انتقد نواب المؤتمر الشعبي العام يوم أمس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بشدة.. وهاجم الشيخان محمد ناجي الشايف وسلطان البركاني، هذه الهيئة واتهموها بالعدمية والفساد هي نفسها. فبينما أبدى رئيس كتلة الأغلبية أسفه لكون الهيئة لا تفهم من القانون شيئاً، قال الشيخ الشايف: "هذه الهيئة هي فاسدة ابتداءً". وأضاف جازماً: "هي نفسها بداخلها فساد لا يعلمه إلا الله وألو العلم". وتساءل الشيخ الشايف: "منذ إنشاء هذه الهيئة إلى الآن.. اسألوها: هل استطاعت أن تقدم حتى ولو فراشاً واحداً إلى المحاكمة!". وجاءت مناسبة هذا الهجوم الشديد على هيئة مكافحة الفساد عقب تلقي مجلس النواب مذكرة من رئيس الهيئة المهندس أحمد الآنسي يطلب فيها إجراء بعض التعديلات في بعض مواد قانونها الخاص. واستغرب سلطان البركاني من هذا الأسلوب الذي تعتمده هيئة مكافحة الفساد في التواصل مع مجلس النواب. وسخر رئيس الأغلبية من المذكرة التي جاءت بصيغة: "إلى من يهمه الأمر". وصاح البركاني ووجهه محمَّراً من الغضب: "أسألكم بالله.. هل يصلح أن يتخاطبوا معنا بهذا الشكل!". وأضاف رافضاً المذكرة: "فليذهبوا إلى البحر". وزاد البركاني طلب من رئيس مجلس النواب واستحلفه بالله العظيم "أن يحدد جلسة خاصة تحضر فيها قيادات هذه الهيئة إلى هنا لمناقشتهم في ماذا عملوه، ولكي نعرف في أي سوق يعملون وفي أي بلد يتواجدون، وماذا يأكلون". مشدداً على رفض هذا الطلب "حتى تقدم الهيئة تقريراً مفصلاً عن ما عملته طوال السنوات الماضية". وبينما كان النائب علي أبو حليقة، هو الذي تطوع بقراءة المذكرة المرسلة إلى المجلس، نيابة عن رئيسها الذي لم يحضر، فقد وضع نفسه في موقف قانوني محرج باعتباره رئيس اللجنة الدستورية في المجلس. فقد سأله عبدالعزيز جباري فور انتهائه من القراءة مباشرة: "بما أنك رجل قانون ورئيس لجنة دستورية.. هل هيئة مكافحة الفساد هي المخولة قانونياً بأن تتقدم بطلب تعديل بعض مواد القانون إلى مجلس النواب أم أن ذلك فقط من اختصاصات عضو مجلس النواب"؟ وعقب ذلك طلب رئيس المجلس من علي أبو حليقة أن يجيب على جباري، فوقف رئيس اللجنة الدستورية ليقول: "ألا يوجد نص يمنع الهيئة من أن تتقدم بهذا الطلب؟ وإذا كان هناك نص فأبرزوه". من ناحيته، النائب المستقل صخر الوجيه، طالب بإلحاح أن يضطلع مجلس النواب بواجبه الدستوري في الإشراف والرقابة على هذه الهيئة باعتبارها لا تخضع لمؤسسة سواه. وقال الوجيه: "يجب وطنياً ودستورياً مراقبة هذه الهيئات ما لم فلن نحاسب الفاسدين". لكنه استدرك قائلاً: "نحن أنفسنا في مجلس النواب جزء من مسؤوليتنا الدستورية مكافحة الفساد، ماذا فعلنا إزاء هذا الأمر.. هل فعلنا شيء؟". وتساءل صخر الوجيه عن حال الأسئلة والاستجوابات الموجهة إلى الحكومة من عشرات النواب: "ما مصيرها؟". ولفت إلى التوصيات التي تنزل في التقارير الرقابية بالمئات: "أين ذهبت؟ هل التزمت الجهات الحكومية بتنفيذها؟". وإذ زكى مقترح البركاني بخصوص تحديد جلسة لمساءلة الهيئة عن أعمالها، اختتم مداخلته: "لكن صدقوني أن هذا المجلس نفسه هو جزء من منظومة الفساد". وفي مداخلته، استنكر الشيخ محمد ناجي الشايف أسلوب المخاطبة المباشر الذي تنتهجه الهيئة بتقديمها هذه المذكرة. ولفت الشيخ الشايف إلى القضاء وهو مؤسسة قضائية مستقلة وقائمة بذاتها في أنها لا تتقدم إلى مجلس النواب بأي مذكرة أو مشروع قانون إلا من خلال الحكومة.. وعند هذه النقطة تحديداً، زكى الشيخ نبيل باشا ما ذهب إليه الشيخ الشايف، وقال: "يجب على الهيئة أن تعرف الأطر الصحيحة في تعاطيها مع البرلمان". ووصف نبيل باشا هيئة مكافحة الفساد بأنها فاشلة، مستدلاً بما هو حاصل داخل هيئة الإدارة العليا "واحد مستقيل وواحد في الخارج". وقال: "لقد أصبحت هذه الهيئة مادة يومية في الصحف". وأشفق نبيل باشا على عضو مجلس النواب الذي لا حول له ولا قوة "والذي جل ما يملكه هو هذا الميكرفون والصياح". ثم أضاف متسائلاً: "ماذا يدور داخل مجلس النواب أيضاً؟ هل قدمت الأمانة العامة لمجلس النواب حساباتها المالية؟ هل أخليتم أنتم –مخاطباً هيئة الرئاسة- ذممكم المالية؟!". وفي الحال رد عليه الراعي "نحن مستعدين نقدم الذمة المالية بعد الانتخابات.. إذا انتخبتونا قدمنا الذمة المالية. ما بش.. مافيش". وحول جدلية التعامل مع هيئة مكافحة الفساد، انتقد النائب المؤتمري البارز والمثقف علي أحمد العمراني مسألة في غاية الأهمية، حيث قال: "أيها الإخوة.. علينا أن نعترف أن هناك خللاً تشريعياً في لائحتنا. هناك القضاء كسلطة، والبرلمان كمؤسسة رقابية، والجهاز المركزي للرقابة، وهيئة مكافحة الفساد، ولكن هناك خلل تشريعي، إذ لم يحدد المشروع الصلاحيات والسلطات لكل سلطة بدقة.." وقال: "يا زملاء.. إنه ليس من المناسب أن تتقدم هيئة مكافحة الفساد بطلب، وأن تتخاطب معكم عبر الحكومة". وتساءل باستغراب: "كيف يستقيم الحال إذاً؟!". وفي الختام رفض مجلس النواب مذكرة رئيس هيئة مكافحة الفساد دون أن يدلها على الطريق الذي يجب أن تتعامل من خلالها مع المجلس.