كشفت التسريبات التي بثتها شبكة رصد الإخبارية مؤخرا لتصريحات وزير الدفاع المصري الفريق أولعبد الفتاح السيسي عن تباين كبير بين آراء مؤيدي الانقلاب من البسطاء، ومواقف النخبة والمثقفين المصريين. فبينما أزعجت هذه التسريبات فئات عديدة من المواطنين الذين رأوا فيها ردّة عما أسموها "ثورة 30 يونيو", اتخذت النخبة المصرية موقف المدافع بشدة عنها وبررتها بكل الوسائل.
وكانت شبكة رصد الإخبارية سربت تسجيلا صوتيا يطلب فيه السيسي من رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم ياسر رزق تبني موقف يدعم تحصينه إذا ترشح للرئاسة ولم ينجح.
كما تضمن التسجيل قول السيسي "إن كثيرا من المتحدثين عن نيتهم الترشح للرئاسة يعلنون ذلك لأنه لم يعلن موقفه بعد"، إلى جانب الإشارة لحوار جرى بينه وبين المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وألمح فيه إلى أن الأخير حرّف ما دار بينهما من حديث.
تراجع التأييد وقد عبر العديد من المصريين عن دهشتهم من التسريبات، في حين اعتبر البعض أنهم خدعوا بالسيسي.
وتقول سوزان كمال -وهي معلمة بإحدى مدارس اللغات الدولية بالقاهرة- إنها خدعت في 30 يونيو وما جرى فيها من أحداث. وتضيف أن التسريبات الأخيرة أكدت تلك الحقيقة، حيث تظهر رغبة السيسي في تحقيق مصلحته الشخصية ولو على حساب الجميع، حسب تعبيرها.
أما وليد صلاح -الذي يدير مطعما في القاهرة- فيقول للجزيرة نت إنه قرر اعتزال السياسة بعد ظهور تلك التسريبات، لأنه فقد ثقته في الساسة والعسكر على حد سواء، وقال إن "الكل يبحث عن مصلحته دون أي اعتبار للمصلحة العامة.
ويؤكد محمود سيد -وهو بائع بأحد مشروعات تشغيل الشباب- أنه شعر بتراجع كبير لصورة السيسي بداخله بعد هذه التسريبات التي أظهرته بشكل مختلف عما ظهر به في 30 يونيو.
ويقول محمد عبد المجيد -وهو مؤيد للانقلاب بشدة- إن هذه التسريبات "إذا لم ينفها السيسي تماما ويظهر أنها غير حقيقية فستؤدي إلى ضياع نسبة كبيرة من شعبيته بين الناس".
تبرير النخبة وحسب مراقبين، فإن التسريبات كشفت عن تناقض النخبة المصرية حيث لا تزال تدافع بشدة عن السيسي بينما كانت تتصيد أخطاء الرئيس المعزول محمد مرسي وتضخمها.
ويرى الكاتب الصحفي عبد الله السناوي أن التسريبات سطو على الملكية الفكرية لصحيفة المصري اليوم، وتجب معاقبة من قام بها بغض النظر عن صحتها من عدمها. ويؤكد السناوي للجزيرة نت أن التسريبات لا تتضمن ما يسيء للسيسي، لأن هدفها معروف وهو تشويه صورته وتقليص شعبيته، ولكنها على العكس قد تكسبه المزيد من المؤيدين، وفق تصوره.
ويتفق الكاتب الصحفي جمال فهمي مع رؤية السناوي لهذه التسريبات، حيث يرى أن شبكة رصد تابعة للإخوان المسلمين وتهدف إلى تشويه صورة السيسي وصرف الناس عنه، لكنها لن تفلح في ذلك، لأن شعبيته تفوق ذلك، وفق تقديره.
ويضيف فهمي للجزيرة نت أن هذه التسريبات لا تعدو كونها فبركة إلكترونية باستخدام المونتاج الصوتي وتركيب الجمل والمقاطع التي تحقق هدف التشويه.
أما الناشطة السياسية كريمة الحفناوي فتقول إن التسريبات تأتي ضمن مخطط أميركي إخواني لتقويض ما سمته "ثورة 30 يونيو" و"تشويه صورة السيسي الذي حقق مطلب الشعب بعزل مرسي"، حسب تعبيرها.
وتضيف الحفناوي للجزيرة نت أن الإخوان يحاولون تشويه السيسي بكل الوسائل لأنهم يرون فيه عبد الناصر هذا العصر وتتقاطع مصالحهم مع مصالح الولاياتالمتحدة في الوقوف ضده، بعدما عبر السيناتور جون ماكين عن أن بلاده لن تسمح بعودة عبد الناصر من جديد.