يواصل النائب المستقل أحمد سيف حاشد إضرابه عن الطعام داخل قاعة البرلمان لليوم الثالث على التوالي. وأعلن حاشد، وهو عضو لجنة الحريات وحقوق الإنسان في مجلس النواب، يوم الأحد الفائت، اعتصامه داخل القاعة للمرة الثانية خلال هذا الفصل النيابي. ويطالب أحمد سيف حاشد هيئة الرئاسة بتفعيل استجوابه لنائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن والضغط باتجاه أن تسمح له السلطات الأمنية بزيارة السجون في البلاد، وعلى رأسها سجن الأمن السياسي وسجن مصلحة الجوازات والهجرة اللذين تعرض حاشد للاعتداء أكثر من مرة عند بوابتيهما عندما كان يطلب السماح له بتفقدها باعتباره عضو لجنة الحقوق والحريات في مجلس النواب.
ظهر أحمد سيف حاشد، في جلسة أمس، متعباً وفي وضع صحي لا يؤهله للصمود مدة أطول ممتنعاً عن الطعام، وهو الذي يعاني من الضغط ويشكو من السكر.. غير أن الرجل البالغ من العمر 55 عاماً، والقاضي السابق في محاكم التفتيش العسكرية، جدد أمس التأكيد على الاعتصام المفتوح "حتى الموت" ما لم تنفذ مطالبه الدستورية والقانونية كعضو مجلس نواب. يتحدث أحمد سيف حاشد عن مأساته بحرارة، كأي رجل سجنوه وفي جيبه كرت الحصانة الدبلوماسية.. وإذ ينفذ هذا الاعتصام داخل القاعة، فإنه بهذا الأسلوب يؤسس لعرف برلماني جديد لم يعرفه مجلس النواب اليمني من قبل.. إنه مصمم على الاعتصام حتى الموت.. وعلمت "المصدر" أن 5 نواب يعتزمون إعلان اعتصامهم التضامني معه داخل القاعة حتى تنفذ استجواباتهم هم أيضاً..
وعلى الرغم من الخذلان المؤسف لحاشد، من بعض نواب المشترك البارزين وبعض زملائه المستقلين، إلا أن الأيام تسير لصالحه، لاسيما من نواب بارزين في كتلة المؤتمر الشعبي العام وخصوصاً من الذين ينتمون مع حاشد إلى نفس الجغرافيا. ففي الوقت الذي اتهمه فيه رئيس مجلس النواب بالبحث عن الشهرة والاندفاع أمام الصحفيين، رد عليه النائب المؤتمري البارز علي محمد المعمري، والذي ينتمي إلى محافظة تعز، بقسوة وقال: "هذه اللغة غير برلمانية والحديث عن إنه يريد الشهرة لنفسه ليس من الصواب". وأضاف المعمري: "الكلام الصحيح والمنطقي هو؛ هل ما يدعو إليه أحمد سيف حاشد يجوز أم أنه لا يجوز؟". وواصل المعمري معلناً دعمه الكامل لمطالب أحمد سيف ، ووجه خطابه الناقد إلى رئيس المجلس قائلاً: "إن هذا الأسلوب الذي يقوم به الزميل حاشد حضاري ومتقدم ويجب أن نشجعه، فهو شخص لا يجيد ولا يملك سوى هذه الوسائل السلمية، الدستورية".
وكان الشيخ نبيل باشا، وهو عضو بارز في كتلة الأغلبية، ونجل أحد كبار مشائخ المناطق الوسطى، قد تحدث عن مأساة أحمد سيف حاشد أول الجلسة.. واستغرب الباشا حالة عدم اللامبالاة تجاه عضو مجلس النواب المضرب عن الطعام داخل القاعة منذ العاشرة والنصف من صباح الأحد.. وقال: "لماذا لم تجلس هيئة الرئاسة مع الرجل وتناقشه وتتفهم لمطالبه". مضيفاً بلهجة أقوى: "إذا كان قد تقدم باستجواب نائب رئيس الوزراء فلماذا لم يتم استجوابه، هل لأن هيئة الرئاسة لا تريد أن يحضر العليمي إلى القاعة خوفاً من سحب الثقة فأنا أطمئنهم وأكتب لهم ضمانة بأن العليمي يمتلك أغلبية ساحقة لن تصوت على سحب الثقة منه أبداً". وأضاف: "ما المانع من إحضاره إذاً؟ هذا حق دستوري ولا داعي أن تجبروا الناس على الإضراب عن الطعام والاعتصام داخل القاعة".
كلام نبيل باشا لاقى ارتياحاً كبيراً في أوساط كتلة المؤتمر لاسيما لدى أولئك، الذين ينحدرون من تعز والمنطقة الوسطى وبعض الدوائر الجنوبية.. ووقف عبدالكريم شيبان، النائب الإصلاحي عن مدينة تعز، ليؤكد الحق الدستوري والقانوني واللائحي في جملة المطالب التي يتمسك بها أحمد سيف حاشد، القابع إلى جواره.. وأعلن شيبان تأييده لهذه المطالب لاسيما في "ظل وضع برلماني ورقابي غير فاعل".. وانتقد شيبان أسلوب هيئة الرئاسة في التعامل مع مطالب النواب، منبهاً إلى المدة الطويلة التي أخذها هذا الاستجواب والعراقيل التي اعترضته "حتى تم قبوله بعد أن نفذ اعتصامه الأول قبل 3 أشهر".
من جانبه، علي أحمد العمراني، النائب عن إحدى أهم دوائر محافظة البيضاء، قال أمس ما يعتقد أنها كلمة حق مخاطباً رئيس المجلس: "الأخ الرئيس.. لو كان هذا المجلس قوياً لأطاح من زمان بوزراء كبار تسببوا في تضليل هذا المجلس". وواصل العمراني حديثه الناقد لأوضاع المجلس: "كنا نظن أن السنتين الإضافيتين ستكون للاستجوابات ولكن للأسف يبدو أنها ستخصص للاعتصامات داخل القاعة والإضراب عن الطعام". "ما هذا؟" أضاف.. وأكد ما ذهب إليه نبيل باشا: "هل إذا جاء الوزير مستجوباً ستنزع عنه الثقة، لماذا كل هذا الخوف، كل هذا الممانعة؟!".
كما استنكر النائب عن مديرية "الحُشا" محافظة الضالع ومقرر لجنة الإعلام والثقافة، عبده محمد الحذيفي (مؤتمر) السياسة غير الذكية التي تعتمدها رئاسة البرلمان.. واتهم الحذيفي هيئة الرئاسة بالاضطلاع بدور المحامي عن الحكومة، بدلاً من كونها تقود المؤسسة التشريعية والرقابية في البلاد (مجلس النواب). واستنكر كيف إنها لا تعكس ولا تضّمن محاضر الجلسات نقاشات الأعضاء ومقترحاتهم بقدر ما تعكس فيها ما هو معاكس. وانتقد بعض أعضاء مجلس النواب أسلوب صياغة محضر جلسة الأحد، وقال عبدالعزيز جباري: "لماذا لم يتضمن المحضر إعلان الزميل أحمد سيف حاشد اعتصامه داخل القاعة وإضرابه عن الطعام"؟ وأضاف جباري: "مشكلتنا في هذه القاعة صارت واضحة، إن هيئة الرئاسة تدير الجلسات بطريقة شيخ القبيلة وليس بدماغ وعقلية رجل البرلمان". وزاد أكد: "عندما تصرّ هيئة الرئاسة على رأيها ولو كان مخالفاً لرأي القاعة فهذا هو أسلوب شيخ القبيلة الذي لا يحتكم، أثناء فض النزاعات، إلى لائحة".
وسمح رئيس مجلس النواب أمس بلنائب أحمد سيف حاشد أن يتكلم مرتين، وأن يقرأ على القاعة الحيثيات والأسباب الحقيقية التي دفعته لتنفيذ هذا الاعتصام.. وعلمت "المصدر" أن حاشد، الذي ينفذ إضراباً مفتوحاً عن الطعام داخل قاعة مجلس النواب، أرسل لطبيب بعد أن شعر بتضعضع حالته الصحية. ومن المتوقع أن يواصل الرجل الاعتصام وأن تأخذ قضيته هذه تجاوباً دولياً وردود أفعال أقوى داخلية وخارجية.
وكان الشيخ علي عبد ربه القاضي رئيس كتلة المستقلين، قد انتقد ما يتعرض له عضو كتلته. وقال: "يجب أن يتجاوب البرلمان مع مطالبه ويجب على رئيس المجلس أن يستمع لآراء الأعضاء".
القاضي أضاف: "لقد وجه أحمد سيف حاشد استجواباً لنائب رئيس الوزراء، ولكن بدلاً من ذلك استجوبوه هو". واعتبر أسلوب الاعتصام السلمي داخل قاعة البرلمان "لجوءاً اضطرارياً لكون الرجل يطرح مسائل دستورية ويقدم مقترحات قانونية كفلها له الدستور والقانون واللائحة الداخلية لمجلس النواب".
وقال القاضي إن كتلته تعتبر هي الحلقة الأضعف في مجلس النواب "لكن أعضاءها هم أكثر عرضة للمضايقات". وطالب بتشكيل لجنة خاصة للنظر في مشكلة أحمد سيف حاشد، التي صارت معقدة وأصبحت تؤرقهم كل يوم، غير أن مقترحه لم يطرح على القاعة للتصويت.