تعد مديرية خنفر أكبر مديريات محافظة أبين مساحة وأكبرها أيضاً من حيث الكثافة السكانية، وكانت تعد في وقتٍ سابق العاصمة الاقتصادية والثقافية لمحافظة أبين، وشكلت عامل جذب سياحي لزوار المحافظة في زمن ذهبي مرت به المديرية ذات يوم، لما تتمتع به المديرية من مزارع وبساتين تحيط بمدينة جعار، لكنها تعاني الآن الكثير من الصعوبات والمشاكل كغيرها من مديريات المحافظة. منذ خروج جماعة أنصار الشريعة من عاصمة المديرية جعار والتي غيرت الجماعة اسمها إلى وقار، وهي لم تتغير من حيث البنية التحتية ومستوى الخدمات.
في جعار التقينا بالمواطن أنور علي من أبناء حافة «قدر الله» يقول إن الأمن مستقر «والحمد لله ولا تنقص جعار سوى توفر الخدمات وخاصة الكهرباء والمياه، ونحن نعاني الكثير من عدم استقرار الكهرباء والماء، ونرجو حل جميع مشاكل الخدمات الأساسية».
أحد المواطنين تحدث بحسرة حول التعويضات وفض�'ل عدم ذكر اسمه حيث قال: «التعويضات للمتضررين من حرب الدولة والقاعدة غير عادلة، فأنا تم تدمير بيتي المكو�'ن من طابقين بصورة جزئية، ومع ذلك قرر لي صندوق الأعمار ثلاثة مليون فقط، رغم أن المهندس قد كتب في تقريره أن منزلي يستحق 10ملايين لإعادة ترميمه، وكذلك الحال بالنسبة لجاري حيث دمر منزله المكون من ثلاثة طوابق بالكامل وتم تعويضه 13مليون ريال فقط»، في حين قال المهندس الذي نزل للمعاينة إن المنزل نتيجة ضرره البالغ يحتاج إلى 30مليون ريال!!
الدولة غائبة.. والناس متوجسون من جهته يرى الشيخ ياسر مجمل خطيب الجامع الكبير بجعار وهو أحد الأعيان والشخصيات الاجتماعية بالمدينة، أن استقرار الوضع الأمني يعود إلى اللجان «لأن هيبتهم موجودة عند الناس».
وقال «الدولة غائبة في الجانب الأمني كما هي غائبة في كثير من المؤسسات»، ويؤكد أن «الناس لا زالوا متوجسين من القادم وأن تصبح جعار مسرحا لسيناريو جديد ومما يدل على ذلك أن عدداً من الناس لا زالوا غير مقتنعين بالعودة من عدن إلى جعار والبعض استقر في عدن وبعض المناطق الأخرى».
وحول الصعوبات والمشاكل التي تواجه مواطني خنفر يسرد منها «غياب كثير من المؤسسات الحكومية مثل مؤسسة القضاء، وأيضاً تفاقم البطالة وتدهور المؤسسة التعليمية وشعور الناس بوجود تهميش متعمد للمديرية من قبل المحافظة، وانتشار الحشيش والحبوب في أوساط بعض الشباب مع أن اللجان تقوم بدور طيب في مكافحة هذه الظاهرة كما نسمع».
ويؤكد الشكوى التي يرددها المواطنون هناك منذ أكثر من عامين حيث يقول إن الخدمات غائبة بشكل كبير «فالقمامات تملأ الشوارع والحارات، والتنظيف موسمي وبعد أن يصيح الأئمة من على المنابر يتم تنظيف جزئي و أما الكهرباء فهي أم المشاكل».
«شبكة الكهرباء قديمة ونحن لنا أيام في انقطاع بسبب تعطل بعض المحولات وتقطع الشبكة وأما الانقطاع فهو بالساعات بل بالأيام، أحياناً بسبب مأرب والمحطة الغازية، والمحافظة والمحافظ يعدون بمولدات وكلها مواعيد عرقوب حتى جاءت المولدات بعد جهد جهيد ومتابعة من مدير الكهرباء فجاءت مشكلة التقطع لها، ولكن سمعنا أنها حلت والله أعلم، وتركيبها سيكون له قصص أخرى».
وهو ذات الوضع في جانب توفر المياه على الرغم أنه بدأ يتحسن في الأيام الأخيرة.
التربية تمر بظروف قاهرة يعاني مكتب التربية بالمديرية كغيره من المؤسسات الخدمية في المديرية من كثير من الصعوبات والمشاكل نتيجة للحرب التي شهدتها المحافظة العام الماضي، وكانت مديرية خنفر وخاصة عاصمتها جعار مسرحاً للكثير من فصول تلك الحرب، وقد خرجت المحافظة بوضع شبه مشلول في جميع مناحي الحياة، وكان للجانب التربوي حظه من الانهيار شبه الكامل في مديرية خنفر، حيث تم تدمير مكتب التربية بالكامل ونهب جميع مقتنياته، وتدمير ونهب معظم مدارس المديرية وخاصة مدارس جعار.
مدير مكتب التربية بالمديرية محمد حسين الحاج يقول إنه بعد الحرب التي دارت رحاها بالمحافظة العام الماضي، بدأنا هذا العام الدراسي 2013م- 2014م بإعادة ترميم جميع مدارس المديرية بتعاون السلطة المحلية ودعم كامل من المنظمات والمشاريع الدولية، وبالنسبة لإعادة بناء مكتب التربية بالمديرية فقد تم توقيع عقد لإعادة بنائه وتأثيثه مع الصندوق الاجتماعي للتنمية/ عدن، وتم أيضاً توقيع عقود مع المنظمات الدولية لترميم وتأثيث 42 مدرسة خلال العام الدراسي الجاري، وقد تم تأهيل وتجهيز 30مدرسة منها، ومازال العمل جاريا في المدارس المتبقية وعددها 12مدرسة، ومن المتوقع تسليمها بداية الشهر القادم.
وعن الصعوبات التي تواجه التربية في خنفر يقول الحاج: «تواجهنا العديد من الصعوبات لعل أهمها عدم وجود حراسة مدنية للمباني والأثاث المدرسي، وكذلك من الصعوبات تأخر الأثاث المدرسي للمدارس التي تم تجهيزها، والسبب غير معروف لنا، رغم نزول مناقصاتها وإرساء عطائها على المؤسسة الاقتصادية فرع عدن، كذلك من الصعوبات التي تعرقل عملنا وتسبب إرباك للعملية التعليمية عدم وجود ميزانية تشغيلية للتوجيه، مع العلم أن مديرية خنفر ذات مساحة كبيرة وتعتبر اكبر مديرية بالمحافظة، لذلك تواجه إدارة التوجيه صعوبة شديدة في التنقل والإشراف على المدارس في عموم المديرية».
كما يشتكي مدير التربية من عدم وجود مخصصات للنشاط الرياضي، ويقول إن الأنشطة الرياضية مهمة في العملية التعليمية «وبدون الأنشطة الرياضية لن يكتمل نمو شخصية الطالب، وهو ما يؤثر سلبا على دراسته وتفوقه، خاصة وأن مديرية خنفر مليئة بالمواهب التي تحتاج إلى تشجيع ورعاية، وللأسف الشديد فان النشاط الرياضي في مدارس المديرية متوقف تماما بسبب عدم وجود الدعم الكافي لقيامه، والمتوفر منه نحاول به تسيير العملية التعليمية».
إمكانيات محدودة وفي نهاية الجولة عرضنا مشاكل المديرية على مدير عام المديرية الدكتور محمود علي عاطف وقال إن الوضع الأمني مستتب كما ترى، وهناك بعض الاختلالات الأمنية يقوم بها- للأسف الشديد- بعض أبناء المديرية، للضغط على السلطة لتنفيذ مطالبهم، وبعض هذه المطالب مشروعة ومعظمها غير مشروع، وهذا الوضع يؤثر على التنمية بالمديرية، فمثلا هناك من يقطع خط مصنع الأسمنت وعرقلة إنتاج المصنع من أجل أيجاد حالة من التذمر بحجة مطالب للمواطنين كما أسلفت، وهذه الطريقة غير قانونية وهي نوع من الابتزاز نرفضه نحن وجميع العقلاء بالمديرية، فمن أراد حقا مضيعا فليقدم شكوى إلينا ويشرح مشكلته ونحن على استعداد لحلها إن كانت صحيحة.
وعن وجود القاعدة بالمديرية أو خلاياها النائمة أجاب مدير عام المديرية بأنه لا وجود للقاعدة الحقيقية في خنفر بالمرة، بل هناك خلايا من بقايا النظام السابق، تحاول تعكير الصفو العام.
وأضاف: القاعدة لا يقتلون الأبرياء ولا يحللون سفك دماء الناس بالباطل ولكن كما قلت لك هؤلاء هم بقايا النظام السابق.
وعن سير عملية التعويضات للمواطنين الذين تضررت منازلهم بالمديرية نتيجة قصف الطيران إبان وجود القاعدة بأبين قال مدير عام المديرية: التعويضات ماشية بصورة جيدة، وأن كان هناك خلل في عملية التوزيع، حيث تصرف- أحيانا- مبالغ بسيطة لمواطنين تضررت منازلهم بالكامل.
وتابع: نحن نتواصل مع قيادة السلطة المحلية وصندوق الأعمار لحل هذه الإشكالية، ولا يسعنا هنا إلا تقديم الشكر للمحافظ جمال العاقل لتعاونه معنا في حل مشاكل المديرية حسب الإمكانيات المتاحة للمحافظة.