أثار تبنِّي القيادي العسكري في تنظيم القاعدة قاسم الريمي، يوم أمس الأول، للهجوم على مستشفى العرضي سخطاً واسعاً بين الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بقدر ما أثارته فظاعة الهجوم الذي راح ضحيته 56 شخصاً وأكثر من 200 جريح، بينما قال مسؤولون أمنيون إنهم يرفضون الاعتذار، ووصفوه ب«المهزلة». وزاد من ردود الأفعال الساخطة من التسجيل اعتبار قاسم الريمي ما حدث «خطأً»، ومحاولة تبرئهم من فظاعات الهجوم بحق المدنيين والعاملين في المستشفى، وكذا إعلانه استعداد التنظيم لتسليم ديات لأسر الضحايا واستعداده لعلاج الجرحى.
وأظهرت أشرطة بثها التلفزيون اليمني من كاميرات المراقبة المسلحين المهاجمين لمستشفى وزارة الدفاع وهم يقتلون الممرضات والأطباء والمرضى بدم بارد.
ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن العميد محمد القاعدي المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية اليمنية قوله إن اعتذار «القاعدة» غير مقبول، واصفا جريمتهم ب«السادية والبشعة»، وأضاف: «لا يمكن فتح أي باب للحديث عن هذه الجريمة».
وعد العميد القاعدي اعتراف التنظيم «مهزلة»، وقال: «لا نستغرب عدم اكتراثهم بالإنسانية»، مشيرا إلى أن الجريمة التي اقترفت في مستشفى العرضي مخالفة لكل الأعراف والعادات والتقاليد، وتعد «فريدة من نوعها على مستوى التعريف».
وتابع المتحدث قائلا إن «التنظيم أعلن حربه على الأبرياء ولا يمكن أن تقبل منهم الدولة أي عروض»، منوها بأن جرائم التنظيم لا تنحصر في الهجوم الذي استهدف المستشفى وحسب، بل طالت عملياتهم المواطنين سواء عبر المتفجرات المزروعة أو الدراجات النارية التي وقعت دون أن تسجلها وترصدها الكاميرات، مستدلا بما وقع من جرائم في ميدان السبعين وكلية الشرطة ومحافظة أبين وشبوة وحضرموت.
من جانبه رفض العميد فهمي محروس مدير أمن حضرموت الاعتذار، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن جرائم التنظيم لا تنحصر فيما وقع بالمستشفى، حيث سقط الكثير من الضحايا نساء وأطفالا جراء عملياتهم ونتيجة المفخخات المزروعة التي حصدت الأطفال أثناء ذهابهم إلى المدرسة.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن العميد محروس تساؤله عن كيفية استهداف أشخاص بعينهم حتى وإن كانوا من السلك العسكري والأمني، إنهم مواطنون، وقال: «إن الجماعة يسيرها فكر منحرف وإن حاولوا التملص من جرائمهم».
وكان الريمي زعم أن الهجوم لم يكن يستهدف المستشفى الذي قتل معظم من بداخله، وحمل المسؤولية لأحد عناصر التنظيم الذي قال إنه لم يلتزم بالتعليمات ودخل إلى المستشفى، في حين يؤكد الريمي أن الهجوم كان يستهدف «غرفة تحكم» داخل وزارة الدفاع، وأن هذه الغرفة توزع الأهداف على الطائرات الأميركية من دون طيار التي تنفذ غارات في اليمن تستهدف «القاعدة».
وأثارت كلمة قاسم الريمي سخطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت معظمها بصيغة ساخرة.
يقول الصحفي والكاتب فتحي أبو النصر في مطلع أحد منشوراته بموقع «فيسبوك»: «طيّب.. ضحايا مجزرة السبعين وكلية الشرطة وأبين، الخ، ما يستحقوش ديات يا قاعدة؟»، في تهكم لاذع من إعلان القاعدة استعدادها دفع ديات لضحايا العرضي.
من جهته، يتساءل الناشط صلاح الحميري «ممكن تسألوا لنا تنظيم القاعدة يعني بالنسبة للدّيات كيف سيتم الدفع بالريال اليمني وإلا بالريال السعودي وإلا بالدولار الأمريكي؟! وطريقة السداد بالفيزا كارد وإلا تحويل وسترن يونيون وإلا عبر الكريمي إكس برس؟!».
ويضيف الحميري: «أهم شيء ما يكنش (لا يكون) السداد عبر اللجنة الوزارية، يعني قدكم داريين الإجراءات والمعاملات الحكومية ونهاية سنة وعجز بالميزانية!!».
ويختتم الحميري سخريته بقوله: «ولو فيها ثقالة دم، ممكن يا قاعدة تدفعوا لنا الدّيات أسهم وسندات في البورصة، والله تعملوا خير، وعادي منشتيش (لا نريد) عليها فوائد، احسبوا لنا عليها مرابحة، حسب الشريعة الإسلامية».
في السياق ذاته، يقول الناشط صلاح النهمي: «حديث القاعدة عن التعويضات يثبت أن أميرها في اليمن علي صالح، طول عمره يقتل الناس ويمكنهم، عد (سوف) أعوضكم، من وجهي».
بدوره، علق الصحفي والكاتب رشاد الشرعبي على التسجيل: «الفندم قاسم الريمي أخطأ الهدف، وخبط المستشفى بدلاً عن المعسكر...». ويضيف: «يحدث لدى أقوى الدول أخطاء مماثلة، فطائرة الأمريكان بدون طيار هي الأخرى ضربت موكب العرس بقيفة رداع بدلاً عن موكب تنظيم القاعدة. حبة بحبة وهبّة بهبّة، وكله من ظهر اليمن ودماء أبنائها وضيوفهم رحمة الله عليهم أجمعين...».
من جانبه، منذر الخرساني عدد أبرز نقاط ضعف المصداقية والصدق في تسجيل الريمي: «ادعى أن واحداً منهم فقط ارتكب فظائع المشفى، في حين أن شهادات الناجين، ولا أقول الشهادة الرسمية، تِؤكد توجه من بقي حياً منهم إلى المشفى مباشرة وقيامهم بارتكاب الجريمة القذرة بحق من فيه من مدنيين، مما يؤكد أن المشفى كان هدفاً رئيسياً إن لم يكن هدفاً وحيداً يعزز ذلك اختيارهم البوابة الغربية القريبة من المشفى للاقتحام ليكون وصولهم للمشفى أسرع ..».
ويضيف: «أنه برر الجريمة الأصلية (الهجوم الإرهابي ذاته) بوجود غرف تحكم بالطائرات بدون طيار، وهو تبرير أكثر غباءً واستغباءً من التبرير الأول، فمن يصدق أن عمليات أمريكية عسكرية تُدار من غير موقع أمريكي مائة في المائة، هذا فضلاً عمّا هو معروف للجميع أن تلك العمليات تُدار من البحر، حيث حاملات الطائرات الأمريكية التي تنطلق منها الطائرات بدون طيار».