تريد ان نقفز في الهواء الطلق قفزة طويلة في محاولة لرؤية اليمن بعد انتهاء الحرب الحالية التي نتمنى ان تكون نهايتها قريبة .لا نبكي على اليمن فقد سئمنا من البكاء ..وعرفنا ان لغة البكاء لا تليق بمن يريدون بناء المستقبل .ورحم الله والدة اخر ملوك العرب في الاندلس.. عندما خاطبت ابنها قائلة :- ابك كالنساء على ملك..ورثته ولم تصنه.!! لسنا في مهمة توجيه اتهام الي (الحوثيين) او الي( الرئيس السابق )على عبد الله صالح او الي اي احد اخر .فمن المسؤل عما جري في اليمن ..؟ولكن بكل مرارة نقول لعن الله المتسبب عما جري ويجري في اليمن كائنا من كان..؟ لقد دخل اليمن السعيد في نفق المجهول نفق الكوارث.. التي لا عدد لها ولا يمكن التنبأؤ بالمستقبل لقد وصل (اليمن) الي الحرب الاهلية ..وهي الاسوأ التي تصيب الشعوب.. فيقتل الاخ اخاه بدون ذنب.. بل يقتل القاتل القتيل وهو لا يعرفه.. واذا كان يعرفه فهو لا يعرف لماذا يقتله..؟بينما القتيل يقتل وهو لا يعرف من قتله..؟ ولا يعرف لماذا قتل ..؟انها اللعنة اللالهية التي اصابت الامة العربية كما قال الرئيس انور السادات سنة 1970واليمن ليس استثناءا . .ان العمارات التي تهدمت و المستشفيات التي قصفت و الخراب الذي حل باليمن والفقرالذي تضاعف اضعافا مضاعفة والبطالة التي اصبحت عنوانا لليمن.. كل هذا ممكن اعادة بنائه ..ربما احسن مما كان .ما دام الاخوة في (الخليج) وعلى راسهم (المملكة العربية السعودية )بجانب اليمن .ولكن المشكلة التي ليس لها دواء هي في (الشهداء) الذين انتقلوا الي رحمة الله.. فهم يمنيون عرب فقدوا حياتهم بدون اي مبرر ..؟على الاقل هذا ما نعتقده ..ربما نعرف السبب ولكن هذا ليس مهما . وقد تركوا خلفهم عائلات تركوهم بلا معيل ولكن يلطف الله بهم .ومن (جهة ثانية )الذين اصيبوا باصابات بليغة مثل الاخوة الذين بترت سيقانهم ..او فقدوا احدى اذرعهم.. او فقدوا عينهم ..الخ.هؤلاء سوف يعيشون حياتهم مع الالم الدائم ..شفاهم الله . الا ان النفق المجهول الذي دخل فيه اليمن وهو بالتاكيد مستقبل اليمن المجهول هو:- (الشباب اليمني) الذي ترك دراسته او ترك عمله واشتغل محاربا ..سواء مع ا(لحوثيين) او مع (على عبد الله )صالح او مع (المقاومة الشعبيةوالجيش الوطني) ..هذا الشباب اصبح جنديا محترفا.. يطلق النار ويلعب يالبندقية وبالمدفع الرشاش وربما ركب الدبابة ..؟هؤلاء هم المشكلة التي ليس لها دواء.. وليس منها شفاء .وهي اسوأ ما تخلفه الحرب الاهلية بين الشعوب .فطلبة المدارس والجامعات يصبحون محاربين محترفين بل بمعنى ادق يصبحون (محاربين مرتزقه) لمن يدفع لهم اجرا او يعدهم بدفع اجر.ونحن نذكر الحرب اللبنانية التي استمرت 15 سنة من سنة 1975 الي سنة 1990 ولم تتوقف الا بعد تدخل السعودية قي (اتفاق الطائف )الذي انهي الحرب الاهلية اللبنانيه .ولكن مخلفاتها لم تكن الدمار والفقر والبطالة والشهداء فقط.. بل كانت كارثية بالنسبة للوطن. فقد اصبح الشباب محاربين محترفين.. يجيدون جميع فنون القتل والقتال .ترى كم سنة يحتاجها لبنان لبناء جيل مثقف من الشباب يبني البلد ..؟وكذلك ما نراه الان في سوريا ..فالحرب الاهلية مضى عليها 5 خمس سنوات فقط.. ومئات الالوف من الشهداء والجرحي ..وملايين اللاجئين داخل سوريا وخارجها.. فهم يتدفقون هربا من النيران وليس المهم من اطلق النيران المهم النجاة من هذا الجنون.وفقد الجيش السوري الكثير من ابنائه كما انضم الكثير من ابناء سوريا الي الثورة فاستشهد الالوف منهم وهرب الملايين الي خارج سوريا الي بلاد تمنحهم الامن والامان مثل المملكة الاردنية الهاشمية وتركيا ولبنان او الموت في زوارق الموت في الحر الابيض المتوسط وهم هاربون الي اوروبا التي لا ترحب بهم غالبا .وبالتالي نفس النتيجة التي حدثت في لبنان وتحدث في اي بلد. فاليمن ان شاء الله ..تنتهي هذه الماساة بسرعة ولا تستمر طويلا ..بالرغم من ان العرب مشهورين بالحروب الطويلة ..فهم اهل حرب (داعس والغبراء) التي استمرت 40 عاما.. من اجل حصان فاز في ميدان السباق ..كما هو معروف للجميع ..اذا انتهت الحرب (الاهلية) في وقت قريب باذن الله ..الا ان المشكلة الاكثر تعقيدا هي ان (السلاح) بيد الجميع ..وهذا خطر على الدولة.. كلها فالسلاح يجب ان يتم جمعه من الايدي التي حملته ويبقى (السلاح الشرعي) في يد رجال الجيش والشرطة فقط ..ونعتقد ان جمع السلاح في هذه الظروف اشبه بالمستحيل فان لم يكن مستحيلا ففي هذا صعوبة بالغة نشك في قدرة الحكومة الشرعيةعلى تنفيذها .والاخطر هو اعادة (تاهيل شباب اليمن) وتحويلهم من محاربين ربما يصبحوا مجرمين.. وقتلة وقطاع طرق.. الا اذا تم استيعابهم واعادتهم الي المدارس ..ليتلقوا تعليما يفيدهم افضل من البندقية .والا فان (اليمن) سوف ينتظر مولد جيل جديد ..من الاطفال الذين سوف يشبون على حب العلم ..والالتحاق بالمدارس ومعاهد التعليم.. بدلا من حمل السلاح والقتال على الجبهات.ولا يسعنا الا ان ندعو الله ان يحفظ اليمن وشبابها من كل مكروه. نقلا عن "رأي اليوم"