بعد تطاير أخبار ما يحدث في الجنوب من ممارسات عنف وسلب ونهب يقوم بها بعض الوافدين أدت تلك الأخبار إلى شحن بعض أطياف المجتمع بالمشاعر السلبية تجاه كل الوافدين، ما حمل البعض منا إلى صب جام غضبه على كل وافد.. وهذا فعل لا يليق بتاتا بإنسان مسلم يقرأ يوميا قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).ودائما تداهمني صورة البيت المقام على خمسة أعمدة وقد ترك بلا لبنات أو سقف، وأي منا إذا عبر مثل هذا الهيكل يجزم أن بناء هذا البيت لم يكتمل بعد..ولو سحبنا تلك الصورة على ما نحفظه عن ظهر قلب بأن الإسلام بني على خمسة أركان، وتجد أغلبنا يقيم تلك الأركان ولا يهتم بإقامة لبنات البيت وسقفه، ونحن بهذا الفعل نبطل جماليات الدين في أدق التفاصيل.وقد رتب الإسلام حياتنا كاملة كمعاملة مع كل ما يحيط بنا من بشر وطير وحيوان وبيئة، إلا أن أغلبنا يحرص على أداء العبادات التي نشهد له فيها بالإيمان، بينما الجزئيات المكملة والأساسية نتهاون بها جميعا. وقاعدة (الدين المعاملة) هي جوهر محاسن الإسلام في حسن الخلق مع محيطنا كاملا.وأعلم أن بعضنا يقوم بممارسة بعض السلبيات تجاه الوافدين إلا أن هذا لا يمثل الغالبية، وأن المجتمع يتواصى بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».والوافد ما هو إلا إنسان جاء لأداء خدمة للبلد، ولن يمكث معنا كل العمر، بينما تجربته وحياته التي أمضاها هنا هي التي ستمكث معه وسيظل طوال عمره يرويها، فإن كانت تجربة حياتية محترمة سيرويها وإن كانت تجربة بها من المنغصات والنبذ والإقصاء سيرويها، وفي الحالتين سيكون حاملا لسيرتنا إما خيرا أو شرا.وعلى قاعدة (كما تدين تدان)، علينا تذكر انزعاجنا حينما يمارس علينا تمييز طائفي أو عرقي أو ديني حينما نسافر إلى بلاد الله، ونعد ذلك انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، فإن غضبنا لمجرد تمييز، فعلينا أن لا نمارس هذا التمييز على من هم بيننا جاؤوا لخدمتنا، وإن لم نحفل بكل هذا، علينا تذكر أن أبناءنا الآن متناثرين في كل العالم للدراسة وطلب العلم، ولا نرضى أن يمارس عليهم أي اعتداء، سواء كان لفظيا أو جسديا، وإذا كنا لا نرضى بهذا لأبنائنا وإخواننا، فمن الإنصاف أن لا نرضى بضرر أي وافد جاء لخدمتنا؛ بسبب فئة أخطات، وسوف تجد عقابها.. تذكروا (كما تدين تدان).