تسببت محاولة انسحاب برلماني مؤتمري من جلسة البرلمان يوم الثلاثاء، في فوضى عارمة داخل القاعة؛ اضطرت نائب رئيس المجلس محمد الشدادي، إلى رفع الجلسة لدقائق بهدف التشاور. وكان نائب رئيس كتلة حزب المؤتمر الشعبي العام النائب عزام صلاح، قد نهض من مقعده مُغادراً قاعة البرلمان، احتجاجاً على منع رئيس المجلس يحيى الراعي النواب من التعليق على لقاء الرئيس عبدربه منصور هادي يوم الاثنين بهيئة الرئاسة ورؤساء الكتل ورؤساء لجان البرلمان، وأعضاء الحكومة مع رئيسها.
وعقب تصويت النواب على محضر الجلسة السابقة، كما هو معهود، تحدث الراعي عما دار في اللقاء مع الرئيس هادي، وقال إن الرئيس شرح لهم وللحكومة الذي يجري في البلاد بشكل كامل.
ونقل الراعي عن هادي قوله خلال الاجتماع «مستحيل أرفع ريال أو فلس واحد في المحروقات إلا وقد توافق الجميع وبرضا الشعب».
الرئيس هادي، وفقاً للراعي، كلف مجلس النواب ومجلس الوزراء بإعداد رؤيتين منفصلتين لمعالجة الوضع، ومن ثم جمعها وتنفيذها بهدف «إخراج البلد من بر الأمان».
أما النائب عبده بشر المستقيل من حزب المؤتمر، ويرأس كتلة تحت مسمى «كتلة الأحرار»، فقد نفى نفياً قاطعاً أن يكون الرئيس هادي قد تحدث عن موضوع المشتقات النفطية، وقال إنه لم يتطرق إلى ذلك على الإطلاق.
وقال بشر، الذي حضر اجتماع النواب والحكومة مع الرئيس، وسبق أن اتهم هادي بالخيانة العظمى، قال «إنه تأكد بأن هناك تآمر على كل اجتماع يقوم به الرئيس»، دون أن يوضح ما يقصده بذلك.
الراعي اقترح أن يبدأ المجلس بصياغة الرؤية الخاصة به استعداداً لتقديمها للرئيس، لكن النواب قاطعوه بأصوات مرتفعة وعشوائية طالبين منه السماح لهم بالحديث والتعليق.
وفي لحظة ضجيج النواب ومحاولتهم إقناع النائب صلاح بعدم الانسحاب، غادر الراعي إلى مكتبه ورأس جزءاً من الجلسة نائبه الشدادي، ليضطر إلى رفعها عشر دقائق للتشاور.
وعقب استئناف الجلسة، عدل الراعي عن رأيه وفتح باب النقاش حول اللقاء مع الرئيس هادي.
واعتبر نواب أن اللقاء مع هادي، بمثابة إيقاف للاستجواب الذي بدأه البرلمان مع الحكومة، وإلغاء للاجراءات القانونية المترتبة عليه، مطالبين بضرورة سحب الثقة من الحكومة في جلسة يوم الأربعاء.
وكان النائب عبدالعزيز جباري، أكثر النواب تحمساً لقرار سحب الثقة، وكان يقاطع حديث أي نائب يتحفظ على هذا الموضوع.
واعترض نواب آخرون، على تكليف هادي لمجلس النواب بإعداد رؤية تتضمن حلولاً للقضايا والمشاكل الأمنية، وقالوا إنه «إقحام» للمجلس في مهام تنفيذية هي بالأصل مهام أساسية للحكومة.
لكن الراعي قال إن المطلوب من المجلس أن تتولى لجانه المختصة رفع تقارير عن الإخلالات والمخالفات في كل وزارة من وزارات الحكومة.
وانسحب عزام صلاح ونواب آخرون من كتلة المؤتمر نهائياً من جلسة الثلاثاء، حين طلب الراعي التصويت على اتفاقية قرض مقدمة من الحكومة، ومن ثم إعادة الحديث للنواب حول موضوعهم السابق.
وقال النائب صلاح، أثناء مغادرته «لسنا موظفين معك، وانت لا تريدنا أن نتحدث».
كما دخل الراعي في مشادة كلامية مع النائب من كتلة الإصلاح عبدالملك القصوص، بسبب رفض الراعي إتاحة الفرصة للقصوص بالكلام بعد رفع الأخير نقطة نظام على النائب جباري.
وطالب نواب وعلى رأسهم، ناصر عرمان ومحمد الحزمي وشوقي القاضي، من أعضاء المجلس الهدوء والتروي والحفاظ على التجانس والتوافق بين كتل البرلمان الذي لم يحصل من قبل.
وقال النائب الحزمي إن هناك فرق بين رغبة النواب لحل المشاكل وبين رغبتهم لتوظيف هذه المشاكل سياسياً، مستغرباً ممن يصور نفسه الآن مدافعاً عن الجرعة، في وقت كان أول المتبنين لها خلال الفترات السابقة.
واتفق النائبان عبدالرحمن الأكوع وشوقي القاضي، على ضرورة أن تكون أولوية المجلس في رغبته بإيجاد حلول وليس في سحب الثقة من الحكومة دون النظر لعواقب ذلك.
وقال القاضي، الذي تحدث وسط إصغاء النواب، إنه بمقدور أحزاب المشترك وشركاءه والمؤتمر وحلفائه إيجاد حلول لما يجري، من خلال تغيير الوزراء الممثلين لهم في الحكومة والمعروفين بأدائهم الضعيف.
وطالب القاضي من زملاءه النواب، الاستمرار في تماسكهم ووحدتهم، وقال إن المجلس رسم خلال هذه الأسابيع أروع المواقف، وأعاد للبرلمان هيبته التي كان قد فقدها بين الناس.
وفي حال توافق المجلس على سحب الثقة، اقترح القاضي، على كتلتي المؤتمر والمشترك تقديم قائمة للرئيس هادي بالوزراء البديلين، ومن ثم يشرع المجلس في سحب الثقة من الحكومة الحالية، تجنباً للدخول في فراغ دستوري تعيشه أكثر من دولة.
وصوت النواب في الجلسة، على مقترح للراعي بانتظار الحكومة إلى جلسة اليوم، والنظر فيما ستقدمه من حلول سيؤيدها البرلمان ويساندها إن كانت جدية جذرية، وسيتخذ إجراءات ضدها في حال كانت على العكس من ذلك.
وكان المجلس صادق في منتصف جلسته، وبعد التزام الجاني الحكومي بتوصيات برلمانية، على اتفاقية القرض المبرمة بين اليمن والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع إعادة اعمار محافظة أبين بمبلغ 10 ملايين دينار كويتي ما يعادل 35 مليون دولار امريكي.