من المتوقع أن يبدأ الرئيس علي عبدالله صالح اليوم الثلاثاء زيارة إلى المملكة السعودية يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن اللقاء سيبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأوضح دبلوماسيون بالرياض أن الاجتماعات ستهدف إلى دعم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في الحادي عشر من الشهر الحالي بين الحوثيين في شمال اليمن والجيشين اليمني والسعودي، كما يبحث اجتماع الرياض بين الزعيمين وضع الأساس لقمة المانحين الإقليميين لليمن المقررة في وقت لاحق الشهر الحالي. ربما تعتقد الأطراف الدولية المعنية بصورة أساسية بالوضع في اليمن، أنها تبذل قصارى جهدها وتقوم بكل ما هو ضروري من أجل الحؤول دون أن تصبح الدولة المضطربة، التي تطل على أهم الممرات البحرية وتمتلك شريطاً حدودياً برياً طويلاً ومحاذٍ لممالك النفط الخليجية الغارقة في النعيم، مسرحاً مفتوحاً للكوابيس المهولة التي لا سبيل إلى تخطيها مستقبلا. لكن شيئا من تلك الجهود المبذولة ليل نهار لم يُختبر بجدية حتى هذه اللحظة. على أنه يمكن القول أن المقاربات التي تم اختبارها سابقاً لا تخرج عن كونها إما عديمة الجدوى، أو أنها هي نفسها بحاجة إلى مقاربات أكثر قابلية للتطبيق وذكية من حيث قدرتها على التحايل على صانع القرار في اليمن، الذي بات العالم يعاني معه من نقص ثقة حاد ومزمن ولا يمكن علاجه. ففي حين لا يزال الجدل على أشده، بشأن المعلن والمضمر في اجتماع لندن الخاص باليمن، الذي انعقد في 27 يناير الفائت بمشاركة حوالي 21 دولة، من المقرر أن تستضيف العاصمة السعودية الرياض، يوم السبت القادم -جنبا إلى جنب مع الاجتماع التقليدي لمجلس التنسيق الأعلى برئاسة ولي العهد السعودي سلطان بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء اليمني علي محمد مجور- اجتماعات فريق العمل "المكلف بمتابعة تنفيذ المشاريع وتحديد الاحتياجات التنموية للجمهورية اليمنية"، (وذلك بمشاركة مسؤولين من الجهات المعنية في اليمن، ومن وزارات المالية وصناديق التنمية في دول مجلس التعاون، والأمانة العامة لمجلس التعاون، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق أوبك للتنمية، وممثلين عن الجهات المانحة من خارج دول المجلس، وعلى وجه التحديد الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدةالأمريكية، واليابان، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، بالإضافة إلى وزارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة، التي قامت بدور هام في الإعداد لهذا الاجتماع بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بالجمهورية اليمنية)، طبقا لوكالة سبأ للأنباء. الراجح أن فريق العمل في الرياض سيكرس جهده للخروج بمقاربة تجعل من قرارات اجتماع لندن ممكنة التحقق دون الاضطرار لضخ أموال إضافية قبل التأكد من صلاحية الوعاء لاستيعابها بإيجابية مثمرة. وإذا كانت هذه الاجتماعات هي بمثابة ترجمة عملية لواحدة من مقررات اجتماع لندن المعلنة، فإن من شأنها أيضا التمهيد للقاء آخر اقترحت الحكومة اليمنية عقده في برلين، والذي هو عبارة عن تحالف دولي أطلق على نفسه اسم "أصدقاء اليمن" سيتناول "مجموعة واسعة من التحديات التي يواجهها اليمن" وفقا للبيان الختامي لمؤتمر لندن. وعلى العكس من التوقعات التي كانت تفترض حصول اليمن على حصة مساعدات جديدة، يلخص عبدالرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، في بيان صحفي صدر أمس، الوظيفة الحقيقة التي تقع على عاتق اجتماع الرياض، على هذا النحو: "سيتم خلال اجتماع الرياض استعراض التقدم المحرز بشأن ما تم تحقيقه من تعهدات لتنفيذ المشاريع في اليمن منذ مؤتمر المانحين (لندن - نوفمبر 2006)، وكذلك مناقشة العوائق والصعوبات التي اعترضت وتعترض تنفيذ المشاريع التي تم الالتزام بها، واقتراح الحلول اللازمة لتجاوزها مستقبلا ". لسبب ما، راح العطية يعيد إلى الأذهان حقيقة أن مؤتمر المانحين، الذي احتضنته لندن في نوفمبر 2006، عُقد برعاية دول مجلس التعاون، وتم خلاله حشد تعهدات تنموية لليمن بلغت حوالي 7ر5 مليار دولار لتمويل مشاريع خطة التنمية اليمنية الثالثة (2006-2010)، وكان نصيب دول المجلس حوالي 7ر3 مليار دولار من إجمالي تلك التعهدات. العطية لفت إلى أن فريق العمل سيناقش التقارير التي سيقدمها الجانب اليمني بشأن تحديد الاحتياجات التنموية للجمهورية اليمنية خلال الفترة 2011-2015، وكذلك التقارير وأوراق العمل التي ستقدمها الجهات المشاركة الأخرى بشأن التطورات الاقتصادية في الجمهورية اليمنية، وسير العمل في إطار منظومة الإصلاحات الوطنية, وإعداد البرنامج الاستثماري لتلك الفترة والمشاريع المطلوبة لإنجاز أهداف البرنامج، فضلا عن مناقشة آليات تعزيز التنسيق والتعاون بين الجمهورية اليمنية والجهات المانحة. وإذ أكد العطية أهمية انعقاد الاجتماع، أشار إلى الدور الهام الذي يضطلع به فريق العمل، واللجنة الفنية الخليجية اليمنية المشتركة التي تم تشكيلها في مارس 2006، من قبل وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون والجمهورية اليمنية، حيث تم تكليفها بدراسة الاحتياجات التنموية لليمن، ومتابعة تنفيذ المشاريع التي يتم الاتفاق على تمويلها في إطار خطة التنمية اليمنية الثالثة. وأوضح أن التوصيات التي سيتوصل إليها فريق العمل، سترفع إلى الجهات المختصة في الجمهورية اليمنية والجهات المانحة، كما سيتم رفعها إلى الاجتماع الوزاري المشترك الخامس لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون والجمهورية اليمنية، والمقرر انعقاده في اليمن في السادس عشر من مارس المقبل. بحسب صحيفة الحياة اللندنية فإن مؤتمر الرياض الخاص بدعم اليمن، يناقش 4 وثائق تقدمها الحكومة اليمنية. ونقلت عن المدير العام للتعاون الدولي في وزارة التخطيط اليمنية نبيل شيبان أن هذه الوثائق تتعلق باستخدام موارد المساعدات الخارجية، التي تعهد بها مؤتمر لندن، ورؤية الحكومة اليمنية لاستيعاب اليد العاملة في سوق الخليج، والأجندة الوطنية للإصلاحات، بما فيها المرحلة اللاحقة خلال عامي 2011 و2015، ومستجدات الأوضاع الاقتصادية المحلية، والتحليل المشترك للتحديات التي تواجه اليمن، وكيفية توجيه الدعم الدولي لمواجهتها. ويعلق شيبان آمالاً كبيرة على مؤتمر الرياض، "خصوصاً في ما يتعلق بجدولة المساعدات الدولية لتمويل البرنامج الاستثماري في اليمن، والتوافق حول تدفق المساعدات، والتزام المانحين جدولاً زمنياً سنوياً حتى تتمكن الحكومة من تخصيص الموارد بفعالية". وأعرب عن أمله بأن يقر اجتماع الرياض آلية للتنسيق والتشاور بين الحكومة اليمنية والمانحين، وبين المانحين أنفسهم بمن فيهم الخليجيون، من خلال حوار منتظم وتنسيق أوجه الدعم الفني أو المالي، في شكل أكثر انسجاماً، بما يعزز التنمية الاقتصادية في اليمن. إلى ذلك، تبدأ اليوم أعمال اللجنة التحضيرية لمجلس التنسيق اليمني - السعودي برئاسة وكيل وزارة التخطيط اليمنية لقطاع التعاون الدولي هشام شرف عبدالله، والقائم بأعمال اللجنة الخاصة، المستشار في الديوان الملكي محمد بن إبراهيم الحديثي. وتشير المعلومات إلى أن اللجنة التحضيرية ستنجز كل الوثائق والاتفاقات التي سيوقع عليها تمهيداً لتتويجها باجتماع مجلس التنسيق الأعلى السبت القادم، برئاسة رئيس الوزراء اليمني علي محمد مجور، وولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وسيشهد الاجتماع، طبقا لهشام شرف عبدالله، التوقيع على 6 وثائق واتفاقات تمويل، ضمن المنحة السعودية لليمن، والتي قدمت في فترات سابقة، وتتضمن قطاعات الطرق والكهرباء والتعليم والتدريب المهني، كما ستناقش الاجتماعات التعاون في مجالات الصحة والربط الكهربائي بين البلدين، وتسهيل انسياب الصادرات وتشجيع الاستثمارات المشتركة، خصوصاً رؤوس الأموال السعودية في اليمن. والسؤال هو: ألم تصبح اليمن دولة فاشلة بعد؟ لم يصرح أحد بهذا حتى الآن، رغم أن الجميع يشعر بأن اجتماع لندن كان يتعامل مع اليمن باعتباره أقرب إلى حالة الفشل منه إلى أي شيء آخر. حتى أن عبدالكريم الأرحبي نائب رئيس الوزراء اليمني للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي قدم إجابة مبهمة حينما طرحت عليه صحيفة السياسية هذا السؤال: ذهب اليمن إلى مؤتمر لندن والحديث يدور عن أنها دولة فاشلة، فهل تغيّرت هذه القناعة خلال مؤتمر لندن؟ فكان رد الارحبي بهذه الطريقة: "الرد على هذا السؤال يحتاج إلى تقييم وجهات النظر المختلفة، لكن كان ثمة إجماع لدى المشاركين في المؤتمر أن اليمن لديه فرصة لتعزيز بناء الدولة والتغلّب على التحدّيات، هذه قناعة لمسناها لدى جميع المانحين". على المستوى الإعلامي فقط تتخذ التحركات الدولية طابعاً اقتصادياً صرفاً، لكنها سياسية في العمق، وأمنية.