برهن تنظيم القاعدة على رسوخ أقدامه في اليمن وتنامي نشاطاته في واحد من أجرأ عروضه الميدانية وأضخمها خلال حفل نظمه للاحتفاء بأعضاء له فروا من السجن المركزي بصنعاء في وقت سابق. وبثت مؤسسة الملاحم، الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة تسجيلاً بعنوان "أول الغيث" مدته أكثر من ربع ساعة للاحتفال الذي اشتملت أحداثه على ظهور نادر لزعيم القاعدة في شبه جزيرة العرب ناصر الوحيشي المكني بأبي بصير الذي ألقى خطاباً أمام عشرات من الرجال المسلحين.
واصطف عشرات المسلحين على جانبي طريق ضيق وسط مرتفعات وعرة تغطيها أشجار جرداء فيما قدمت ثلاث سيارات دفع رباعي مليئة بالمسلحين الذين بدا أنهم يحرسون زعيم التنظيم ناصر الوحيشي.
وفر قرابة 29 سجيناً غالبيتهم أعضاء في تنظيم القاعدة من السجن المركزي بالعاصمة صنعاء منتصف فبراير الماضي حين هاجم مسلحون من القاعدة سور السجن بالرشاشات المتوسطة والقنابل وفجروا سيارة مفخخة أحدثت فرجة كبيرة في السور.
وكشف تسجيل القاعدة أن السجناء اشتركوا في مهاجمة السور بقنابل صنعوها داخل السجن في أخطر ثغرة ضربت الإجراءات الأمنية.
وقال صالح الشاؤوش وهو أحد السجناء الفارين إنه صنع القنابل بعد أن قدر مع باقي أعضاء القاعدة السجناء أن عملية الفرار تتطلب عشر قنابل.
وبدا من حديث الشاؤوس في التسجيل أنه تولى تنسيق عملية الفرار داخل أسوار السجن وأعطى التعليمات لبقية السجناء.
وأوضح منير البوني أحد السجناء الفارين أنه بدأ يفكر بالهرب من السجن بعد نحو مضي ثلاثة أيام منذ نقله من السجن التابع لجهاز الأمن السياسي إلى السجن المركزي ثم حدث بذلك مبارك الشبواني ومنصور الدليل وصالح الشاؤوس فردوا عليه بأن هذا يلتقي مع مسعاهم.
وقال محمد السعدي الذي ظهر فرحاً في الحفل ويضحك "كما ترون، نسرح ونمرح (في) حرية كاملة. نسأل الله العظيم فقط أن يمن علينا ونذبح الطواغيت".
واتفق عمار المرواني وأمين محمد أحمد وهما من السجناء الفارين على أن المهمة تقتضي تحرير باقي سجناء "القاعدة" من السجون.
وقال المرواني "بعد فكاك أسرنا (..) نقسم أننا لن نتركهم هملاً".
وقال زعيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية في خطابه أمام المحتفلين الذين أصغوا إليه باهتمام "شرفنا الله بهذه العبادة من دون الخلق (إغاظة العدو)".
وأضاف ناصر الوحيشي الذي يشتبه بأنه يختبئ في سلسلة مرتفعات وعرة بين محافظتي أبين وشبوة: الأمة علت وارتفعت وسمت ومرحلة الاستضعاف إن شاء الله تذهب عن الأمة. العدو الصليبي أيها الإخوة لا زالت لديه أوراق يحركها.
واستطرد القول "فلابد أن نتذكر أننا دائماً نقاتل العدو الأكبر (أئمة الكفر) ولا بد أن نسقط هؤلاء الأئمة. لابد أن نزيل الصليب الذي ممسكه حامل الصليب (أمريكا)".
كما تحدث في الاحتفال المتحدث باسم تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية إبراهيم الربيش وهو سعودي الجنسية.
وقال الربيش بعدما هلل لفرار السجناء "هذا اليوم تختلط فيه الأفراح بالاحزان؛ فنفرح بإخواننا (الفارين) ونحزن لبقية إخواننا. لنا إخوان في جوانتانامو وإخوان في الحائر وإخوان في ذهبان وإخوان في فلسطين".
وقدم رجل عصيراً في أكواب بلاستيكية إلى أعضاء القاعدة المحتفلين قبل أن يظهروا متحلقين حول سفرة طعام كبيرة تشتمل على لحوم.
وكان المسلحون المحتفلون أطلقوا النار في الهواء ورددوا أهازيج فيما ظلوا يسيرون مجتمعين حول زعيمهم الوحيشي حتى بلغوا مكان الاحتفال.
وقدم ثلاثة منشدين ملتحين نشيداً بلهجة شعبية بدوية، تشمت معظم ابياته برئيس جهاز الأمن السياسي السابق غالب مطهر القمش الذي ظل يدير جهاز المخابرات 34 عاماً قبل أن يقيله قرار رئاسي في وقت سابق من مارس.
وردد المنشدون "مبروك مبروك يا المأسور. وابن القمش قد غدا مقهور. في وسط صنعاء دحرنا الجور. سقنا المفخخ وهدمنا السور".
وتصنف الدوائر الغربية المختصة بمحاربة الإرهاب جناح تنظيم القاعدة في اليمن أنه أنشط أجنحة القاعدة وأخطرها.
وعلاوة على هجمات مميتة يعتقد أن التنظيم شنها في أكثر من محافظة وقتل فيها عشرات الجنود، تمكن مسلحو التنظيم في فبراير الماضي من قتل أكثر من 10 جنود يحرسون السجن المركزي بصنعاء وفجروا سيارة ملغومة ليساعدوا نحو 29 سجيناً على الفرار.
بين السجناء نشطاء خطرين في تنظيم القاعدة منهم مبارك هادي الشبواني المحكوم بالإعدام لإدانته في تنفيذ هجمات ضد ضباط عسكريين وأمنيين.