مواقف التجمع اليمني للإصلاح من أحداث حضرموت الأخيرة واستفزازات جماعة الحوثي في صعدة تشير إلى أن التجمع ينجح في تفويت الفرصة على أصحاب المشاريع الصغيرة بتبنيه المشروع الوطني الكبير. أعلنت قيادات إصلاحية جنوبية بارزة دعمها للهبة الشعبية السليمة في حضرموت، وساهمت قواعدهم بشكل واضح في إفشال مخططات تحويل مسار الهبة بمطالبها المشروعة إلى مسار آخر يخدم أجندة الزعيم والرفيق، وفي شمال الشمال استمرت استفزازات جماعة الحوثي باختطاف ناشطين من شباب الإصلاح وانتهاء بأمين عام الإصلاح في صعدة الشيخ علي غائب زيد (70 عاماً) .
المعطيات السابقة وغيرها ربما تفسر جزئياً سبب التحالف غير المعلن بين الرئيس عبدربه منصور هادي والتجمع اليمني للإصلاح.
إن استمرار نجاح الإصلاح مرتبط باستمرار تبنيه وتمسكه بالمشروع الوطني الذي كان اللقاء المشترك أبرز تجلياته في السنوات الماضية، وسواء استمر اللقاء المشترك أم انتهى، وسواء استمر تحالف الإصلاح- هادي أو انتهى ، فإن كلمة السر في قوة التجمع تكمن في "المشروع الوطني".
الصعوبات كثيرة أمام تحقيق أهداف المشروع الوطني، بعضها مرتبط بالبنية الداخلية للتجمع وبعضها مرتبط بالشراكات الوطنية المحيطة بالإصلاح.
ففي الجانب الداخلي، يحتاج الإصلاح للتحديث والتذكير المستمر بهذا المشروع، ليكون هو المشروع رقم واحد بلا منازع في سلم أولويات أعضائه، لأنه هو الترجمة العملية الوحيدة لمشروع الفرد والأسرة والمجتمع والدولة الذي يتبناه الإصلاح.
ويواجه الإصلاح أيضاً تنصل عدد من حاملي المشروع الوطني - صراحة أو ضمناً - عن هذا المشروع، والمثال الأهم في اللحظة الراهنة، هو الحزب الاشتراكي اليمني أحد أهم منتجي خطاب المشروع الوطني في الساحة اليمنية.، ويكفي تحليل مضمون خطاب الاشتراكي من خلال موقعه الرسمي "الاشتراكي نت" خلال اليومين الماضيين للاستدلال على تلاشي وضمور ذلك المشروع في الخطاب الاشتراكي ليحل محله خطاب "المشاريع الصغيرة" التي حذر منها أمينه العام د. ياسين سعيد نعمان منذ وقت مبكر.
بطبيعة الحال هي مؤشرات في قراءة عابرة وليست تقريرا يفرز القوى الوطنية في فسطاطين منفصلين "مشروع وطني مقابل مشاريع صغيرة"، فالحزب الاشتراكي من خلال أدبياته الرسمية هو المنظّر الأول للمشروع الوطني، وهو يتراجع إلى الخلف خطوتين استجابة لمجموع من العوامل أهمها: الخوف من خسران الإرث التاريخي في الجنوب لصالح متطرفي الانفصال، وضغط بعض قيادات الصف الثاني التي ستتمسك بالمشروع الوطني وتعض عليه بالنواجذ بشرط وحيد هو "تخلي الإصلاح عن ذلك المشروع".
هذا النوع من الضغينة واستنساخ أساليب وطرق تفكير اليسار المصري لن يفضي إلا إلى مزيد من الخراب في بلد منهك كاليمن، وعلى التجمع اليمني للإصلاح إدراك أن مسؤولية الأخ الأكبر تتطلب منه تحمل المسؤولية وتقديم ضمانات حقيقية وتطمينات إضافية لتحقيق الالتفاف المنشود في صف المشروع الوطني.