام المنوطة بهذين الشخصين أو اتخاذ قرارات بشأن مستقبليهما.
• سمعنا كثيرا أنكم والمجتمع الدولي تقرون بالمظالم التي حدثت في الجنوب بعد حرب 1994، لكن إلى الآن لم تتخذ الإجراءات الملموسة التي تعيد للجنوبيين الثقة بأن الوضع قد تغيّر وأن النظام قد تغيّر؟ - في البدء نرى أن مؤتمر الحوار الوطني يُعدّ مجالاّ لمعالجة المظالم المشروعة للجنوبيين، الذين سيحظون بفرصة للمشاركة في نقاشاته وقراراته، وهذا سيشعرهم بالثقة بأن ما نتحدث عنه هو يمناً مختلفاً تماماً عمّا كان عليه في الماضي. وكما تعلمون أن الرئيس هادي شكل لجنتين إحداهما لمعالجة قضايا الأراضي والأخرى لمعالجة قضايا المبعدين قسراً من وظائفهم العسكرية والمدنية. فهناك إجراءات على الأرض نتمنّى أن تعمل على حل هاتين القضيتين الرئيسيتين في الجنوب. كما ندرك أن هناك قضايا أخرى مثل المستقبل الاقتصادي للجنوب، وشعور الجنوبيين بقدرتهم على التحكم بحياتهم، والقرارات المتعلقة بالمحافظات الجنوبية، وهي أمور قيد النقاش وينبغي حلها، ونحن نرى أن الحوار الوطني هو الوسيلة لحل هذه القضايا.
• البعض يرى أن التكلفة المالية لهذه الإصلاحات التي يجب أن تتخذ في الجنوب ربما تكون العائق وراء إصدار الرئيس قرارات. ما هو دوركم أنتم والمجتمع الدولي في مساعدة الرئيس في مواجهة هذه التكلفة لمعالجة الأوضاع في الجنوب؟ - أعلم بأن الرئيس طرح في مناسبات عدة أن بعض هذه القرارات ستكون باهظة الثمن. وأظن أنه كلما مضينا قُدما، فإن المجتمع الدولي ولاسيما بعض دول الجوار في مجلس التعاون الخليجي يدركون تماما أن حل بعض هذه المشاكل يتطلب دعماً مالياً. واعتقد بأنه عندما نصل إلى تلك المرحلة، فإن المجتمع الدولي وأصدقاء اليمن سوف يقدّمون العون.
موقف الولاياتالمتحدة كان واضحاً جداً منذ عام 1990 في دعم قرار توحيد الدولتين كما كنا واضحين في 1994 في رفض قرار الانفصال والاستمرار في دعم الوحدة • سمعت خلال مؤتمر الحوار البعض يطرح حق تقرير المصير للجنوب، وهذه دعوة ساندها حتى الحوثيون في منح الجنوب حق تقرير المصير ومنح صعدة حق تقرير المصير. ما هو موقف الولاياتالمتحدة من هذه الدعوات؟ - فيما يتعلق بوحدة اليمن، فموقف الولاياتالمتحدة كان واضحاً جداً منذ عام 1990 في دعم قرار توحيد الدولتين، كما كنا واضحين في 1994 في رفض قرار الانفصال والاستمرار في دعم الوحدة. ومنذ نشوب الأزمة السياسية في عام 2011، كانت المبادرة الخليجية وقرارا مجلس الأمن رقم 2014 و2051 واضحة في التأكيد على أن المجتمع الدولي بأسره، وليس الولاياتالمتحدة، يدعمون يمناً موحداً. نأمل ونتوقع ونؤكد، ومن خلال نجاح مؤتمر الحوار الوطني القائم، أن اليمن سيستمر بلداً موحداً.
وفي هذا السياق هناك الكثير من النقاش حول إمكانية إقامة دولة فيدرالية من إقليم أو إقليمين أو ثلاثة أقاليم أو أكثر تتمتع بسلطات شبه ذاتية. وهذا أمر يتصدر أولويات أجندة مؤتمر الحوار الوطني الذي سيقرر فيما إذا كانت الفيدرالية هي النظام الأنسب لليمن أم لا. وليس لدينا موقف مُعين حيال ذلك، فهو أمر ينبغي أن يعكس رؤى اليمنيين إزاء بلدهم.
• السلطات اليمنية ذكرت أنها ضبطت عدداً من شحن الأسلحة المهربة إلى اليمن، وهناك فريق من المتحدة وصل للتحقيق في ذلك. هل يعني هذا أنكم ستنقلون هذا الملف إلى مجلس الأمن؟ - لقد قام الفريق بزيارة اليمن، ويعكف حاليا على إعداد تقرير بشأن ما توصل إليه من نتائج. فالقضية هي أنه في حالة ما ثبت، وبما لا يدع مجالا للشك، مسؤولية إيران عن هذه الشحنة، فإن طهران تكون قد انتهكت القرارات السارية لمجلس الأمن الدولي والمتعلقة بتجارة إيران للأسلحة. ونتوقع بأن يصدر هذا التقرير قريباً، ونحن ننتظر النتائج التي سيتوصل إليها هذا الفريق.
العلاقة بين طهران وعلي سالم البيض لم تُعد سراً.. ولدينا قلق كبير حيال انتقال الدعم الإيراني للبيض من دعم مالي إلى عسكري • لكن السلطات اليمنية قالت إن لديها الأدلة على أن الأسلحة قادمة من إيران؟ - صحيح، فقد اطلعت السلطات اليمنية فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة على هذه الأدلة، ونحن على ثقة أنه سيتم تضمين رؤية السلطات اليمنية في التقرير الذي سيصدر عن الأممالمتحدة.
• هل فعلا ثبت لديكم وجود تواصل بين علي سالم البيض وإيران، وأنه يتقاضى مبالغ مالية وأيضا السلاح ربّما لفرض الانفصال بالقوّة؟ - إن العلاقة بين علي سالم البيِض وإيران لم تعد سراً، فقد أقرّ بنفسه بأنه يتلقى دعماً مالياً من إيران. فهذا الأمر مُثبت، ولا يقبل الجدل، لكن المدى الذي يمكن أن يتحول هذا الدعم من دعم مالي إلى دعم عسكري ودعم في التدريب هو أمر يقلقنا جداً، ونحن نراقبه بدقّة.
وعليه فإن هذا التحول سيمثل برأينا تطوراً خطيراً جداً إذا ما شكّل هذا مبادرة إيرانية جديدة لزعزعة استقرار اليمن والمنطقة.
• سعادة السفير، كنت قد دعيت المؤتمر الشعبي العام إلى التطلع إلى المستقبل، لكن هذا الحزب يعمل برئيسين؛ الرئيس هادي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، كيف تنظرون إلى هذا الأمر، وكيف يمكن حل هذه الإشكالية داخل المؤتمر الشعبي العام من وجهة نظركم؟ تدخلات صالح المستمرة في المؤتمر الشعبي تعيق مستقبل الحزب الذي يحتاج إلى وجه جديد ليظهروا للشعب اليمني أنهم ليسوا مجرد دُعاة للعودة إلى ماضٍ رفضه غالبية الشعب • موقفنا حيال هذا الأمر لم يتغيّر. فنحن نرى أن أمام المؤتمر الشعبي العام دوراً مهماً ليلعبه في الحياة السياسية اليمنية، فهو حزب سياسي كبير ومنظم ويضم شرائح عدّة من المجتمع اليمني مثل رجال الأعمال وكثير من اليمنيين الذين يمثلون قطاعات مختلفة في المجتمع. ونعتقد بأن عليه أن يستمر في لعب دور في الحياة السياسية، لكننا نعتقد بأن التدخلات المستمرة ل علي عبد الله صالح في هذا الحزب يمثل عائقاً أمام نجاحه في المستقبل؛ وعليه فنحن نرى أن المؤتمر الشعبي العام يحتاج إلى التطلع إلى الأمام وليس إلى الوراء، وإلى وجه جديد ليظهروا للشعب اليمني أنهم ليسوا مجرد دُعاة للعودة إلى ماضٍ رفضه غالبية الشعب اليمني.
• سعادة السفير، إلى أي مدى لا زلتم تعتبرون القاعدة خطراً على أمن الولاياتالمتحدة؟ - نحن نعتبر القاعدة خطراً ليس على الولاياتالمتحدة فحسب بل على اليمن أيضا. وعلينا ألا نغفل عن حقيقة أن غالبية ضحايا القاعدة في جزيرة العرب هم يمنيون وليسو أمريكيين. ولكننا نعلم أن القاعدة ما زالت تسعى إلى شن هجمات ليس فقط ضد الحكومة اليمنية والمجتمع اليمني، بل أيضا لتوسيع جهادها العالمي من خلال هجماتها ضد الولاياتالمتحدة وأصدقائها وشركائها في المنطقة وأوروبا وحول العالم. لا زالت القاعدة تمثل خطراً، ونحن نعمل مع شركائنا في اليمن، وقد حققنا بعض النجاحات في الأشهر الأخيرة في أضعاف القاعدة، وعرقلة قدراتها في شن هجمات إرهابية. لكن خطر القاعدة لم ينته بعد، ونحن مستمرون في دعم جهود الحكومة اليمنية لتحقيق مزيدٍ من النجاحات ضد هذه الجماعة.
• إلى ماذا تعزون هذا النجاح الذي تحقق خلال الأشهر الماضية؟ هل يعنى هذا أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح لم يكن جدياً في تعاونه معكم في مكافحة الإرهاب؟ - بعيدا عن أي مقارنة، فإن الرئيس هادي شريك جيد للغاية، وبفضل الرئيس هادي وإدارته تمكنا من تحقيق نجاحات كبيرة ضد القاعدة.
الطائرات بدون طيار أثبتت فعاليتها وسوف تستمر وقرار وقفها بيد الرئيس أوباما والرئيس هادي • هناك حديث يجري عن تسلل جهاديين من الصومال إلى اليمن، وعملية تهريب للأسلحة. إلى أي مدى يشكل هذا قلقا لكم؟ وما هي الإجراءات التي تتخذونها للحد من ذلك؟ - أعتقد بأننا حققنا نجاحات في الصومال، فهناك الآن حكومة، كما تم إحراز نجاحات في إنهاء قدرة جماعة الشباب على تنفيذ هجمات داخل الصومال وتهديد جيرانها، مثل: كينيا وأوغندا وأماكن أخرى. ولذا فمصدر القلق يكمن في أن مزيداً من الضغوط على جماعة الشباب في القرن الأفريقي قد يدفع بعضهم إلى عبور باب المندب والبحر الأحمر للوصول إلى اليمن، والالتحاق بالقاعدة في جزيرة العرب. ولذا لا بُد من منع هذا التحرّك ومواصلة الضغط على جماعة الشباب داخل الصومال، والاستمرار في الجهود المشتركة مع القوات اليمنية للقضاء على القاعدة. وبهذا نكون قد حققنا نجاحات على جانبي البحر الأحمر.
• هناك انتقادات لكم في اليمن والولاياتالمتحدة لاستخدام الطائرات بدون طيار، والتي تؤدي أحيانا إلى قتل أبرياء. هل سياسية أوباما أو الفترة الثانية لأوباما ربّما تشهد تغيراً في هذا الجانب؟ - موقفنا الحالي هو أن هذا السلاح أثبت فعاليته بجدارة، وهذا البرنامج يتم تنفيذه بالتنسيق والتعاون الكاملين مع الحكومة اليمنية، وموقفنا هو الاستمرار في ذلك، وإذا كان ثمة تغيير في هذا الأمر، فذلك شيء يقرره الرئيس أوباما والرئيس هادي.