وجد زعيم جماعة أنصار الشريعة وقتاً كافياً لالتقاط العديد من الصور التذكارية في عدة مواقع بمدينة سيئون المسالمة والتي كانت على موعد في الساعات الأولى من فجر يوم السبت مع غزوة غير متوقعة من قبل انصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة الذي خاض مواجهات عنيفة مع قوات الجيش في محافظتي أبينوشبوة انتهت بانسحابه منهما وإعلان الجيش تطهير اخر معاقله في منطقتي عزان والمحفد. أتاحت الاستراتيجية التي اتبعتها وزارة الدفاع في مواجهات عزان والمحفد المجال لعناصر القاعدة بالخروج الآمن عبر السلاسل الجبلية والطرق الصحراوية والانتقال لمناطق اخرى يتواجد فيها عناصر القاعدة وتوفر ملاذات آمنة وبيئة حاضنة على امتداد الشريط الصحراوي الممتد من ابين مرورا بشبوةوحضرموت والجوف إلى مأرب والمفتوح على جيوب ومناطق قبلية ممتدة من ارحب وخولان واجزاء من محافظة صنعاء وصولا للبيضاء ورداع واماكن اخرى متفرقة ومتعددة تجد في فكر القاعدة طريقا وفكرة مثالية لبداية انشاء الدولة الاسلامية المنشوده ووسيلة لمقاومة التمدد الحوثي الذي يزاحم خطابه الديني خطاب القاعدة في نفس مربع الخطاب الديني .
ما حدث في سيئون هو جزء من استراتيجية تنظيم القاعدة في حربها مع الحكومة اليمنية القائمة على حرب الاستنزاف والانهاك وتشتيت الجهود الامنية والعسكرية وفتح جبهات متعددة عبر عمليات خاطفة توقع خسائر امنية واقتصادية وتهز معنويات افراد الامن والجيش باعتبارهم اداة الحرب الميدانية في مواجهة القاعدة.
الجانب المعنوي والاعلامي كان حاضراً بقوة في احداث سيئون الدامية وهو ما يفسر اصرار جلال بلعيدي على التقاط صور تذكارية في عدة اماكن ومنها ما قيل انها امام القصر الرئاسي في سيئون والحديث عن السيطرة على المقار الامنية ومطار سيئون بالاضافة للاستيلاء على الاموال الموجودة في عدد من البنوك داخل المدينة وتقدر بمئات الملايين .
عملية سيئون تأتي بمثابة محاولة التنظيم الرد على ماحدث في شبوةوابين لاثبات عدم تضرر تنظيم القاعدة على الميدان جراء انسحابه من هناك ، وتأكيد على امتلاكة القدرة على تنفيذ عمليات موجعه للجيش والامن في المناطق التي لا يتوقع وصوله اليها وخروجه من تلك المناطق بدون خسائر مادية كبيرة.
يمكن القول بوضوح ان ما حدث في سيئون يعد بمثابة اهمال رسمي وتقصير امني واستخباراتي ويضع شبهات عدة حول وجود حالة من التواطؤ المتكرر مع عمليات تنظيم القاعدة بهذه الطريقة وفي مثل هذا التوقيت ، خاصة انها تمت بعد يومين من تصريحات لقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الصوملي يلوح فيها باستمرار الحرب على القاعدة وان الجيش سيستمر في ملاحقة القاعدة ولن يسمح لها بالتواجد في حضرموت الوادي وفي وقت كان فيه قائد المنطقة ومدير امنها وعدد من المسئولين التنفيذيين خارج المنطقة.
أرادات القاعدة تحقيق نصر معنوي بعد طردها من عزان والمحفد بالتواجد بهذه الطريقة في سيئون التي لم تعتد على هذا النوع من الاحداث كما ان القاعدة حققت هدفا اقتصاديا يتمثل بسرقة عدد من البنوك في المدينة وحققت نصرا معنويا مؤقتا وعادت اخبارها للتداول في وسائل الاعلام من جديد.
ما حدث يطرح عدة اسئلة حول وجود استراتيجية حقيقية لدى قيادة الجيش تتعلق بالحرب على القاعدة على المدى الطويل وبشكل جاد بعيدا عن محاولة ايجاد نصر مؤقت وشكلي لا يخدم البلاد بقدر ما يخدم تنظيم القاعدة ويجعله ينقل انشطتة من مكان لآخر ويستهدف المدن والتجمعات السكنية الكبيرة وينشر الذعر والخوف في اوساط اليمنيين ويروج لانشطة القاعدة ويوفر لها ملاذات آمنة جديدة.