جلسة فريق "العدالة الانتقالية" بمؤتمر الحوار الوطني ليوم أمس، لم تكن اعتيادية البتة، كانت استثنائية وصاخبة بكل المقاييس، على اجوائها خيمت الفوضى والإنسحابات وصراخ أعضائها تجاوز قاعة الجلسة، والتوتر بينهم كان سيد الموقف. بدأ الاختلاف عندما أصر ممثلو المؤتمر الشعبي العام في الفريق على عدم الاستماع إلى مهجري الجعاشن في القاعة العامة للفريق وإخراجهم إلى قاعة أخرى كون الاستماع إليهم ليس من اختصاص الفريق ككل وإنما من اختصاص لجنة النازحين المنبثقة عن الفريق.
مثل هذا التصرف إهانة لممثلي المكونات الشبابية الثورية فأصروا في نهاية الجلسة على الاستماع إليهم داخل الجلسة العامة، وبدأ التوتر يتصاعد عندما دخل ممثلون عن مهجري الجعاشن إلى القاعة وبدؤوا يدلون بشهادتهم عن الانتهاكات التي تعرضوا لها على يد محمد احمد منصور.
تعالت الأصوات ما بين مؤيدٍ ومعارضٍ لسماع المهجرين في الجلسة العامة للفريق وهرعت عضو الفريق أميرة العراسي تطالب وسائل الأعلام بالدخول لتغطية وتوثيق شهادات المهجرين، فيما سعى بعض الأعضاء الممثلين للمؤتمر الشعبي العام لمنع الإعلاميين من دخول القاعة وانسحب أغلب الأعضاء المؤتمريين احتجاجاً على هذه الخطوة التي وصفوها بغير القانونية.
بينما راح اعضاءٌ من المكونات الثورية يهتفون "كلنا الجعاشن".
وبلغ التوتر ذروته عندما أعلن رئيس الفريق د/ عبد الباري دغيش، رفع الجلسة وغادر القاعة حانقاً، إلا أن الجلسة لم ترفع فعلياً واستمرت بالانعقاد، عندما أعلنت النائب الأول لرئيس الفريق طيبة بركات استمرار الجلسة بالاستماع إلى شهادات مهجري الجعاش.
عن أجواء هذه الجلسة استطلع "المصدر أونلاين" آراء عدد من أعضاء الفريق لمعرفة خلفية ما حدث: بدأنا الحديث مع فايزه العاقل عضو الفريق عن المؤتمر الشعبي العام، بسؤالها عن سبب معارضتها الشديدة لدخول الإعلاميين للقاعدة، فقالت: لست ضد الإعلام أبداً أنا ضد إدخالهم دون استئذان رئيس الفريق أنا ضد الطريقة التي أديرت بها الجلسة، كما أننا لسنا ضد قضية الجعاشن، لكنها تدخل في صميم عمل فريق النازحين (أحد الفرق الخمسة المنبثقة عن فريق العدالة الانتقالية) حيث لا يوجد في جدول الأعمال للفريق ككل، أن نستمع لمهجري الجعاشن، وإذا أرادوا أن نستمع للشهادات فعلينا أن نستمع للطرفين المعنيين في قضية الجعاشن.
وتضيف العاقل: كما أن رئيسة لجنة النازحين الأستاذة بحرية سمشير اعتذرت لرئيس الفريق د/ دغيس لأنها لم تنسق معه لتكون قضية الاستماع لشهادة مهجري الجعاشن في جدول الأعمال لفريقنا ككل.
وعن موقف المؤتمر الشعبي العام من قضية مهجري الجعاشن، قالت العاقل: نحن في المؤتمر لسنا ضد المهجرين، نحن مع النزول الميداني إلى الجعاشن أو مع الاستماع لطرفي النزاع من قبل لجنة النازحين المنبثقة عن فريق العدالة الانتقالية أو التنسيق مع رئيس الفريق للاستماع إليهم.
ويفند عبد الكريم الخيواني مبررات العاقل :"نحن فريق متكامل ومن حقنا أن نستمع للجميع هذه قضية تخص فريقنا كله. وعن عدم وجود تنسيق مسبق مع رئيس الفريق، قال الخيواني: أبداً كان هناك تنسيق مسبق وتم إحضار المهجرين بناءً على هذا التنسيق.
ولإجلاء الصورة أكثر سألنا النائب الأول لرئيس الفريق طيبة بركات عن حقيقة ما جرى، فقالت: الحقيقة أن مقابلة مهجري الجعاشن واردة في خطة عمل "لجنة النازحين"، ونظراً لعدم وجود قاعة مخصصة للجنة النازحين، أدخل المهجرون إلى القاعة العامة للفريق، ومن ثم تم نقلهم مع مجموعة العمل إلى أخرى، وهناك من فسر هذا الإجراء بأنه إبعاد للمهجرين.
وعموماً حضر المهجرون في آخر الجلسة العامة للفريق ككل وتم الاستماع إلى شهادتهم بحضور أغلبية أعضاء الفريق والبعض احتج على ذلك بعدم وجود جدوى من ذلك، وانسحب بعض الأعضاء التابعين للمؤتمر الشعبي احتجاجاً على ذلك.
وعن سبب رفع انسحاب رئيس الفريق ورفضه للجلسة أوضحت بركات: هو مجرد ضبح من الضجيج الذي ساد واللغظ.
وبدوري قررت استمرار انعقاد الجلسة والاستماع للمهجرين بحضور غالبية أعضاء الفريق، وهذا لن يؤثر على عمل فريق العدالة الانتقالية، أما مقررة الفريق شذى الحرازي، فترى أن الإشكالية تبدأ في إدارة النقاش، وأن الأصل أن يكون جدول الأعمال اليومي مقراً من كافة الأعضاء في اليوم السابق، لكن أكثرهم يصيبهم الملل ويخرجوا قبل انتهاء الجلسة، وبالتالي هذا لا يتيح لهم مناقشة جدول أعمال اليوم التالي، ونحن نضطر في هيئة الرئاسة المكونة من رئيس الفريق والمقرر بوضع جدول أعمال اليوم التالي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة وهي قائمة على جمع البيانات والاستماع للخبراء، وعن سبب ما حدث في جلسة أمس من لغظ قالت الحرازي: المجموعة النوعية (النازحين) استضافت مهجري الجعاشن، وقمت كمقررة بطرح مقترح للاستماع إليهم بشكل عام في الفريق، ووافق على المقترح هيئة الرئاسة والفريق المعني.
وعما تم من اخراج للمهجرين من القاعة العامة بداية الجلسة، أوضحت الحرازي أن كل المكونات انزعجت من إخراج المهجرين من قاعة الجلسات الخاصة بفريق العدالة الانتقالية، وقرر الأعضاء التابعين لشباب الثورة وأنا منهم، الانسحاب إذا لم يستمع لأبناء الجعاشن، وأوضحنا لهيئة الرئاسة لأننا شباب ثورة ولا نسمح أن ينتهك أبناء الجعاشن حتى داخل قاعة الحوار، وبناءً عليه تم الاستماع لشهادات هؤلاء المهجرين بعد انسحاب ممثلي المؤتمر الشعبي العام، احتجاجاً على ذلك وعلى دخول وسائل الإعلام إلى القاعة لتغطية شهادة "المهجرين".
وعن سبب رفع رئيس الفريق عبد الباري دغيش للجلسات، قالت إنها لم ترفع فعلياً لأن نائبة الرئيس استمرت في عقد الجلسة حتى نهايتها بحضور أغلب الأعضاء.