في يوم الخميس الموافق 4/4/2013 أعلنت نتائج البحوث العلمية المقدمة لنيل جائزة المرحوم هائل سعيد أنعم في مؤتمر صحفي عقد في أحد فنادق صنعاء، وكانت النتائج كالآتي: فوز الباحثين في مجالات: الأدب، والهندسة، والبيئة، ثنتان مناصفة (الهندسة والبيئة) و الآداب نالها الدكتور عبد الحميد الحسامي بمفرده وحجبت جائزة بقية المجالات: (العلوم الطبية، والعلوم الاقتصادية، والآثار والعمارة، والعلوم الإسلامية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية) بحجة أن البحوث لم تتوفر فيها الشروط المطلوبة، وفي الحقيقة وقبل الخوض في الموضوع من وجهة نظر تحليلية أستسمح أبناء المرحوم هائل سعيد وأحفاده في قولي لهم: لو كان المرحوم حياً لما رضي بهذه النتائج! ولما ترك لجان التحكيم تعقّد الأمور بهذه الصورة التي جعلت من الوصول إلى الجائزة لغزاً يصعب فك شفرته! مما ينفر الباحثين -مستقبلاً – من التقدم لهذه الجائزة المعقدة! فليس من المعقول أن خمسة مجالات لم يفُزْ بها أحد؛ علماً أن المتقدمين أغلبهم أساتذة جامعات من حملة الماجستير والدكتوراة، وممن يشرفون على الرسائل العلمية ويناقشونها، إضافة إلى سهولة العناوين المطروحة للبحث وتوفر مراجعها في المكتبات العامة والخاصة، وهنا يرد سؤال وجيه مفاده: أين تكمن المشكلة... هل في البحوث؟ أم في الباحثين أم في لجان التحكيم؟ أم في مجموعة شركات هائل سعيد أنعم؟ أمَّا البحوث: فعناوينها في غاية الوضوح ومراجعها متوفرة، فلا إشكالية فيها. وإمَّا الباحثون: فأغلبهم أساتذة جامعات، أو باحثون عُرفوا بتفرغهم لمثل هذه البحوث وأقل ما يقال فيهم إنهم من حملة البكالوريوس فما فوق.
وأمَّا المحكّمون: فمع احترامنا وتقديرنا لكل محكّم في الجائزة إلا أنَّ وراء الأكمة ما وراءها، ونظن (وبعض الظن ليس بإثم) إمّا أنهم أمليت عليهم شروط دقيقة ومعقدة بحيث لا تتوفر إلا في النادر من الباحثين – كما هو الحاصل – فالفائزون هم من ندر وشذ عن قاعدة العقيد! وإمَّا أنهم بالغوا وتجاوزوا الحدود في التحكيم فلم يتركوا ملاحظة صغيرة ولا كبيرة.... حتى الفاصلة المنقوطة وعلاقة التعجب! ونسوا أن البحث العلمي مهما بلغت جودته فهو في الأخير جهدٌ إنساني قابلٌ للأخذ والرد ولن يسلم أي بحث أو كتاب مهما بلغت درجة باحثه أو كاتبه من النقد والملاحظة باستثناء كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ورحم الله الأصفهاني الذي قال: «ما أنت بكاتب ٍكتاباً في يومك إلاً قلت في غدك لو حُذف هذا لكان أجمل، ولو زُيد هذا لكان أكمل...» إذن فالبحث العلمي يُبل بالجملة، بمعنى: إذا كانت منهجيته سليمة، ومعلومته صحيحة، ولغته مستقيمة، وقد أفاد القارئ بموضوعه بنسبة 70 بالمئة فما فوق، فما المانع من قبوله وإبداء الملاحظات على صاحبه؟ بل ما المانع من حجز الجائزة حتى يعدل صاحبه الملاحظات الناتجة عن لجنة التحكيم؟
أمَّا أن يُهضم الباحث جهده المبذول طيلة السنة بهذه الصورة وبهذه العبارة: «حُجبت الجائزة» فهذا مما لا يليق شرعاً ولا عُرفاً ! «وَلَا تَبْخَسُواْ اْلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ» وأكثر الملاحظات الموجودة شكلية لا علاقة لها بلب البحث.. والمحكمون يعرفون هذا جيداً ولكن سبحان الله! ما أقسى قلب هذا الإنسان إذا تولى! كانَّما الجائزة من صميم ماله، لا من مجموعة شركات هائل سعيد أنعم!
بقيت نقطة أخيرة نختم بها المقال وهي: هل المشكلة في مجموعة شركات هائل سعيد أنعم؟
نقول: نعم هم يشاركون في تعقيد جائزة فقيدهم، وذلك باختيار المحكمين المتشددين والمبالغين في أحكامهم التي جعلت الجائزة لغزاً معجزاً، ينفر منه الكثير من الباحثين مع مرور الزمن.. إضافةً إلى الشروط الدقيقة (المعقدة) التي اشترطوها في البحث المقدم... وهذا جعل الجائزة تُقدم بيدٍ وتُسحب بأخرى، والمسألة مسألة دعاية وإعلان يُضاف إلى الشركة لا غير كما يفسره بعض الناس!
أخيراً : رحم الله فقيد اليمن هائل سعيد أنعم فلا تزال أياديه البيضاء ماثلة في كل مكان ولو كان حياً لما رضيَ بهذا التحكيم.