شهدت الجلسة الثانية لمناقشة برنامج الحكومة الجديدة في البرلمان اليمني انتقادات ساخرة من قبل نواب في كتل برلمانية مختلفة حول مدى صلاحيات أعضاء الحكومة ورئيسها ومقدرتهم على أداء مهامهم في ظل وضع لا يستثني تحكم المليشيات حتى تحركات المسؤولين ذواتهم. وحضر غالبية أعضاء الحكومة، يتقدمهم رئيس مجلس الوزراء خالد بحاح، جلسة مجلس النواب المُنعقدة اليوم الاثنين، للمرة الثالثة منذ صدور قرار تشكيلها، التزاماً بمواد الدستور التي تتطلب منهم الحصول على ثقة البرلمان كي تكتمل شرعيتهم.
واستكمل النواب ردودهم على برنامج الحكومة الذي عُرض الأسبوع الماضي، في وقت تعمل لجنة برلمانية وحكومية مشتركة على استيعاب الملاحظات لتضمينها في البرنامج المزمع تنفيذه من قبل الحكومة.
رئاسة البرلمان أقرت إجراء تصويت منح الثقة للحكومة في جلسة غداً الثلاثاء بعد أن تم الاستماع إلى تعليقات الأعضاء خلال اليومين الماضيين.
ولم تخلُ جلسة اليوم من سخرية برلمانيين بأعضاء الحكومة ورئيسها، عن إمكانية تنفيذهم المهام الموكلة إليهم في حين أن من يتحكم بزمام الأمور هو طرف آخر. في إشارة منهم إلى جماعة الحوثيين المسلحة التي شكلت لجان أسمتها ب«الثورية» وتدير غالبية مؤسسات الحكومة.
وقال رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني ساخراً: على الحكومة البقاء في كراسيها يسمح لها الحوثي، لأنه القوة على الأرض.
وأضاف: الحكومة تعمل بربع حكومة لأن من يحكم هم الآخرون.
لكنه استدرك بالقول: مع ذلك سيمنح المؤتمر الحكومة الثقة على أن تُمنح فترة ثلاثة أشهر لوضع جدول زمني لبرنامجها المطروح.
واشترط البركاني إضافة توصية مهمة في برنامج الحكومة تتضمن رفضها تسليم أي مواطن يمني لأي جهة أجنبية مهما كانت جنايته، إشارة إلى مطالبات دولية برحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حسب ما كان ينشره الحزب، إضافة إلى القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي التي أدانت صالح.
وتحدث رئيس كتلة التجمع اليمني للإصلاح زيد الشامي عن تغيب بعض الوزراء من الحضور في مقار عملهم، وقال إنه سيعذرهم في ذلك كونهم لا يستطيعون الدخول من البوابات التي تتمركز فيها المليشيات المسلحة.
ودعا الشامي الوزراء إلى رفض أي وضع من هذا القبيل، باعتباره «يؤسس للفوضى»، وقال النائب علي العنسي إن على أعضاء الحكومة ورئيسها تقديم استقالتهم فوراً في حال كان هناك طرف غيرهم هو من يتخذ القرار باسمهم، وألاً يقبلوا أن يكونوا «حكومة صورية».
في ذات السياق تحدث رئيس كتلة المستقلين النائب ناصر عرمان، وقال إن على الحكومة أن تمارس مهامها دون وجود قوة توازيها، كما دعاها إلى ضرورة إنهاء المظاهر المسلحة كي تنجح في مهامها وتمنح المواطن الأمل في عودة الدولة.
وخاطب عرمان الحوثيين قائلاً: أناشدكمُ الله أن تتركوا المجال للمتخصصين في إدارة البلد فوضع سيفين في غمدٍ واحد أمرٌ مستحيل، حسب قوله.
النائب عبدالرحمن المحبشي، انتقد حديث الحكومة في برنامجها عن تطبيع الأوضاع في محافظة عمران، وقال ساخراً: لم يتبقّ على الحكومة إلا أن تقول سيتم تبادل السفراء بين جمهورية اليمن وجمهورية عمران.
مضيفاً: كان الأحرى بكم أن تقولوا إنكم ستعملون على إعادتها إلى حضن الدولة وسلطتها بدلاً من الحديث عن "تطبيع".
واقترح النائب المؤتمري عبدالوهاب معوضة تعديل كلميتن وردتا بكثرة في البرنامج الحكومي هن «تلتزم الحكومة»، ويتم استبدالها ب«تطالب الحكومة»، مبرراً اقتراحه بالقول: لم تعد الحكومة ولا الرئاسة ولا مجلس النواب قادرة على اتخاذ أي قرار وإنما عليهم الحديث عن "مطالبة" للطرف الذي يحكم.
وهاجم معوضة، قيادة الجيش في البلاد وقال إنهم تخلوا عن أفراد القوات المسلحة والأمن وفككوا المؤسسة العسكرية والأمنية، وأهملوا جرحى الجيش في وقت يتلقى جرحى المليشيات الذين وقفوا في وجه الدولى العلاج في أرقى مستشفيات الخارج.
وعن وقوف الجيش والأمن على الحياد بعد اجتياح الحوثيين للعاصمة في سبتمبر الماضي، قال معوضة: إن أبناءنا الجنود شجعان على الدوام وأن الجبان هو من أصدر القرارات بأن يُلقي ويتخلى هؤلاء الجنود عن أسلحتهم.
وطالب النائب فؤاد واكد بتحقيق مطالب الجنوبيين، مستغرباً عن استيعاب الحكومة عشرات الآلاف من مليشيات الحوثي في صفوف الجيش والأمن وتعجز عن استيعاب 2000 من أبناء الجنوب.
كما انتقد واكد، وهو ممثل عن إحدى دوائر محافظة حضرموت، رئاسة مجلس النواب وقبولها أكثر من 40 شخص من المحافظات الشمالية في حين أنه مع بقية زملاءه قدّموا ملفات طالبي توظيف من أبناء الجنوب.
وقاطعه رئيس المجلس يحيى الراعي، وخاطبه بالقول: بطلوا مزايدة وعنصرية أنت ممثل للشعب اليمني كله؛ لكن واكد قال إنه مع القضية الجنوبية ومن واجبه أن يتحدث عن هموم من منحوه الشرعية.
الحديث عن جماعة الحوثيين المسلحة حضر بقوّة في حديث النواب خلال جلساتهم مع الحكومة الجديدة، حيث يُجمعون على ضرورة إنهاء تدخل تلك الجماعة المسلحة في مهام المؤسسات الحكومية واستخدامهم العنف.
وتطرق نواب وعلى رأسهم صادق البعداني وسلطان البركاني وعلي العنسي وناصر عرمان إلى قضية بسط الدولة نفوذها وسيطرتها في كل أرجاء البلاد، محملين حكومة بحاح مسؤولية ذلك.
ودعا البعداني إلى تشكيل لجنة تحقيق في حادثة سقوط صنعاء، وكشف المتواطئين والمتورطين في خيانة الجيش.
كما عبّر النواب عن يأسهم بالمستقبل نتيجة انهيار الدولة ومؤسساتها وتقلص صلاحيات المسؤولين بدءاً بالرئيس وانتهاء بأصغر موظف حكومي، لكنهم قالوا إن أملهم الوحيد بعد الآن في إنقاذ البلد هو هذه الحكومة الجديد.
ومن المقرر أن يمنح البرلمان في جلسة غداً الثلاثاء حكومة بحاح الثقة بعد أن ناقش برنامجها الحكومي.
ونشأت في الآونة الأخيرة أزمة ثقة بين الحكومة والبرلمان الحالي بعد تشكيك الحكومة السابقة بشرعية النواب الذين أمضوا فترة هي الأطول بين فترات برلمانات العالم، وتم التمديد لهم بناء على اتفاقيات توقعها الأطراف السياسية برعاية دولية وإقليمية.