في تعز هناك حملة قوية ضد شوقي، صحيح، لكن هناك أيضا حملة منظمة ضد الإصلاح. تتجاوز تلك الحملتان حق النقد الى الشتم، و تحري الموضوعية الى النكاية، ويبدو الضحية في الأولى شوقي؛ وفي الثانية الإصلاح، لكن الضحية من الحملتين تعز. وكما أننا ندين الشتم الموجه لشوقي؛ فيجب استنكار الشتم الموجه للإصلاح، ولأن الشتم لغة السفهاء فان ما يجب علينا – كصحفيين ومثقفين في المقدمة – أن نتضامن ليس مع شوقي أو الإصلاح، بل مع النقد البناء للإصلاح ولشوقي ولغيره، ونقف ضد السفهاء أياً كانوا وكيفما. السؤال الأهم من المستفيد من شيطنة إصلاح تعز؟ ومن المستفيد من إفشال شوقي؟ الإجابة على السؤالين ربما تكمن في ثنايا تساؤل مهم مفاده: من وراء تضخيم الصراع بين الإصلاح وشوقي؟ لكن الإجابة على التساؤل الأخير قد نجدها في تفاصيل السؤالين السابقين.
حسناً، قد تبدو هذه المقدمة معقدة، لا تلوموني؛
فهكذا هو الوضع معقَد في تعز، ومعقد لأهلها، ومعقد لعقلائها، ومثير لريبة القاطنين في صنعاء والساكنين في عدن.
لنبدأ من المسيرات.. فالتي تخرج ضد شوقي ليس صحيحا أن كل من فيها إصلاحيون، ففيها غيرهم جمعتهم مع الإصلاحيين لافتة التذمر من أداء المحافظ، وخصوصا فيما يتعلق ببقاء شخصيات متهمة بالوقوف وراء الأحداث التي وقعت إبان ثورة فبراير، واذا كانت خطب ساحة الحرية وقفت بوضوح ضد شوقي بصفته محافظا لم يقم بواجبه في دعم التغيير، فان الإصلاح كحزب لا يوجد دليل مادي – حسب علمي- على وقوفه بشكل رسمي ضد المحافظ، كما أنه ليس صحيحا أن كل من في المسيرة التي خرجت الأسبوع الماضي - تضامنا مع شوقي- مؤتمر، ففيها بعض الاشتراكيين وغيرهم، جمعت بينهم لافتة التذمر من إصلاح تعز.
لنكن أكثر وضوحا لنقول: أن من يحب تعز حقيقة لم يخرج بعد في مسيرة لا مع شوقي ولا ضده، وليس كل من تعصب لشوقي خرج من أجله؛ هناك من لدية تصفية حسابات مع الإصلاح، ومن لديه عقدة كره اسمها الإصلاح أيضا، ولا ننسى أن شوقي يمثل بالنسبة لبعض الفاسدين سد حماية لبقائهم آمنين من التغيير أو المحاكمة. ويمكن القول إن الذي جمع بين بعض المؤتمريين وبعض الاشتراكيين هو العداء للإصلاح وليس حب شوقي، ف"شوقي معركة وجود بالنسبة لنا" قال لي أحد الرفاق وهو يتأبط ذراع مؤتمري.
ماذا فعل الإصلاح؟ مع إدانتي للحملة غير الموضوعية على إصلاح تعز، والتي تصل لحد الإسفاف والكذب، ينبغي التأكيد على أن الإصلاح يتحمل جزءاً مما يحصل؛ سواء مما يجري لتعز أو مما يجري ضده، فبعض قياداته وأعضائه مارسوا أخطاء ثورية أو حزبية ووقف هو - أي الحزب- غير مبالٍ بخطورتها على مستقبل علاقته مع شركائه، وهذا أدى الى انقسام المشترك حول أداء محافظ المحافظة، واذا كان من المؤسف أن بعض شركاء الإصلاح يقفون مع شوقي نكاية بالإصلاح، فان من المستغرب أن يحمّل الإصلاح الوضع المتردي لتعز؛ مع أن من يحكم تعز هو المجلس المحلي المنتمي للمؤتمر الشعبي الذي ما زال يرفض الشراكة حتى اللحظة. وينبغي الإشارة هنا إلى أن الإصلاح لم يبدِ أي رفض تجاه عدم تولي أي من أعضائه مناصب حالية في تعز.
ماذا فعل شوقي؟
أراد أن يحكم تعز مع أن المفترض أن يديرها، لم نعد في زمن التفرد بالأمر، نحن في زمن الشراكة، الناس ثاروا ضد حكم التفرد الشخصي منه أو الحزبي، وعندما صعد شوقي لكرسي المحافظة كان يدرك جيدا أن اليمن كلها تدار بالتوافق والمحاصصة الحزبية؛ بناء على التسوية السياسية الموقع عليها من طرفي الصراع (المؤتمر والمشترك) وبرعاية اقليمية ودولية، وهذه هي طبيعة المرحلة الانتقالية، وتجاوز مرحلة الوفاق والمحاصصة سيعقّد الأمر في تعز ولن يحلّه، كما أن تخندق شوقي مع جهات سياسية معينة ضد جهة سياسية أخرى، قد يرضي تلك الجهات وقد يغيظ الأخرى، ولكنه سيفشله وحده، مع أن المفترض أن يكون طرفا محايدا للجميع ومرجعا قانونيا للكل.
في أقل الأحوال، كان يمكنه المزج بين معاييره التي أراد فرضها ومبدأ التوافق السياسي الذي تدار به اليمن، بأن يشترط على الأحزاب السياسية تقديم مرشحين لشغل المناصب الإدارية للمكاتب الحكومية بناء على تلك المعايير، كان هذا الأمر سيحقق نجاحا للجميع، بدل الدخول في معركة ليس مع الإصلاح وحده، بل مع الفكرة الوطنية الجامعة حاليا وهي التوافق.
حسناً.. ما الذي يريده المتخندقون حول شوقي؟ عدم تولي أي اصلاحي ادارة أي منصب حكومي في تعز، وما الذي تريده ساحة الحرية بتعز والمعترضين على أداء المحافظ؟ إزاحة المتهمين بالوقوف وراء محرقة ساحة الحرية وكل الأحداث المؤلمة في تعز إبان الثورة.
ليكن.. من أجل تعز.. لماذا.. لا يتم الأمران معا، وبشكل علني وموقع: 1. إزاحة القيادات القديمة في المحافظة ومعها التي عليها إشكاليات مع ثوار تعز. 2. لا يتولى أي اصلاحي أو مؤتمري أي منصب خلال فترة زمنية محددة. 3. يتم تقديم شخصيات وطنية مستقلة أو مشهود لها بالنزاهة والاتزان.
هذا اقتراح شخصي أقدمه للمحافظ ولعقلاء الأحزاب في المؤتمر والإصلاح تحديدا.. والاشتراكي والناصري أيضا. وللرئيس هادي ان أمكن.