مؤلم عليك أن تقف أمام المرآة بصورة أخرى، وأشد إيلاماً أيضاً أن تجد مأساتك الإنسانية خذلاناً مجتمعياً، وذروة الألم أن تظل قضية كافحت لأجلها بعيدة عن اهتمامات مسؤولين حكوميين طالما غرسوا خنجرهم في ظهرك. كان ذلك حين سجلت كاميرات أحد المتاجر شريطاً مرئياً رديئاً في جودة الصورة، وجزلاً في اختزال المأساة بلحظة شعورية مكثفة من التلذذ بالألم لمجهولين على دراجة نارية يهاجمون عدنان المداني ويقذفونه بمادة حمض الكبريتيك الحارقة (الأسيد).
في الصورة التي خذلها الرأي العام ظهر عدنان بعد أيام من لحظة تسجيل الكاميرا، مصاباً بتشوهات بالغة في وجهه وأجزاء من جسمه، قالت التقارير الطبية إن الرجل أيضاً فقد عينه اليسرى.
في سبتمبر جاء الهجوم، وبعد يومين من تلقي عدنان المداني مكالمة هاتفية في مضمونها تهديد صريح من مجهولين، ولم تكن تلك المكالمة الأولى، بل جاءت إثر مكالمات عدة تتوعد الناشط الحقوقي والمسؤول الإعلامي للجنة النقابية في مؤسسة الكهرباء على خلفية مناهضته لقضايا فساد في المؤسسة المتهالكة.
وبالفعل، كانت الخطة محكمة وتطابقت مع حركة المداني في طريقه إلى مقر عمله، فالدراجة انطلقت في خط سيرها قبل الوصول إليه بسرعة محددة، ولم تخفض سرعتها حين اقتربت منه.
أصابع اتهام اللجنة النقابية في مؤسسة الكهرباء أشارت إلى مسؤول كبير في مؤسسة الكهرباء سجله حافل بقضايا فساد فضلاً عن سطوته ونفوذه على معارضيه، ومسؤول آخر تورط في إخفاء الأدلة.
نشر المداني وثائق عدة تدين في الإدارة العامة للكهرباء وكهرباء أمانة العاصمة، وهو من ضمن ناشطين دشنوا حملة «منوّرة يا حكومة والشعب طافي»، التي كشفت عن كثير من صفقات الفساد في المؤسسة.
حرص وزير الكهرباء في الحكومة اليمنية عبدالرحمن الأكوع على زيارة المداني في مشفاه، بدا الوزير متأثراً لمصاب المداني، كان يواسيه أيضاً بأن قضيته لن تنتهي هنا، وشُكلت لجنة تحقيق من وزارة الداخلية ووزارة الكهرباء.
عقب ذلك انتقل عدنان المداني إلى مستشفى في الأردن، ظفر الأطباء بإنقاذ العين اليمنى وعلاجها، بينما قالت ماجدة الحداد وهي من منظمي حملة «منوّرة يا حكومة والشعب طافي» إن أخطاءً شابت العملية الجراحية التي خضع لها المداني.
ونقلت الحداد عن التقرير الطبيب الألماني إن الجلد المنتزع من رجله لعنقه بدون عصب وميت، وسينزع الجلد الميت وإعادة كل العمليات بشكل سليم.
إلى ذلك؛ نظم نشطاء وزملاء للمداني الأربعاء الماضي وقفة احتجاجية لحملة «أنا نازل .. كلنا عدنان المداني» في ساحة مبنى الحكومة بالعاصمة صنعاء.
وطالب المحتجون الحكومة اليمنية ووزارة الكهرباء بتوجيه استكمال علاج المداني والقبض علي الجناة، وشددوا على اتخاذ إجراءات جادة لاستئصال الفساد.
وانتدب المحتجون أربعة منهم لمقابلة رئيس الحكومة الجديدة خالد بحاح، بيد إنهم لم يلقوا إجابة، مما أثار سخطهم وعزمهم على تصعيد الاحتجاجات خلال الأيام القادمة.
وفي السياق؛ أكد مصدر أمني بوزارة الداخلية إن الشرطة توصلت إلى نتائج إيجابية في حادثة الاعتداء، وإن أجهزة الأمن تتخذ إجراءات لضبط المتهمين بعد أن تم تحديد شخصياتهم ومكان تواجدهم.
وأفاد إن الشرطة ستقبض على المعتدين وإن ذلك أصبح مسألة وقت ليس إلا