انقسم الحاضرين في ورشة نقاش لمسودة التقرير السنوي لحقوق الإنسان 2008 الذي أعده المرصد اليمني لحقوق الإنسان بين مؤيد لما ورد في التقرير وما تضمنه من أرقام وبيانات ، وفريق آخر اعتبروه متحيز وأن نتائجه سياسية موجهة ضد جهود الحكومة . وفيما أثنى الجميع على الجهود التي يبذلها المرصد اليمني لحقوق الإنسان من أجل إصدار تقريره السنوي ، في حين أن هناك المئات من منظمات المجتمع المدني في اليمن لا تقوم بإصدار أي تقارير عن أداءها ومجال اهتمامها . شكك د / محمد الفقيه رئيس المركز اليمني لقياس الرأي العام في حيادية التقرير ، وقال " أن قيادة المرصد اليمني لحقوق الإنسان هي قيادات حزبية "، كما شكك أيضاً في انتماءات وحياد فريق البحث الذي أعد التقرير . وأضاف الفقيه "أن التقرير اتسم بقدر كبير من العمومية ، وأنه عبارة عن مبارزة بين المؤتمر والمشترك " .في إشارة منه إلى أن المشترك يقف وراء التقرير ، كما أوضح الفقيه في سياق انتقاده للتقرير أن كل الحلول الواردة في التقرير سياسية ، وأنه إذا لم يتم إصلاح الوضع السياسي والديمقراطي فإن الوضع لن يتحسن. وفي حلقة النقاش التي أقيمت الأحد في صنعاء ، انتقد البعض عدم إشارة التقرير في توصياته إلى الممارسات التي انتجت الفقر . وقال علي دهاق "إن التقرير لم يستند إلى بيانات ومصادر صادقة ، وأنه كان من الأفضل الرجوع إلى مصادر أكثر مصداقية " موضحاً بأن التقرير قام بعرض النتيجة مسبقاً ".
لكن من جانب آخر ، أكد الكثير من الحاضرين على أن تقرير المرصد يمثل تجسيداً واقعياً عن حالة حقوق الإنسان في اليمن . وأكد المحامي جمال الجعبي إن التقرير "عبر عن حقيقة الوضع المأساوي الذي اعترف به مسئولون في النظام نفسه " . لكنه عزا سبب التضارب في بعض النتائج والأرقام إلى عدم الوثوق في الإحصائيات التي تقدمها الجهات الرسمية لأنها حد قوله مسيسة أيضاً .
واتفق مع الجعبي في ذلك عبد القادر علي حيدر ، وأضاف " أن الباحث في اليمن يشعر بحرج شديد في الاعتماد على قاعدة البيانات التي تقدمها الجهات الرسمية بسبب تغييرها بشكل مستمر لأغراض سياسية " معتبراً ذلك واحدة من الإشكاليات الكبيرة التي تواجه البحث العلمي في اليمن. وعاب البعض على التقرير إغفاله حالات اعتقال تعسفي كثيرة خلال العام المنصرم ، وكذا عدم تناول ظاهرة التعذيب والإخفاء القسري والنزوح الداخلي في محافظة صعدة .
وفي أول رد فعل على الانتقادات التي وجهها الحضور للتقرير ووصفه تحديداً ب " السياسي " . نفى المدير التنفيذي لحقوق الإنسان المحامي محمد المقطري أن تكون مسودة التقرير تحمل في طياتها أي مؤشرات ووقائع سياسية حزبية أو متصلة بأي حزب سياسي . وأكد إن مسودة التقرير جاءت بطابع حقوقي بشكل أساسي وبعيدة كل البعد عن الجاني السياسي الحزبي نهائياً . وقال المحامي المقطري في تصريح صحفي على هامش حفل تدشين مسودة التقرير :قد تكون حقوق الإنسان مرتبطة بالعمل السياسي فالعملية الديمقراطية مرتبطة بالقضايا الحقوقية الإنسانية ولكن مسودة التقرير عكس ذلك فهي حقوقية بحت تتكلم عن وقائع وحقائق ويجب ان لا تنعكس القناعات السياسية في إطار العمل الحقوقي الذي يعمل بتجرد عن الموقف السياسية .
وأوضح المقطري إلى إن مسودة التقرير تتطرق إلى العلاقة بين الفقر وأوضاع حقوق الإنسان في جميع المجالات كأول تقرير عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في اليمن بالإضافة إلى بيانات وإحصائيات الرصد حول الحقوق السياسية والمدنية وليست الحزبية .
لافتاً إلى أنه يعد الأول في اليمن الذي ربط بين مستويات التنمية وحقوق الإنسان، وجهود خطط واستراتيجيات التخفيف من الفقر، ومدى تمكين المواطنين من التمتع بحقوقهم وإعمال مبادئ واليات الديمقراطية وكفالة حقوق الإنسان التي تحرره من الخوف والفاقة، أي تحقيق الديمقراطية بشقيها السياسي والاجتماعي وكفال حقوق الإنسان ككل لا يتجزأ، وإعمال طائفة من الحقوق يتطلب إعمال حقوق أخرى.
مشيراً على إنه أخذ مفهوم الفقر المعتمد في منظمة الأممالمتحدة و أدلة وتقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي الذي ربط الفقر بعدد من الحقوق منها المدنية والصحية وحق المعرفة، والحصول على مستوى معيشة لائق . كاشفاً في الوقت نفسه عن (2403 )واقعة انتهاك منها (2265)واقعة في الحقوق المدنية والسياسية، و138 واقعة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافي رصدتها مسودة التقرير خلال العام 2008م .
وقال المحامي المقطري إن مسودة التقرير تتكون من جزأين الأول يتضمن دراسة وتحليل للتنمية والفقر البشري، من منظور حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والثاني تضمن رصداً لواقع ووقائع انتهاك حقوق الإنسان المدنية والسياسية وخصت بعض الحقوق ببعض من التحليل بسبب الانتهاكات الواسعة التي تعرضت له خلال عام 2008م والمتمثلة بالحق في الحياة والحق في الحرية والأمن الشخصي، الحق في المحاكمة العادلة، الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير، وتعرض بالتحليل لمشكلة الأمن والإرهاب، وأختتم كل فصل من التقرير بالاستخلاصات والاستنتاجات والتوصيات الخاصة به.