سيرى النور هذا المقال مساء الأحد 30 يونيو، وهو موعد «التمرّد» الذي حددته بعض قوى المعارضة المصرية، وهيّجت الشارع المصري واستغفلته كثيراً لتحقيق مآربها. أيدينا على قلوبنا خوفاً من انزلاق مصر إلى الهاوية، أو الحرب الأهلية أو تكرار النموذج الجزائري - لا سمح الله- وهو وارد في ظل الحشود المؤيّدة والمعارضة ل«مرسي» في ميادين مصر.
لا خلاف إطلاقاً في أن عاماً واحداً من حكم الإسلاميين في مصر لم يكن بالمستوى المطلوب، وشهدت مصر خلاله كثيراً من المشاكل، اجتماعية كانت أم اقتصادية أم سياسية، لكن هذا ليس مبرراً إطلاقاً للخروج بهذه الطريقة العبثية حتى في مسميات الحراك المعارض «تمرّد»!
لم تكن رؤوس المعارضة في مصر (شفيق وصبّاحي وموسى)، بحاجة لكل هذا الكم من المغالطات، والظهور بمظهر الحريص على مصلحة مصر، وهم في حقيقة الأمر ما يزالون يعيشون لحظة الهزيمة في أكثر من عملية انتخاب حدثت في مصر ما بعد الثورة.
يقولون اليوم إنهم من انتخب مرسي ونصّبه رئيساً، وحينما «فشل» الرجل خرجوا عليه ليسقطوه كما رشّحوه، وهم بذلك يخادعون أنفسهم أولاً، ثم الشارع الذي يؤججونه ضد رئيس شرعي جاءت به ثورة شعبية ونصبته رئيساً عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفّافة.
الحقيقة هي أن هؤلاء ومن لفّ لفّهم كانوا منذ الوهلة الأولى ضد الرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين، لكن لم يكنْ بإمكانهم التصريح بهذا فاختاروا ما يسمّونه «عام الفشل» ليتمرّدوا على الشرعية، بحُجة التباكي على الشعب المصري، وما أصابه جرّاء حكم الإخوان.
لستُ بصدد تبرير أي خطأ صدر عن مرسي وفترة حكمه، بما في ذلك خطابه الأخير أبو ال ساعتين ونصف وخمس دقائق، غير أن هذا لا يعني تبرير القتل، وحرق المقرات، والتمرد، ومصادرة شرعية الرئيس التي استمدها من جزء كبير من أبناء شعبه.
المؤسف حقاً هي الحالة التي وصل إليها الإعلام العربي، وبعبارة أدق «بعضه»، فقد مصداقيته وحياديته، وتكشف أحداث مصر وثورة سوريا كم أن هذا الإعلام متناقض، ويوحي بأنه ثوري حتى يحكم الإسلاميون، وثوري أيضاً حتى يسقط بشار، ومن ثمّ ينقلب على ثوريته ويناهض مشروع الثورة من أساسه.
ختاماً، فإن سقوط مرسي ليس من مصلحة أحد بمن فيهم خصومه الذين إنْ نجحوا في الإطاحة به، فإنهم بذلك يهدمون أول حكم شرعي منتخب، ويؤسسون ويشرعنون لمشروع التمرّدات القادمة التي، ربما، يكونون أول ضحاياها.