يمر اليمن في الوقت الحاضر بأحرج مراحله، بخاصة مع اقتراب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، الذي تأجّل لأسابيع قليلة بسبب مقاطعة ممثلي الحراك الجنوبي لبعض جلساته لنحو ثلاثة أسابيع. وفي الإجمال فإن مؤتمر الحوار وصل إلى نقطة حرجة، ويحتاج إلى قوة دافعة لإعلان مخرجاته التي ستغيّر وجه اليمن بالتأكيد، ولن تبقي على الصيغة الحالية للوحدة التي تآكلت مع إقدام النخب السياسية السابقة على ضرب قواعدها داخل وجدان الناس، فتحوّلت إلى مشجب علقت عليها القوى الداعية للانفصال كل الأخطاء التي ارتكبها نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ينتظر اليمنيون باهتمام كبير مخرجات هذا الحوار الذي استظل تحت خيمته المئات من الكوادر الحزبية والسياسية والقانونية للخروج برؤية موحدة حيال التحديات التي تواجه اليمن، بخاصة بعد خروجه من عاصفة الأحداث التي شهدها مطلع العام ،2011 والتي أدت إلى خروج الرئيس السابق صالح من الحكم، لكنه بقي حاضراً في المشهد السياسي والاجتماعي والتركيبة القبلية في البلاد على خلاف عدد آخر من البلدان التي مرّت عليها موجة ما يسمى “الربيع العربي”.
من المهم أن يعي اليمنيون، سواء أولئك الذين أنيطت بهم مهمة رسم ملامح الدولة المقبلة في بلادهم من خلال مؤتمر الحوار الوطني، أو أولئك الذين يساهمون برؤاهم ومواقفهم من الخارج، أكانوا أحزاباً أو أفراداً، أن اليمن سيكون قوياً بوحدته، وأن أية محاولة لإعادة تشطيره لن تكون سوى بداية النهاية ليمن قوي وموحد.
لا بأس أن يشخّص المتحاورون طبيعة الأزمة، لكن عليهم البحث عن أفضل السبل لحماية وبقاء اليمن موحداً، سواء كان في دولة اتحادية بإقليمين أو أكثر بحسب ما هو متداول اليوم في مؤتمر الحوار. عليهم في نهاية المطاف أن يرسموا ملامح اليمن المقبل ليكون يمناً قوياً ومزدهراً.
لقد حان الوقت ليثبت اليمنيون أنهم حريصون على وطنهم ووحدته وهم بالفعل قادرون على ذلك من خلال التوصل إلى نموذج من نماذج الحكم يحافظ على دولتهم ووطنهم قوياً بتبني شكل من أشكال الدولة الاتحادية الذي يتم التحاور بشأنه في مؤتمر الحوار الذي تم تمديده إلى أجل غير محدد لإكمال صياغة الوثيقة الختامية.
وعلى الأطراف السياسية أن تدرك أن أي تهاون في هذه القضية سيدخل البلد في أتون مواجهات شاملة لن تتوقف إلا عند تدمير كيان الدولة بالكامل، وهو ما يجب التحذير منه منذ الآن.