تهاجر القاصة فكرية شحرة إلى الرواية، وهي بتعبيرها غير المألوف هجرة من اتساع القصة إلى ضيق الرواية، وتشكل شحرة حلقة من دائرة تتسع كل يوم في الرواية اليمنية في السنوات الأخيرة.. فلها حتى الآن روايتان الأولى "عبير أنثى" والثانية "قلب حاف" أصدرتهما في 2015م، ولها رواية ثالثة تحت الطبع عنوانها "صاحب الابتسامة" والتي تتخذ من الأحداث الأخيرة موضوعا لها، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين الأولى "غيبوبة" وأخرى تحت الطبع "نصف روح" في الحوار التالي نسلط الضوء على تجربتها مع الكتابة:
- كيف كانت بدياتك ؟ بداية يعود الفضل في حبي الكبير للقراءة و التي كونت شخصيتي و صقلت هوايتي لمكتبة أخي الراحل "حميد" التي فتحت عيوني عليها منذ صغري وكنت أقضي فيها كل وقتي بعد المدرسة فكنت أقرأ بنهم كل ما تصل إليه يدي. و كنت أغلب الوقت أكتب قصصاً قصيرة وأحتفظ بكتاباتي منها لنفسي وربما إن أول قصة قصيرة نشرت لي في 97 في مجلة نوافذ بأسم "الراعي والطفلة"، وفي المرحلة الجامعية وأنا أم لأول طفلين لجأت لكتابة المقالات الصحفية التي تتحدث في السياسة أو الوضع المحلي والاقليمي كون الحديث في السياسة مباح للجميع، وكنت بداية أكتب تحت اسم مستعار نزولا عند رغبة الأهل ثم أسمي بدون لقب ثم أخيرا اسمي، وكانت كتاباتي على فترات متباعدة جداً لصعوبة الأرسال عبر الفاكس حتى حدثت طفرة ثورات الربيع فكتبت بغزارة و باسمي كما أريد فقد أصبح من السهل مراسلة الصحف مع دخولي عالم الإنترنت 2010م لكنني لم أجد نفسي في هذا النوع من الكتابة رغم امتلاكي لعمود أسبوعي في صحيفة الناس وعشرات المقالات في المواقع والصحف المختلفة.. كنت أجد نفسي منجذبة لعالم الأدب وكتابة القصة والرواية.
وكان أن جمعت قصصي المتناثرة هنا وهناك واخرجت مجموعتي القصصية الأولى غيبوبة في نهاية 2014م بدعم ومساندة من زوجي وبدأت بالتفكير في طباعة رواية "عبير أنثى" والتي كنت قد كتبت فصولاً منها، والتي صدرت أوائل 2015م عن دار نينوى، وبعدها كتبت روايتي الثانية "قلب حاف " أواخر 2015م وطبعت في نفس دار النشر.
- أصدرت الروايتين في نفس العام ولم يكن هناك فاصل بينهما... ؟ الرواية الأولى كنت أكتب فيها على فترات متباعدة كتجربة أولى لي في الرواية.. لذا حين وجدت ترحيباً في دار نينوى شجعني ذلك لكتابة الرواية الثانية التي كتبتها خلال عام هي الفترة الزمنية بين الروايتين.
قبلها شغلني زواجي المبكر وانشغالي بعائلتي و انهاء التعليم عن التفكير بالنشر وممارسة الكتابة بشكل مستمر، إلى أن جاءت لحظة التغيير، فقد كان لثورة التغيير 11 فبراير 2011م تأثير كبير في نفسي، وكأنما حدثت فيّ أنا أيضاً فكان عزمي على نشر ما أكتبه من مقالات أو خواطر أو قصص وبدأت أراسل الصحف والمواقع، وأظن أن لمواقف فتيات الثورة القوية وبالذات توكل كرمان دافع لي كي أكون أنا أخيراً.
- بدأت كقاصة ثم انتقلت إلى الرواية، هل هو هجر للقصة كما فعل أغلب الأدباء؟ لا طبعا ومازال للقصة القصيرة سحرها المتفرد، كأنني أهرب من وطأة الرواية لرحابة القصة القصيرة و أنا بصدد تكوين مجموعة قصصية جديدة حول قصص الحب والحرب خلال هذه الفترة ولقد اسميتها "نصف روح" مكونة من 19 قصة قصيرة قابلة للزيادة.
- يزيد إنتاج الرواية اليمنية كل يوم، كيف تقرئين المشهد الروائي في اليمن، ولمن تقرئي منهم ؟ أظن أن واقعنا مادة خصيبة تستثير قريحة المبدع للكتابة عنها سواء كان شاعراً او كاتباً، وربما لأن فن الرواية أو القصة هو أقرب الفنون لقلوب المتلقين منذ القدم فهو لبساطته يلامس قلوب وهموم الناس زادت ظاهرة كتابة الرواية فنحن تقريبا نمارس الحكاية دائماً .. وأنا أقرأ كل ما يقع في يدي من إنتاج كتابنا وكاتباتنا بلهفة كبيرة واجلال عظيم لهذا الفيض الجميل من الإبداع .
- تحضر في نصوصك الفتاة المشاكسة التي ظلت تصارع نزعاتها وتخفي قوة شخصيتها لتستجيب لتوجيهات والدتها "ما يصلحش انتِ بنت"، كيف تجاوزت العقبات الاجتماعية لتحضري في عالم الرواية والكتابة القصصية بقدر معقول من الشفافية في وسط محافظ اجتماعياً ودينياً؟ في الحقيقة كان هذا أكثر ما عانيته في بداية اختياري أن أكتب القصة. ففي بيئة كالبيئة التي تربيت فيها الكتابة عن الحب ومشاكل المرأة تندرج تحت مسمى العيب، وأعترف أن رواياتي لم تكن مصدر فخر لكثير ممن حولي وظل النصح الدائم "اكتبي شيئاً يبعث على الفخر كأخيك".
أظن أن معاناة الروائية والقاصة اليمنية تعد أكبر بكثير كونها في مجتمع يعاني الجهل و ومتعلموه يعانون الجهل الثقافي، يمكن أن تجد في المجتمع اليمني الشخص الأكاديمي الذي لم يقرأ في حياته رواية واحدة أو قصة من الأدب الإنساني، لذا بعضهم ينظر لهذا النوع من الكتابات باستسخاف وعدم اهتمام يصل لعدم الاحترام، وفي بيئة كهذه ينظر لأدب القصة على أنه نوع من الكتابة عن الذات و عديم الفائدة وغالباً يتم اسقاط كل ما تكتبه الكاتبة على حياتها الشخصية.
- إلى أي مدى تتقاطع سيرتك الشخصية مع ما تكتبين؟ أي واحدة منهن فكرية شحرة ؟ أظن أنني أكتب عن كل فتاة يمنية وليس فكرية شحرة، أكتب عن بيئة مازالت تعامل الفتاة بنوع من التمييز على الأقل في بيئات ريفية متواضعة.