خلُص تقرير أعدته الحكومة البريطانية حول نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، ونشرته الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، إلى أنه لا ينبغي تصنيف الجماعة منظمةً إرهابية، ولا ينبغي حظرها، ولكنه اعتبر أن عضوية الحركة أو الارتباط بها يجب أن يعد مؤشراً لتطرف محتمل. وأكد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنه لن يتم حظر جماعة الإخوان المسلمين، ولكن أنشطتها ستكون محل رقابة في الداخل والخارج، معتبراً أن بعضاً ممن انتقلوا إلى مربع العنف والتطرف كانوا قد ارتبطوا بالجماعة في وقت من الأوقات، وهي التصريحات التي شكك في انحيازها محامو الجماعة في بريطانيا. وأفصحت الحكومة البريطانية عن نتائج تقرير أجرته قبل نحو عام عن فكر الجماعة التي تعد التنظيم الأكبر بين المسلمين السنة، وأثار القرار المفاجئ بإعلان نتائج التقرير اتهامات بأنه استباق لحكم قضائي يحظر نشر النتائج قبل أن يتاح للجماعة حق الرد. وقال كاميرون في تصريحاته، في بيان مصاحب للتقرير، الخميس: "هناك قطاعات من الإخوان المسلمين لها علاقة مشبوهة بقوة مع التطرف المشوب بالعنف". ودون تأكيد ارتباط الإخوان بالعنف والإرهاب بشكل قاطع، أشار كاميرون إلى أن "الجماعة كانت كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب". وأخّرت الحكومة البريطانية نشر التقرير. واتهم وزراء في مجلس الوزراء البريطاني بعدم نشر التقرير حتى لا يثيروا غضب السعودية وحلفاء آخرين.
الإخوان: رغبة مبيتة ضد الجماعة
ورد الإخوان المسلمون على حديث كاميرون، وقال متحدث باسم الجماعة في مصر الخميس إن اتهام بريطانيا للجماعة بالتطرف "أمر غير مقبول ويمثل رغبة سياسية مبيتة ضد الجماعة". المتحدث باسم الإخوان محمد منتصر قال في بيان صادر من القاهرة إن "موقف بريطانيا من الإخوان يفهم في إطار حملات التحريض التي تقودها دول وأنظمة تدعم الانقلاب العسكري في مصر وعلاقة تلك الأنظمة بلندن وهو الأمر الذي يسيء إلى لندن وليس الإخوان." وأضاف منتصر "إذا كانت بريطانيا ترى أن التظاهرات السلمية والفعاليات الرافضة للانقلاب العسكري ولعمليات القتل ضد المدنيين والاعتقال والإخفاء القسري تطرف فبالتأكيد أن بريطانيا لديها خللاً وعليها أن تعالجه." من ناحيته قال مكتب "آي تي إن" المكلف من جماعة الإخوان في لندن لمتابعة التحقيق، إن نشر حكومة ديفيد كاميرون التقرير أمام البرلمان اليوم الخميس، يهدف لمنع حصول الإخوان على قرار من القضاء البريطاني بحظر النشر إلى أن تتمكن الجماعة من ممارسة حقها في الرد.
ضغوط خليجية
وحسب صحيفة الغارديان، فإن التقرير الذي كان من المفترض صدوره في يوليو/ تموز، تأخر كثيراً رغم الإعلان عن قرب إصداره أكثر من مرة، وكان سبباً في تعرض حكومة كاميرون لضغوط اقتصادية مارستها إحدى الدول الخليجية، دفعاً لإدانة الجماعة من خلال التحقيق، ملوحة بسحب الاستثمارات من بريطانيا، وفي نفس الوقت قدمت الوعود بعقد صفقات سلاح مع بريطانيا بمليارات الدولارات. وكانت صحيفة "الغارديان" نشرت تقارير تفيد بأن قرار الحكومة البريطانية بإجراء المراجعة بشأن جماعة الإخوان المسلمين، كان في الواقع قد اتخذ تحت تأثير ضغوط مارستها حكومات أجنبية تعادي التوجه الديمقراطي في الشرق الأوسط. التقرير كان قد كشف النقاب عن أن الإمارات كانت تقف وراء قرار الحكومة إجراء المراجعة، وأن السلطات في الإمارات كانت "تلوح بالراية الحمراء" احتجاجاً على عدم المبالاة التي تظهرها لندن تجاه الجماعة. وأكدت "الغارديان" عن أن ولي عهد أبو ظبي كان قد اشتكى إلى رئيس الوزراء ضد جماعة الإخوان المسلمين في عام 2012، عندما أصبح أحد زعماء الجماعة، محمد مرسي، رئيساً لمصر. وقد أشارت الصحيفة إلى أنها اطلعت على وثائق تؤكد أن أبوظبي عرضت على كاميرون إبرام صفقات مغرية في مجال السلاح والنفط، من شأنها أن تعود بمليارات الجنيهات على الشركة البريطانية لتقنيات الطيران والفضاء (بي إيه إي) وأن تسمح لشركة النفط البريطانية (بي بيه) بالمنافسة على التنقيب على النفط في منطقة الخليج.