وصل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك إلى مستشفى القوات المسلحة بضاحية المعادي في جنوبالقاهرة عبر مروحية خاصة اليوم الخميس بعد دقائق من خروجه من سجن طرة القريب، إثر أمر النائب العام بإخلاء سبيله تنفيذا لحكم قضائي. وقال مصدر بمصلحة السجون إن مبارك (85 عاما) نقل إلى مستشفى المعادي العسكري بطلب منه على متن طائرة مروحية خاصة مجهزة طبيا. وكان الرئيس الأسبق عولج في مستشفى المعادي العسكري أكثر من مرة في السابق حين كان محتجزا على ذمة أكثر من قضية.
ووكان النائب العام المصري قد أمر اليوم سجن طرة بإخلاء سبيل مبارك بعد تبرئته من عدة قضايا فساد آخرها ما يعرف إعلاميا بهدايا الأهرام، مما أثار استياء عدد من الأحزاب والحركات المصرية.
وقال المحامي العام لنيابة الأموال العامة العليا المستشار أحمد البحراوي، إن قرار إخلاء سبيل مبارك (85 عاما) نهائي، ولا يجوز للنيابة الطعن عليه.
وأصدر نائب الحاكم العسكري في مصر حازم الببلاوي أمراً بوضع مبارك قيد الإقامة الجبرية فور الإفراج عنه.
ولم تطعن النيابة في قرار إخلاء سبيل مبارك، لكنها ستبقيه ضمن قائمة الممنوعين من السفر.
وكان فريد الديب محامي مبارك قد قدم التماسا للمحكمة للإفراج عن موكله، مشيرا إلى أنه سدد جزءا من قيمة الهدايا التي تلقاها من مؤسسة الأهرام الصحفية.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه البلاد عددا من الانقسامات بعد أسبوع من الاضطرابات الدامية التي أعقبت فض اعتصامين لأنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي انقلب عليه الجيش في الثالث من يوليو الماضي.
وارتكبت القوات الحكومية المصرية مجازر عندما هاجمت محتجين واعتصامات لمؤيدين للديمقراطية ومعارضين للانقلاب العسكري ما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة آلاف حسب احصائيات منظمي الاحتجاجات.
وشنت قوات الأمن المصرية حملة اعتقالات واسعة شملت الآلاف من معارضي الانقلاب بينهم سياسيون بارزون.
وأعلن الرئيس المصري المؤقت الذي عينه الجيش حالة الطوارئ في البلاد وحظر التجول خلال فترة المساء لمدة شهر.
ويبدو أن الزمن عاد إلى الوراء لأكثر من عامين ونصف، أي قبل ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك، فالأخير طليق وبريئ من التهم الموجهة له بعد أن حكم مصر ثلاثين عاماً، بينما ما يزال مصير الرئيس محمد مرسي الذي فاز في أول انتخابات رئاسية حرة مجهولاً، واعتقل قيادات في جماعة الإخوان المسلمين بينما يلاحق السياسي البارز الحاصل على جائزة نوبل محمد البرادعي قضائياً بتهم خيانة الأمانة رغم انه غادر إلى النمسا.
ونقلت وكالة رويترز عن محامي مبارك وعن مصادر طبية وأمنية قولها إن الرئيس المخلوع سيدخل المركز الطبي العالمي وهو مستشفى عسكري شمال شرقي القاهرة، لافتة إلى أنه سيظل هناك تحت الحراسة.
وأثار الإفراج عن مبارك ردود فعل غاضبة، إذ أعربت عدة أحزاب وحركات مصرية عن استيائها ورفضها لقرار المحكمة.
وقال المتحدث الرسمي باسم طلاب الإخوان المسلمين صهيب عبد المقصود إن الإفراج عن مبارك نتيجة طبيعية للانقلاب الذي راح ضحيته عشرات الآلاف، مضيفا أن الانقلابيين حريصون على ضياع كل مكتسبات ثورة 25 من يناير وتسليم البلاد إلى رموز المخلوع وأعداء الثورة.
وأكد أن طلاب الإخوان مصرون على عودة كل مكتسبات ثورة يناير عبر الاشتراك في أنشطة التحالف الوطني لدعم الشرعية بالإضافة إلى تنظيم أنشطة طلابية على مستوى مصر.
وفي رد فعل مشابه دعت حركة شباب 6 أبريل -وهي حركة أيدت الانقلاب العسكري الأخير- الشعب المصري للمشاركة في وقفة احتجاجية غداً الجمعة، لكنها سرعان ما سحبت هذه الدعوة وألغت المظاهرة.
واعتبرت الحركة خروج مبارك من السجن انتصارا للفقر والجهل والاستبداد، ورأت أن هذا اليوم "هو تتويج لانحراف الثورة الكامل عن مسارها نتيجة لأخطاء الجميع وانتصاراً لكل ما قامت الثورة بإسقاطه".
ويقول مراقبون إن ما حدث يوم 30 يونيو و3 يوليو كان أشبه بثورة مضادة قادها فلول نظام مبارك وأنصاره في مؤسسات الدولة المختلفة.
وكان القضاء المصري قد أخلى من قبل سبيل مبارك في قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ويفترض أن تعاد محاكمته فيها بحالة "سراح"، كما أن قضية القصور الرئاسية أُعيدت إلى النيابة العامة مع إدخال متهمين آخرين فيها.
وقد حُكم على مبارك بالسجن المؤبد العام الماضي لعدم إصداره أمرا بوقف قتل المحتجين خلال الثورة التي قامت ضده عام 2011، لكن محكمة الاستئناف قبلت الطعن فيه في يناير/كانون الثاني الماضي وأمرت بإعادة المحاكمة.
وتُعاد الآن محاكمة مبارك في هذه التهمة، ولكنه قضى الحد الأقصى الذي يسمح به القانون لاحتجازه احتياطيا على ذمة القضية.