الجمعة الماضية أقامت حشود المتظاهرين في شارع الستين صلاة الغائب على شهداء الجيش والأمن، وشهداء حزيز ومجلس الوزراء من الحوثيين وغير الحوثيين، ونجحت تلك الحشود في توجيه رسالة سلام واضحة، فيما استمر خطاب الحوثي وحلفائه في شارع المطار يحشد للحرب والاستشهاد! بالتأكيد سيشعر الحوثي بالزهو وهو يتابع إحدى القنوات الفضائية تتحدث عن "عشرات الآلاف من المتمردين الحوثيين يتظاهرون في شارع المطار" وهو توصيف مفخخ وغير بريء بالمرة، لأن حشود المطار هم مواطنون يمنيون، فيهم المتضررون من الجرعة، وهؤلاء خرجوا صادقين للتنديد بها، وفيهم المتضررون من ثورة 11 فبراير 2011، وفيهم المتضرر من ثورة 26 سبتمبر 1962. ويبدو أن تعاطي الرئاسة والقوى السياسية الفاعلة مع الحدث جاء من منطلق هذا الفهم.
يتحدث عبد الملك الحوثي مطولاً عن "الشعب اليمني العظيم" لكنه ما يلبث أن يعتمد اللغة الأثيرة لدى كل الفاشيين، وهي: نحن ومن معنا (فقط) نمثل الشعب!
الحوثي ومستشاروه يفوتون بذلك الخطاب تطوراً اخترعته الفاشية العربية الجديدة التي أصبحت تتحدث بلغة "أنتم شعب ونحن شعب"، ولم تعد تتبنى مزاعم تمثيل الشعب (كل الشعب)... لماذا؟
ببساطة.. في الماضي القريب كان من السهل على الحكومات المستبدة، أو القوى الفاشية، أو جنرالات الانقلاب التأكيد في البيان الأول للانقلاب أنهم يمثلون الشعب، وأنهم سيحكمون باسم الشعب أيضاً، وتنجح هذه الوصفة لعشرات السنين، أما في عصر السماوات المفتوحة والفضائيات وشبكات الإعلام الاجتماعي والمواطن الصحافي فقد بات من المستحيل ادعاء تمثيل الشعب كل الشعب، لذلك فإن الإعلام المصري المؤيد للانقلاب – مثلاً- "جابها من الآخر" وقالها بصراحة "احنا شعب وانتو شعب" بل وتم تلحينها في أغنية بثتها قنوات الدول الرسمية التي تضطلع بمهمة "الحفاظ على تماسك المجتمع، والقواسم المشتركة لكل القوى الوطنية وتمثيل كل فئات المجتمع، وليس تقسيم الشعب إلا فسطاطين"!
الحوثيون لم يعترفوا لمعارضيهم حتى بكونهم يمثلون جزءاً من الشعب، بل مجرد "دواعش" و"فاسدين" في أحسن الأحوال!
قبل ذلك.. تباهى أحد ممثليهم بأن جماعته مسؤولة عن قتل 60 ألف جندي يمني. هل أصبح منتهى طموح المواطن اليمني في التعامل مع هذه الجماعة، هو الانتظار لحين مشاركتها في حكومة الوفاق القادمة على أمل الاستماع إلى لغة مختلفة؟