قال محامون وقضاة إن قراراً جمهورياً غير معلن قضى بتسوية أوضاع عدد من القضاة قد شكل خرقاً لحكم من المحكمة العليا أبطل 34 مادة في قانون السلطة القضائية، غير أن القرار يستند في إجراءاته إلى عدد من تلك المواد. وعلاوة على أن القرار أغفل مكاسب وظيفية لبعض القضاة إلا أن المعضلة التي تواجهه هي في تناقضه مع عدم دستورية المواد القانونية السابقة التي استند إليها مما يسقط دستوريته ويسبب حرجاً لرئاسة الجمهورية التي سبق لها أن أصدرت قرارات وتبين لاحقاً عدم قانونيتها، الأمر الذي اضطرها إلى إلغاء واحد من تلك القرارات في وقت سابق بعد استياء شعبي وقانوني.
وكتب قاضٍ يدعى رضوان العميسي على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك «القرار الجمهوري، وإن حقق مكاسب حقوقية للبعض وأنا منهم، وأسقط حقوق آخرين، إلاّ أن الأهم من هذا وذاك أن القرار قد انتهك الحكم الدستوري انتهاكاً صارخاً باستناده إلى القانون رقم 1 لسنة 1990م والقرار رقم 162 لسنة2000م المحكوم بعدم دستوريتهما وفي ذلك تعدياً وانتهاكاً لأحكام القضاء».
وأضاف: وهذا من وجهة نظري أكبر خطراً وأشد فتكاً بالسلطة القضائية وأعضائها وأحكامها على المستوى الاستراتيجي البعيد من مجرد حرمان بعض الزملاء من حقهم.
وتابع العميسي يقول «رجائي من الزملاء أن نعطي هذا الموضوع أهميته لأنه الفرصة الوحيدة التي نستطيع أن نثبت للجميع أن قدسية الاحكام القضائية واحترامها أهم حتى من حقوقنا وعندها أعتقد سنفرض علىيهم احترامنا (الدولة)».
ورأى المحامي أحمد الذبحاني أن القرار يهدف إلى النيل من حكم المحكمة العليا ببطلان 34 مادة في قانون السلطة القضائية.
وكتب الذبحاني، وهو أحد المحامين الذين ادًعوا لدى المحكمة العليا ضد قانون السلطة القضائية، في حسابه على فيسبوك «ماذا ياترى سيكون موقف فخامة الرئيس هادي حينما يعلم بأن قراره ذلك قد قضى بتسكين قضاة بدرجة نائب رئيس استئناف في حين انه لم يعد هناك وجود لمسمى نائب رئيس استئناف في السلم القضائي بعد الحكم التاريخي الصادر عن عدالة الدائرة الدستورية للمحكمة العليا».
وواصل البحاني: «وماذا سيكون موقفه (الرئيس هادي) حيال من قام بالتغرير عليه لإصدار هذا القرار».
كانت المحكمة العليا حكمت في مايو الماضي ببطلان 34 مادة في قانون السلطة القضائية لما تمثله من تدخل من السلطة التنفيذية في أعمال القضاء وإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات وفق منطوق الحكم الخاص بهذه القضية.
وقضت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعدم دستورية 34 مادة من قانون السلطة القضائية النافذ منذ 1991 وهي القضية التي رفعها أربعة من القضاة والمحامين.
وقضت الفقرة الثانية من الحكم بعدم دستورية الفقرة (و) من المادة 109 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة1991، وعدم دستورية المادة 67 من القانون بشأن تقرير البدلات الإضافية وتعديل جدول المرتبات القضائية وما يترتب عليها.
وورد في حيثيات الحكم أن وزير العدل عضو في السلطة التنفيذية واعتباره عضواً في مجلس القضاء يخالف الدستور، فلا يحق له التمتع بتلك العضوية ولا أن يباشر التصويت على أي من القرارات أو أن يحضر جلسات المجلس.
وقضى الحكم أن إشراف وزير العدل إشرافه المالي والإداري على المحاكم مخالف للدستور وكذلك التنبيه وطلب الاحالة للقضاة او حضوره مراسم أدائهم لليمين وتبعية هيئة التفتيش والنيابة العامة له والاختصاص الممنوح له بتعيين مساعدي قضاة ونيابات.
كما عدً الحكم ما لرئيس مجلس الوزراء من تعديل وإضافة بدلات وعلاوات وترقيات ونحوها وفقاً لما ورد بالمادة 67 من القانون مخالفاً للدستور وتدخلاً في اعمال السلطة القضائية.