اكتشاف حقل ضخم للغاز الصخري العميق بالصين    سرايا القدس تقصف مقر قيادة وسيطرة للعدو الصهيوني في حي الزيتون بغزة    قوات الاحتلال تقتحم بلدة سعير بالضفة الغربية    مواجهة نارية بين النصر والاتحاد.. السوبر السعودي ينطلق في هونغ كونغ    إعفاء مالكي281 سيارة متنوعة من كافة الرسوم الجمركية والمخالفات المرورية    قرار حكومي بتوحيد وتخفيض الرسوم الجامعية والدراسات العليا في الجامعات الحكومية    الإعلام الجنوبي مدعوا للوقوف والتضامن من قبيلة آل البان في وجه طغيان رشاد هائل سعيد    لجنة تابعة لهيئة الأدوية أجبرت الصيدليات على رفع أسعار بعض الأدوية    تدفق السيول على معظم مناطق وادي حضرموت وتحذيرات للمواطنين    بعد انسحاب الهلال.. اتحاد القدم يعدّل لائحة المسابقات.. ويتوعد    ليفربول يحدد سعر بيع كوناتي لريال مدريد    مناقشة احتياجات مؤسسة الكهرباء وتداعيات استهداف العدو لمحطات التوليد    وزير الصحة يناقش الجوانب المتصلة بتوطين الصناعات الدوائية    الزراعة والثروة السمكية تدين الجرائم البيئية التي يرتكبها الاحتلال في سواحل اليمن    باكستان تستأنف عمليات الإنقاذ في المناطق المتضررة من السيول    أمطار غزيرة تعطل حركة المرور وتغرق الطرق في مومباي بالهند    بتمويل إماراتي.. محافظ شبوة يفتتح قسم فحص الأنسجة في مختبرات الصحة    مليشيا الحوثي تختطف أقارب شاب متوفي لإطفائهم زينة كهربائية خضراء في إب    من بين ألف سطر أعرف طريقة كتابة الحضرمي والتعزي    فتحي يسترق السمع!؟    العصا لمن عصى    المعلمون حماة العقول    العفو الدولية: إسرائيل تنفذ سياسات تجويع ممنهجة في غزة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في الحيمة    تعز .. مسلح يغلق مقر صندوق النظافة والتحسين بعد تهديد الموظفين وإطلاق النار    مركزي عدن يمهل شركات الصرافة 3 أيام لنقل أموال المؤسسات الحكومية لحساباته    أرسنال يسقط يونايتد في قمة أولد ترافورد    الثالثة تواليا.. الأستراليون أبطال سلة آسيا    رشاوي "هائل سعيد" لإعلاميي عدن أكثر من الضرائب التي يدفعها للسلطة    اصلاحات فجائية لن تصمد الا إذا؟!    لماذا تم اعتقال مانع سليمان في مطار عدن؟    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 51)    في حفل تخريج دفعة "مولد الهادي الأمين" الذي نظمته وزارة الداخلية..    فيما تبنت الحكومة الخطة الأمريكية والإسرائيلية لنزع سلاح المقاومة.. لبنان على مفترق طرق    اغتيال كلية الشريعة والقانون    فيما العيدروس يطلّع على سير أداء عدد من اللجان الدائمة بالمجلس: رئاسة مجلس الشورى تناقش التحضيرات لفعالية المولد النبوي للعام 1447ه    غزة تباد: إسرائيل تقتل.. وأمريكا تدعم.. والعرب في سبات الخذلان    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    كمال الزهري .. عين الوطن    التشكيلية أمة الجليل الغرباني ل« 26 سبتمبر »: مزجت ألم اليمن وفلسطين في لوحاتي لتكون صوتاً للجميع    متى وأيّ راعية ستمطر…؟ ها هي الآن تمطر على صنعاء مطر والجبال تشربه..    إب .. استعدادات وتحضيرات وأنشطة مختلفة احتفاءً بالمولد النبوي    نفحات روحانية بمناسبة المولد النبوي الشريف    اجتماع موسع لقيادة المنطقة العسكرية السادسة ومحافظي صعدة والجوف وعمران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (9)    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    مرض الفشل الكلوي (17)    المؤتمر الشعبي العام.. كيان وطني لا يُختزل    وزير الثقافة يزور دار المخطوطات ومركز الحرف اليدوية بمدينة صنعاء    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    ميسي يعود من الإصابة ويقود إنتر ميامي للفوز على غالاكسي وينفرد بصدارة الهدافين    شباب المعافر يهزم الصحة ويقترب من التأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلات الموت.. للمهاجرين الأفارقة إلى اليمن
نشر في المصدر يوم 12 - 06 - 2010

لا يراود سميرة مسقان حمدي، المهاجرة الإثيوبية، أدنى شك في صواب قرارها بالمجيء إلى اليمن على متن قارب مكتظ بالمهاجرين، حتى بعد أن انتهت رحلتها بمأساة بقيت فيها ثلاثة أيام تصارع الموت على شاطئ نائي بالساحل الجنوبي لهذا البلد العربي.

سميرة التي تبلغ من العمر 30 عاما مقتنعة تماما بأن فرصة العمل كخادمة منزلية التي قد تحصل عليها في اليمن أو السعودية تستحق كل هذا العناء، فستمكنها من إرسال المال لمساعدة أسرتها التي تقطن إقليم "ولو" بشمال إثيوبيا.

وبدأت معاناة سميرة بعد أن ركبت قاربا يقوده مهربون من ميناء بوصاصو الصومالي مع نحو 110 مهاجرين صوماليين وإثيوبيين في منتصف نوفمبر الجاري. كان قائد القارب ومساعدوه يضربونها والمهاجرين الآخرين بالعصي بصورة مستمرة خلال الرحلة التي استمرت قرابة يومين.

وقبل وصول القارب إلى الشاطئ اليمني بدأ المهربون في إجبار ركاب القارب على القفز في المياه لمواصلة الرحلة سباحة. وتقول سميرة إن واحدة من ثلاث أثيوبيات كن على متن القارب غرقت في المياه العميقة لعدم تمكنها من السباحة، فيما تمكنت هي والركاب الآخرون من الوصول إلى الشاطئ وسط ظلام دامس.

ولم تكن تلك نهاية المطاف لمعاناة سميرة، فقد تركها الركاب الآخرون وراءهم بعد أن أدركوا أنها لن تتمكن من السير معهم باتجاه أقرب قرية بسبب إعيائها الشديد. وبقيت سميرة تصارع الموت على الشاطئ ثلاثة أيام إلى أن شاهدها صياد يمني ونقلها بسيارته إلى مركز لاستقبال اللاجئين ببلدة أحور بجنوب اليمن المطلة على خليج عدن حيث تلقت العلاج.

وقالت سميرة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن هذه الرحلة لم تكن تجربتها الأولى، فقد لجأت إلى عبور خليج عدن على متن قارب للمهربين مع أخيها العام الماضي ووصلا بعد ذلك إلى السعودية بعد السير على الأقدام عبر صحراء الربع الخالي.
وبعد أن ضبطتها سلطات الهجرة السعودية في منطقة خميس مشيط قبل نحو ثلاثة أشهر ورحلتها جوا إلى أديس أبابا، قررت سميرة العودة ربما لتواجه المصير نفسه. وسميرة ليست حالة فريدة، فثمة آلاف الصوماليين والأثيوبيين مثلها يقدمون كل سنة إلي اليمن عبر رحلات بحرية تحف بها المخاطر لينتقلوا بعد ذلك إلى السعودية بحثا عن فرص عمل.

وأصبح مشهد طوابير المهاجرين الأفارقة وهم يسيرون على جوانب الطرق الاسفلتية التي تربط بين المناطق الساحلية اليمنية على خليج عدن وصحراء الربع الخالي مألوفا لدى سكان تلك المناطق رغم تزايد أعداد أولئك المهاجرين البائسين، فالكل يدرك هنا، أن المهاجرين يعبرون تلك المناطق في طريقهم إلى السعودية ولا يشكلون أي عبء عليهم. ويتوافد آلاف اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي على اليمن على متن قوارب صغيرة عبر خليج عدن، ثم يواصلون التنقل لآلاف الكيلومترات سيرا على الأقدام عبر مناطق جبلية وصحراوية تجاه السعودية في رحلة لا تقل خطرا عن عبور خليج عدن.

وعلى الرغم من المخاطر التي تحيط بالرحلات البحرية التي تنقل المهاجرين الأفارقة إلى اليمن والعدد المتزايد من أولئك الذين يلقون حتفهم غرقا، إلا أن أعداد المهاجرين الذين يعرضون حياتهم للخطر باستخدام قوارب المهربين في تزايد نظرا لغياب طرق الهجرة المشروعة.

ووفقا لإحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن أكثر من 38 ألف شخص وصلوا إلى اليمن منذ مطلع العام الماضي حتى أكتوبر مقابل نحو 29 ألف و500 مهاجر في عام 2007. ولقي أكثر من 600 شخص حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى اليمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي.

وغالبا ما يروي المهاجرون بعد وصولهم إلى الساحل مشاهد مروعة عن وحشية المهربين الذين يستغلون ضعف المهاجرين ويعاملونهم بقسوة تبدأ بالضرب بالعصي وأعقاب البنادق وتنتهي بإجبارهم على القفز من القوارب في المياه العميقة قبل الوصول إلى الساحل. فاطمة عيد محمد، امرأة صومالية عمرها 24 عاما، وصلت على قارب يحمل 140 راكبا في أغسطس الماضي. تقول فاطمة: "وصلنا إلى قرب الساحل وطلب منا المهربون القفز من القارب وكنا مرهقين فتدافع الركاب إلى جهة واحدة من القارب مما أدى إلى انقلابه".

وتضيف أن خمس نساء وطفل غرقوا نتيجة الحادث. عبد الله محمد أحمد "25 عاما"، صومالي ينتمي إلى قبيلة طارود التي قاتلت إلى جانب القوات الأثيوبية في مقديشو، يقول إنه هاجر إلى اليمن ومنها إلى السعودية قبل نحو عام بعد أن أحرقت الميليشيات التي قاتلت القوات الأثيوبية منزله في مقديشو. وعمل الرجل راعيا للأغنام والإبل في جنوب السعودية قبل أن تعتقله سلطات الهجرة وترحله إلى مقديشو، غير أنه عاود الكرة مرة أخرى وجاء إلى اليمن. ويتذكر عبد الله معاناته في رحلته البحرية الأولى التي لقي فيها 25 شخصا من أصل 115 راكبا في القارب الذي أقله حتفهم غرقا قبالة الساحل اليمني وكان هو بين الناجين. ويقول: "كنت خائفا من الموت عندما ركبت القارب هذه المرة، لكن الخوف من عدم الأمن في بلادي أكثر.. كنت أخاف أن أقتل في أحد شوارع مقديشو".

ويضيف أنه على استعداد لتكرار عبور خليج عدن كلما جرى ترحيله من السعودية إلى الصومال، وأنه لن يتوقف عن فعل ذلك إلا بعد قيام حكومة قوية في بلاده يستطيع في ظلها أن يعمل بأمان ليطعم والده المسن وإخوانه الستة. ويرى رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في اليمن ألفونسو فردو بيريز أن معظم المهاجرين الذين يصلون إلى اليمن يفرون من العنف في الصومال وأجزاء من إثيوبيا.

وقال بيريز ل (د.ب.أ): "يقولون لنا بعد وصولهم إنه لم يكن أمامهم خيارات أخرى غير الوصول إلى اليمن بحثا عن إمكانية الوصول إلى السعودية أو البحث عن عمل في اليمن نفسه". ويعتقد بيريز أن حركة الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن تختلف عن الهجرة إلى أوروبا التي يقصدها المهاجرون الأفارقة بحثا عن مستقبل أفضل. وقال: "المهاجرون الذين يأتون من الدول الأفريقية إلى أسبانيا مثلا يبحثون عن مستقبل أفضل، لكن ما نراه هنا هو نزوح هربا من العنف في الصومال أو من الأوضاع السيئة بسبب أزمة الغذاء وشحة فرص العمل في إثيوبيا".

وذكر بيريز أن الاستجابة الإنسانية التي تبديها الحكومة اليمنية تجاه هذه الظاهرة كبيرة على الرغم من بساطة إمكانياتها. وأضاف: "اليمن واحدة من أفقر الدول في آسيا، وحتى أنها أدنى من مستويات الفقر في بعض الدول الإفريقية كجيبوتي والسودان، ومع ذلك تحاول التعامل مع هذا الوضع الذي يتجاوز قدرتها على تحمله بمفردها".

ويرى عبد النبي قادري المنسق الميداني بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في محافظة أبين اليمنية المطلة على خليج عدن أن على المجتمع الدولي أن يعمل على إنهاء حالة الفوضى والحرب في الصومال لإنهاء معاناة المهاجرين في الرحلات البحرية إلى اليمن. ويقول قادري: "المشكلة الرئيسية هي الحرب في الصومال. ينبغي على حكومتي الصومال واليمن العمل مع الأمم المتحدة لوضع حد لتلك الرحلات المميتة".

ويضيف أن المهربين "لا يهمهم إلا الحصول على المال ولا يهتمون بسلامة المهاجرين". ويتقاضى المهربون الصوماليون ما بين 50 و150 دولارا من كل مهاجر مقابل نقلهم على متن قوارب صغيرة ومكتظة من ميناء بوصاصو الصومالي إلى سواحل اليمن. ويقول قادري إن المهربين يطلبون في أحيان كثيرة من ركاب تلك القوارب دفع مبالغ إضافية أثناء الرحلة. ويعمدون إلى رمي من يرفضون تلبية طلبهم إلى مياه البحر العميقة. ويضيف أنه في مطلع شهر نوفمبر الماضي أجبر مهربون صوماليون أكثر من 40 مهاجرا أثيوبيا على القفز من قارب في منتصف الرحلة إلى اليمن بعد أن أوسعوهم ضربا وأطلقوا عليهم الرصاص لرفضهم دفع أموال إضافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.